مبرزا الأهمية البالغة للاتفاقيات الموقّعة بين الجزائر وألمانيا.. الخبير طرطار:
الهيدروجين الأخضر.. خيار اقتصادي بأبعاد استراتيجية
- القراءات: 574
❊ الجزائر تتحوّل إلى منفذ طاقوي لألمانيا بفضل الممر الجنوبي للهيدروجين
أكد الخبير الطاقوي أحمد طرطار، أن الجزائر وألمانيا دخلتا مرحلة هامة في تعاونهما الطاقوي، بعد توقيع إعلان نوايا مشترك لتطوير التعاون في مجال الهيدروجين والإمضاء على عدد من الاتفاقيات بين شركات البلدين، بمناسبة الزيارة التي قام بها نائب المستشار الألماني ووزير الاقتصاد وحماية المناخ روبرت هابيك للجزائر.
لفت الخبير طرطار، في تصريح لـ"المساء"، أمس، بشأن الاتفاقيات الطاقوية التي وقعت الخميس الفارط بين الجزائر وألمانيا في مجال الهدروجين الأخضر، إلى الأهمية التي يكتسيها هذا التطوّر في العلاقات الطاقوية بين البلدين، "والتي تنوّعت بين تزويد ألمانيا بالغاز الجزائري لأول مرة عبر الأنابيب، وكذا تعزيز الشراكة في مجال إنتاج وتسويق الهيدروجين الأخضر، إضافة إلى الاستفادة من الخبرات الألمانية في مجال الطاقات المتجددة، لاسيما الطاقة الشمسية".
وبخصوص ملف الهيدروجين الأخضر، ذكر محدثنا أن الجزائر أخذت على عاتقها منذ 2022 برمجة واستهداف إنتاج الهيدروجين الأخضر، حيث يتوقع أن تكون أولى البدايات في هذا المجال مطلع 2025، مشيرا إلى أن الاتفاقية الموقّعة بين البلدين تكرّس هذه الاستراتيجية، من خلال إبرام عقد شراكة متوسط المدى، يقضي بتزويد ألمانيا بهذا المنتوج الطاقوي الجديد المستخرج أساسا من الغاز، والذي سيسمح باستكمال الإجراءات التي ستمكن الجزائر من إنتاج كميات هامة من الهيدروجين الأخضر، تسمح لها بتلبية الطلب الألماني أولا، ثم الطلبات الأخرى، لاسيما الطلب الإيطالي.
في هذا الصدد، عاد الخبير إلى التذكير بزيارة المندوب الأوروبي جوزيب بوريل للجزائر نهاية السنة الماضية، والتي أكد خلالها على إمكانية تزويد الجزائر بالتكنولوجيا اللازمة والتمويل اللازم لإنتاج الهيدروجين الأخضر، وهي نفس الرغبة التي عبرت عنها رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني خلال زيارتها للجزائر، حين أكدت على حاجة أوروبا وضمنها إيطاليا للتزوّد بالهيدروجين الأخضر في سياق عملية الانتقال الطاقوي، مبدية استعداد إيطاليا لتفعيل شراكة متميزة مع الجزائر لإنتاجه وتسويقه إلى أوروبا. وتبرز كل هذه التصريحات، حسب طرطار، أن تطوير الهيدروجين الأخضر بالجزائر "يتكرس شيئا فشيئا".
وأشار الخبير إلى التوقيع على مذكرة تفاهم بين سوناطراك والشركة الألمانية "في أن جي هاندل وفيرتريب جي إم بي أيش" لإمداد ألمانيا بالغاز الطبيعي على المدى المتوسط، لأول مرة عبر الأنابيب، وعلى مذكرة تفاهم بين سونلغاز والجمعية الألمانية للصناعة في مجال الطاقة الشمسية، من أجل تعزيز القدرات الوطنية في المجال التقني، عبر تبادل الخبرات الفنية، والتي ستمكن على المدى المتوسط، حسبه، من التحكم في كل المهارات، بهدف التصنيع والإدماج المحلي للمعدات في الطاقة الشمسية، إضافة إلى التوقيع على مذكرة تفاهم بين شركة خاصة جزائرية وشركة ألمانية تنشطان في مجال إنتاج البطاريات الموجّهة لقطاع الطاقات المتجدّدة تدوم لـ10 سنوات.
واعتبر محدثنا هذه المشاريع "واعدة"، كونها ستسمح بتحويل التكنولوجيا التي تمتاز بها الشركات الألمانية، سواء من خلال التصنيع أو الإدماج المحلي للمعدات، وبعث شبه نشاط مستدام للطاقة الشمسية، يؤدي لا محال إلى توفير إمكانيات كبيرة للجزائر تنعكس على الإطار المعيشي.
وتعوّل الجزائر على التعاون مع ألمانيا في مجال التقنيات الجديدة للطاقة، وهي ترغب، مثلما أوضحه وزير الطاقة والمناجم محمد عرقاب، في تجسيد هذا التعاون من خلال تنفيذ مشاريع مشتركة مفيدة للطرفين، بالأخص في الطاقات المتجدّدة وتطوير الهيدروجين ومشروع الممر الجنوبي للهيدروجين.
وفي تحليله لهذا التطوّر الهام في العلاقات الثنائية في المجال الطاقوي، قال الخبير طرطار، إنها "أمر عادي"، مبررا ذلك بكون ألمانيا التي دأبت على التزوّد بأحجام كبيرة من الغاز الروسي لتلبية أغلب احتياجاتها، وجدت نفسها مضطرة للبحث عن بدائل بعد توقف الإمداد من روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا.
وقال "إن ألمانيا التي اضطرت للجوء إلى بدائل مختلفة وحتى استخدام الفحم الذي يعد طاقة أحفورية جد ملوّثة، تجد الآن منفذا بالجزائر التي لها باع كبير في تموين أوروبا بالطاقة وتتميز بتعاون مثمر مع شركائها في هذا المجال.. لذا مدت ألمانيا يدها للجزائر لتحقيق هذا التعاون عبر التمويل والتزويد بالتكنولوجيا الحديثة التي تحتاجها الجزائر لتطوير الطاقات المتجددة، ما يمكننا من القول بأنها شراكة منسجمة بين البلدين".