اعتبر الاستعمار جريمة دولة تتحمّل فرنسا مسؤوليتها القانونية والأخلاقية.. بوغالي:

تجريم الاستعمار قضية شعب والجزائر متمسّكة بحقها

تجريم الاستعمار قضية شعب والجزائر متمسّكة بحقها
رئيس المجلس الشعبي الوطني، السيد إبراهيم بوغالي
  • 334
زين الدين زديغة زين الدين زديغة

❊ الجرائم ضد الإنسانية لا تمحى بالتقادم ولا تغلق ملفاتها بالصمت

❊ الدفاع عن الحقيقة التاريخية أمام محاولات الطمس والتبرير والانتقاص

❊ حماية الذاكرة الوطنية من التشويه وتكريس حق الأجيال في معرفة تاريخها

❊ تعداد جرائم الاستعمار وتحديد مسؤولية فرنسا عن ماضيها الاستعماري

❊ آليات للمطالبة بالاعتراف والاعتذار وإقرار تدابير تجرّم تمجيد الاستعمار 

❊ مقترح القانون لا يستهدف الانتقام أو تأجيج الأحقاد

❊ رؤساء الكتل البرلمانية: إعادة العدالة التاريخية لنصابها

أكد رئيس المجلس الشعبي الوطني، السيد إبراهيم بوغالي، أمس، أن اقتراح القانون المتعلق بتجريم الاستعمار الفرنسي، يندرج ضمن رؤية وطنية شاملة لتعزيز السيادة الوطنية وتحصين القرار السياسي وترسيخ مرجعية التاريخ في بناء الحاضر واستشراف المستقبل، بما ينسجم مع تطلعات الشعب الجزائري في دولة قوية بذاكرتها وثابتة في مواقفها وواثقة في خياراتها.

أوضح بوغالي في رده على تدخلات رؤساء المجموعات البرلمانية خلال جلسة علنية خصّصت لعرض مقترح القانون المتعلق بتجريم الاستعمار الفرنسي، بحضور وزير المجاهدين عبد المالك تاشريفت وأعضاء من الطاقم الحكومي والأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين، أن هذا النصّ يندرج في صميم مسؤوليات الدولة الجزائرية من خلال مؤسساتها الدستورية المنتخبة، في تحمل واجبها التاريخي والأخلاقي تجاه ملايين الشهداء والضحايا، والدفاع عن الحقيقة التاريخية في وجه محاولات طمس أو التبرير أو الانتقاص، بما يضمن صون الذاكرة الوطنية وحمايتها من التشويه، ويكرّس حق الأجيال الحاضرة والقادمة في معرفة تاريخها كاملا غير منقوص.

وثمّن ما اعتبره “الروح الوطنية العالية والوعي السياسي الراقي الذي طبع النقاش والذي يعكس بجلاء إجماع وطني صادق حول مركزية هذا الملف التاريخي والسيادي في مسار بناء الدولة الجزائرية الحديثة"، معتبرا المداخلات على اختلاف زوايا معالجتها، بينت إدراك عميق لحساسية ملف الذاكرة الوطنية ووعي راسخ بأن "قضية الاستعمار ليست مجرد محطة من الماضي، بل هي محطة مرتبطة بالسيادة والهوية والعدالة التاريخية وبحق الشعب الجزائري في الاعتراف بما تعرض له من جرائم ممنهجة طالت الإنسان والأرض والبيئة والثقافة والتاريخ والموارد".

ولدى عرضه لمقترح هذا القانون، قال رئيس المجلس، الذي ناب عن اللجنة التي تكفلت بصياغته، إنّ مسألة تجريم الاستعمار هي قضية شعب بأكمله تذوب فيها الحساسيات وتلغى الاختلافات، معتبرا أن الجلسة “ليست إجراء برلمانيا روتينيا، بل فعل سيادي بامتياز وموقف أخلاقي صريح ورسالة سياسية واضحة، تعبر عن تمسك الجزائر بحقها غير القابل للتصرف وعن وفائها لتضحيات شعبها ولرسالة شهدائها".

وأوضح أن اقتراح هذا القانون، بما يتضمنه من تعداد لجرائم الاستعمار الفرنسي، وتحديد لمسؤولية الدولة الفرنسية عن ماضيها الاستعماري، ووضع لآليات المطالبة بالاعتراف والاعتذار، وإقرار لتدابير جزائية تجرم تمجيد الاستعمار أو الترويج له، “ليس موجها ضد شعب، ولا يستهدف الانتقام أو تأجيج الأحقاد، بل ينطلق من مبدأ مكرس مفاده أن الجرائم ضد الإنسانية لا تمحى بالتقادم، ولا تبرر بالقوة ولا تغلق ملفاتها بالصمت”.

وبعدما ذكر بالمشروع الاستعماري الفرنسي المتكامل الأركان، أكد بوغالي أن اقتراح قانون تجريم الاستعمار هو فعل وفاء قبل أن يكون نصّا قانونيا، وهو دفاع عن الحقيقة قبل أن يكون موقفا سياسيا، ورسالة واضحة إلى الداخل والخارج بأن الذاكرة الوطنية الجزائرية ليست قابلة للمحو أو المساومة، وأن بناء الحاضر واستشراف المستقبل لا يمكن أن يقوم على إنكار الماضي أو القفز عليه.

وفي تفصيله للنص، أشار رئيس المجلس إلى أن اقتراح هذا القانون المبني على مبادئ قانونية مكرسة دوليا، جاء في 27 مادة، ليؤكد أن الاستعمار الفرنسي للجزائر هو جريمة دولة تتحمل فرنسا مسؤوليتها القانونية والأخلاقية فيها. كما تم إدراج بعض الجرائم المرتكبة في حق الشعب الجزائري "وهي لا تغطي حتما جريمة الاستعمار في بعدها التاريخي والفلسفي، والتي ترتب عليها توقيف تطور شعب بكامله لأكثر من 132 سنة، إلى جانب إدراج أحكام تتعلق بالاعتراف الكامل، بالمسؤولية القانونية، والاعتذار الرسمي عنها، بالإضافة إلى رد الاعتبار المادي والمعنوي، وإقرار تدابير جزائية تجرم تمجيد الاستعمار أو الترويج له".

وسجل بوغالي اعتزازه بالشعب الجزائري صاحب الحق وحارس الذاكرة الوطنية، واعتبر مقترح القانون، أحد ثمار نضاله الطويل وإصراره المستمر على الدفاع عن سيادته وكرامته، مشيرا إلى أن اقتراح قانون تجريم الاستعمار ليس موجها للماضي بقدر ما هو التزام تجاه المستقبل، وعهد للأجيال القادمة بأن تبقى الجزائر وفية لتاريخها، ثابتة على مبادئها مدافعة عن كرامة شعبها وساعية إلى عالم يسوده العدل والسلام. بدورهم، ثمّن رؤساء المجموعات البرلمانية، مقترح نصّ القانون. واعتبروه بمثابة إعادة العدالة التاريخية لنصابها والتأكيد بأن الجرائم المرتكبة في حق الجزائريين لن تسقط بالتقادم، موضحين أن النصّ بمثابة تصحيح لمسار التاريخ ورسالة لمن يريدون تغيير الحقائق.