اعتبر اعترافها بها ومعالجة آثارها واجبا تاريخيا.. المؤرخ القورصو لـ"المساء":

تفجيرات فرنسا النّووية في صحرائنا ضرر مستدام

تفجيرات فرنسا النّووية في صحرائنا ضرر مستدام
  • 168
زين الدين زديغة زين الدين زديغة

أكد المؤرخ محمد القورصو، أن اعتراف فرنسا بتفجيراتها النّووية ومعالجة آثار هذا الملف وفق المطالب الجزائرية واجب تاريخي وإنساني، وأشار إلى أن البشر والحيوانات والطبيعة أصيبوا بمخلّفات هذه التفجيرات، معتبرا أن الظرف الحالي التصعيدي ضد الجزائر أعطاها بعدا آخرا.

اعتبر المؤرخ القورصو، في اتصال بـ "المساء" أن المطالب الجزائرية المتعلقة باعتراف فرنسا بتفجيراتها النّووية في الصحراء ومعالجة آثار هذه التفجيرات مطلب سياسي وتاريخي تم طرحه منذ سنة 1962، إلا أن الظرف الحالي التصعيدي أعطاه بعدا آخرا، مشيرا إلى أن الأمر يتعلق بظرفية سياسية تصعيدية من الطرف الفرنسي اتجاه الجزائر وتاريخها، حيث "قيل إن هذه الأخيرة لا تاريخ ولا شعب ولا دولة لها، وأن هذه الأرض كانت بورا". 

وشدد ذات المتحدث، على أن فرنسا ملزمة من الناحية التاريخية بتحقيق التزاماتها ووعودها التي لم تتحقق، مذكّرا بأن "باريس في عهد الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي التزمت بتنظيف الأماكن التي أجريت فيها التجارب النّووية إلى جانب التكفّل بالمرضى غير أن ذلك لم يتحقق".

وفي ذات السياق، قال القورصو، الذي يعد أيضا عضو لجنة المؤرخين الجزائرية-الفرنسية التي تشتغل على ملف الذاكرة بين البلدين، وينسّق أشغالها كل من المؤرخ محمد لحسن زغيدي، مع نظيره بنجامين ستورا "إن تكفّل فرنسا بالتزاماتها المتعلقة بتفجيراتها النّووية في صحرائنا يعد تحصيل حاصل باعتبار أن هناك شعبا متضررا ينبغي أن يعوّض، وهذا الضرر مستدام وعلى الطرف الذي ارتكب هذا الضرر أن يتحمّل تبعاته، والمتمثلة في تنظيف أماكن إجراء هذه التجارب وكذا التكفّل بالمرضى والتعويضات وغيرها".

وأردف أن فرنسا احتفظت بأرشيف التفجيرات النّووية والمواقع التي أجريت فيها والأماكن التي دفنت بها النفايات الناجمة عنها، متابعا بأن هناك أماكن لهذه التفجيرات معروفة من طرف سكان المنطقة وأماكن أخرى غير معروفة.

وبخصوص رفض السلطات الفرنسية، تسليم أرشيف تفجيراتها النّووية في الصحراء الجزائرية، والتي خلّفت العديد من الضحايا وأدت لتفشي أمراض خطيرة على غرار سرطانات الجلد والدم، وتسببت في انتقال أمراض أخرى عن طريق الوراثة على مستوى المناطق المتضررة من هذه الجريمة ضد الإنسانية، أفاد محمد القورصو، "بأن هذه التفجيرات مركبة من مجموعة من المواد الكيميائية والفزيائية وغيرها، ومحفوظة بالسر العسكري لذا ترفض تسليمها إلى الجزائر".

* زين الدين زديغة


 أكدوا تطور ملف التفجيرات النّووية الفرنسية بجنوب الجزائر.. مؤرخون وحقوقيون:

فرنسا مطالبة بتسليم الخرائط الطوبوغرافية للجزائر

أكد عدد من الخبراء والحقوقيين، أن فرنسا مطالبة بتسليم الخرائط الطوبوغرافية الخاصة بمواقع التفجيرات النّووية التي أجرتها إبّان الفترة الاستعمارية بالجنوب الجزائري، وتطهير مواقع هذه التفجيرات التي أحدثت تداعيات خطيرة على الإنسان والبيئة. 

وفي هذا الصدد، أوضحت الحقوقية فاطمة الزهراء بن براهم، في تصريح لـوكالة الأنباء، عشية إحياء الذكرى الـ65 للتفجيرات النّووية الفرنسية بمنطقة رقان (أدرار)، أن ملف هذه التفجيرات "تطور خلال السنوات الأخيرة، حيث يتم العمل على كشف الحقائق التي تسعى فرنسا إلى إخفائها من خلال تقارير مفبركة ومزوّرة لتبرئة نفسها من الجرائم التي اقترفتها ضد الشعب الجزائري".

وأكدت في ذات السياق على أهمية مواصلة الجهود لإجبار السلطات الفرنسية، على كشف مواقع النفايات النّووية ومطالبتها بدفع تكاليف الأضرار التي ترتبت عن هذه التفجيرات، مشيرة إلى أن الأمر يتعلق أساسا بـ«تنظيف المواقع الملوّثة وتسليم الخرائط الطوبوغرافية الخاصة بها وتوفير تدابير الرعاية والتعويض لجميع المرضى المصابين جراء هذه التفجيرات".

وشددت بن براهم، على ضرورة المطالبة بأن يتم الاعتراف بيوم 13 فيفري، باعتباره "اليوم العالمي لضحايا التفجيرات الذرية"، إضافة إلى "عقد مؤتمر دولي لإجبار الدول الملوّثة على تنظيف كل مواقع التفجيرات".

وأضافت بأنها "ستواصل المعركة خاصة في ظل تمادي فرنسا في أكاذيبها والتقارير الملفّقة التي تصدرها"، لافتة إلى أن "الجميع يعلم أن فرنسا هي من نفّذت تفجيرات نّووية في الصحراء الجزائرية ولم تكن مجرد تجارب".

بدوره أبرز الباحث في الهندسة النّووية، عمار منصوري، أهمية العمل من أجل "دحض الأكاذيب الفرنسية حول الأضرار التي نتجت عن التفجيرات النّووية"، داعيا إلى مواصلة النّضال لمطالبة فرنسا بتسليم الخرائط الطوبوغرافية لتفجيراتها النّووية في الصحراء الجزائرية، إلى جانب تنظيف المواقع الملوّثة وتعويض المتضررين.

من جهته اعتبر الباحث في التاريخ، محمد لحسن زغيدي، أنه "حان الوقت لأن تتحمّل فرنسا مسؤوليتها الجنائية إزاء تفجيراتها النّووية في الصحراء الجزائرية، والتي تعد من أكبر الجرائم ضد الإنسانية"، بالنّظر ـ كما قال ـ لكون التلوث الإشعاعي النّاجم عنها "لا يزول بعد وقت معين، بل تمتد آثاره لآلاف السنين".

وفي ذات المنحى تطرق أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة البليدة 2، بن يوسف تلمساني، إلى الأهمية التي تكتسيها متابعة هذا الملف من خلال "التحرك القوي والتعبئة المستمرة لإجبار فرنسا على تحمّل مسؤولياتها إزاء ما تسبّبت فيه من تلوث للبيئة، وما خلّفته من أضرار على الإنسان والحيوان".

* ق. س 


أكد أنها ملزمة بإخبار الجزائر بمناطق التفجيرات النّووية وتنظيفها.. سلاقجي:

يجب أن تتحمّل فرنسا مسؤوليتها كاملة

أكد رئيس مؤسسة 8 ماي 1945، عبد الحميد سلاقجي، أن فرنسا مطالبة بتحمّل مسؤوليتها كاملة بخصوص التفجيرات النّووية التي أجرتها إبّان الفترة الاستعمارية في جنوب الجزائر.

وتطرق سلاقجي، الذي يناضل بلا هوادة منذ سنوات من أجل أن تعترف فرنسا بجرائمها بالجزائر، إلى السياق التاريخي الذي أحاط بأولى التفجيرات النّووية على الأراضي الجزائرية، قائلا إن "فرنسا التي شعرت بالإذلال بعد اجتياح القوات النازية لباريس في 14 جوان 1940، دون مقاومة تذكر قررت تسريع وتيرة التسلّح النّووي حتى قبل قيام الجمهورية الخامسة في أكتوبر 1958، بهدف الالتحاق بالقوى النّووية الكبرى آنذاك مثل الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفياتي والمملكة المتحدة".

وأشار سلاقجي، في تصريح لـوكالة الأنباء بمناسبة إحياء الذكرى الـ65 لهذه التفجيرات، أن "فرنسا عندما قررت بقيادة الجنرال شارل ديغول، تنفيذ أولى تفجيراتها النّووية اختارت الأراضي الجزائرية التي كانت تحتلّها وتنهبها بلا خجل، ونفذتها دون أي اعتبار للعواقب التي قد تلحق بالسكان الأصليين الذين جردوا من أراضيهم".

وأوضح سلاقجي، أن فرنسا الاستعمارية كانت تعتبر الجزائريين آنذاك بمثابة "شبه مواطنين" محرومين من أبسط حقوقهم وكان مصيرهم يشكل آخر اهتمامات الجنرال ديغول، تماما كما حدث في 8 ماي 1945، عندما ارتكبت قواته مجازر بحق عشرات الآلاف من الجزائريين الذين كان "ذنبهم الوحيد" هو أنهم طالبوا بحريتهم.

ولم يكن بإمكان الجزائريين حتى الاعتراض على التفجيرات النّووية التي أجرتها فرنسا بمنطقة رقان، والتي حملت تسمية "الجربوع الأزرق" في 13 فيفري 1960، لتتبعها تفجيرات "الجربوع الأبيض" في 1 أفريل 1960، و«الجربوع الأحمر" في 27 ديسمبر 1960 و«الجربوع الأخضر" في 25 أفريل 1961.

وفي هذا السياق علق سلاقجي، على اختيار اسم "الجربوع"، وهو حيوان من القوارض يعيش بجنوب الجزائر، معتبرا ذلك بمثابة "دليل آخر على الخبث الاستعماري الفرنسي، إذ ربط هذا الكائن الوديع بأكثر الأسلحة فتكا على الإطلاق".

وأضاف قائلا: "نحن نضع في مقدمة أولوياتنا الدفاع عن حقوق جميع شهداء الجزائر منذ أولى حركات المقاومة للغزو الفرنسي إلى غاية الثورة التحريرية مرورا بمجازر 8 ماي 1945".

وأكد سلاقجي، بأن المؤسسة التي يرأسها تؤيد مسعى رئيس الجمهورية، السيّد عبد المجيد تبون، الذي دعا خلال مقابلة مع التلفزيون العمومي، فرنسا إلى تحمّل مسؤولياتها وتنظيف المواقع التي أجرت فيها التفجيرات النّووية، خاصة وأن هناك أناسا ما زالوا يموتون وآخرون يعانون.

كما استدل سلاقجي، بالتصريحات التي أدلى بها رئيس الجمهورية، في حوار أجرته معه مؤخرا صحيفة "لوبينيون" الفرنسية حيث قال: "هذا أمر ضروري، فملف تطهير مواقع التفجيرات النّووية إلزامي من الناحية الإنسانية والأخلاقية والسياسية والعسكرية. كنا نستطيع القيام بذلك مع الأمريكيين والروس والإندونيسيين أو الصينيين، لكننا نرى أنه ينبغي أن يتم ذلك مع فرنسا التي يتوجب عليها إخبارنا بدقّة عن المناطق التي أجرت فيها تلك التفجيرات وأين دفنت المواد النّووية".

للإشارة، فإن فرنسا الاستعمارية قامت يوم 13 فبراير 1960، بإجراء أولى التفجيرات النّووية لها بمنطقة رقان تحت اسم "الجربوع الأزرق"، تلتها تفجيرات عديدة أخرى، ولا تزال تداعيات إشعاعاتها النّووية جليّة إلى اليوم، مع ما تسبّبت فيه من أضرار جسيمة للإنسان والبيئة والحيوان.

* ق. س