في اجتماع تقييميّ صريح مع وزير التجارة أمس:

المصدّرون يحددون خمس عراقيل تعطّل التصدير

المصدّرون يحددون خمس عراقيل تعطّل التصدير
  • 826
جميلة. أ جميلة. أ

أجمع رؤساء المؤسسات الوطنية المصدّرة على أن أكبر عائق يحول دون إنجاح وتسريع عمليات التصدير في بلادنا، يكمن في الآليات التي يتعامل بها بنك الجزائر، الذي لم يكيف إجراءاته مع متطلبات سوق التصدير، لاسيما فيما يتعلق بقانون الصرف، الذي حسب وزير التجارة، يتضمن بنودا مجحفة في حق المتعاملين. بختي بلعايب الذي اجتمع أمس بالمصدّرين، وعد برفع الانشغالات المطروحة إلى الوزارة الأولى وحلها في أقرب وقت ممكن، واصفا عمليات التصدير خلال الشهرين الأخيرين، بالمشجعة، خاصة أنها سجلت مداخيل تقارب 240 مليون دولار خلال وقت وجيز.

أكبر المصدرين في السوق الوطنية الناشطون في مجال الصيدلة والأجهزة الإلكترومنزلية والمواد الغذائية اجتمعوا أمس مع وزير التجارة السيد بختي بلعايب في إطار خلية الإصغاء ومتابعة عمليات التصدير المنصبة مؤخرا على مستوى الوزارة الوصية، لبحث أهم الانشغالات والعراقيل التي تحول دون تحقيق إقلاعة تصديرية حقيقية. اللقاء الذي فُتح على وسائل الإعلام عرف نقاشا صريحا ودقيقا، لم يغفل فيه المتعاملون أي جانب يتعلق بالتصدير؛ ما سمح بحصر أهم الانشغالات والعراقيل.

لجنة الإصغاء والمتابعة المستحدثة مؤخرا تعكف على تسجيل كل مشاكل المصدّرين والمتعاملين قبل رفعها إلى لجنة الصادرات خارج المحروقات المستحدثة مؤخرا على مستوى الوزارة الأولى، والتي من شأنها اتخاذ إجراءات فورية وعاجلة لحل المشاكل المستعجلة، هذا ما شرع فيه مؤخرا بقرار الوزير الأول عبد المالك سلال وقف عملية التسجيل الإلكتروني المسبق، الذي عطّل الصادرات منذ 15 مارس الماضي، وأمر سلال محافظ بنك الجزائر برفع الإجراء الإلكتروني لمدة سنة على الأقل، خاصة أنه كبح عملية ترقية الصادرات التي شرع فيها.

قانون الصرف هو أحد أهم الإشكاليات التي وقف عندها المصدّرون الذين طالبوا بنك الجزائر وبإلحاح كبير، برؤية جديدة لمعالجة هذه النقطة التي تُعد أساسية في عملية التصدير. البنك الذي وجهت له العديد من الاتهامات المتعلقة بالبيروقراطية وعدم مواكبة التطور، مطالب بإجراء تصحيحات ومراجعات عميقة من شأنها تحريك الأمور. وفي الموضوع يؤكد رئيس جمعية المصدرين الجزائريين السيد باي ناصري، أنه حان الوقت لتتخذ الحكومة إجراءات وتصحيحات بقانون الصرف وإعادة النظر فيه؛ باعتباره مشكلا يحول دون ترقية الصادرات الجزائرية.

رئيس الجمعية المطلع على ملف التصدير من جميع جوانبه لم ينف وجود الإرادة السياسية للحكومة لتطوير قطاع الصادرات، إلا أن الإرادة لم تترجم في الميدان ولم تستجب لها أهم القطاعات التي تدخل في عملية التصدير، على غرار النقل الذي يُعد الحلقة المهمة المفقودة في العملية على اعتبار أن طلب حاوية لدى مصالح الميناء مازال مشكلا قائما وصعب التحقيق. كما أن غياب متعاملين يتكفلون بشحن ونقل البضائع زاد من متاعب المصدرين الميدانية.

مراجعة بعض المراسيم والنشريات الوزارية بات ضروريا يقول السيد ناصري الذي عاد إلى النشريتين الصادرتين عن وزارة التجارية برقم 96 /22 و03 /10 واللتان تجرمان وتعاقبان المصدر الذي يعتبر في نظر المادتين مهربا للعملة، ويغرم بمبالغ كبيرة وعقوبات تصل حد السجن في حال فشل عملية تصدير بقيمة لا تتعدى 2000 دولار وهذا ما يخيف المصدرين ويربكهم. رئيس الغرفة الوطنية للتجارة والصناعة السيد العيد بن أعمر وباعتباره أحد أهم المنتجين الذين نجحوا في تخطي عتبة التصدير بنجاح، عاد في تدخله مع الوزير إلى بعض النقاط الهامة، مشيرا إلى الرخص المطبقة على الجزائر في بعض المواد على غرار البطاطا التي لم يصدر منها سوى 5000 طن في حين تستورد الجزائر أزيد من 45 الف طن من بذور البطاطا وهو ما يمكنها "منطقيا" من تصدير 45 ألف طن على الأقل من منتجات البذور إلا أن الحاصل هو العكس.

المتحدث أضاف أن تحديد تواريخ معينة للتصدير وحصرها ما بين شهري جانفي ومارس لا يخدم الانتاج خاصة إذا عرفت باقي شهور السنة وفرة في المحصول وهذا غير مقبول الأمر الذي يتطلب مراجعة لبعض الاتفاقيات بإشراك المهنيين بالاضافة إلى إجراء دراسة مقارنة بين ما هو حاصل في بلادنا ودول الجوار وتلك التي نجحت في تخطي عتبة التصدير على غرار تركيا وكوريا للاستفادة من تجاربهم وخبرتهم ربحا للوقت. قاعدة المبادلة والمعاملة بالمثل في تمرير المنتجات، هي نقطة من بين أخرى تطرق إليها المصدرون خاصة الناشطين في القطاع الصيدلاني الذين استنكروا رفض بعض الأسواق العربية على غرار الأردن ومصر لمنتجات صيدلانية وطبية جزائرية في حين تضيق السوق الجزائرية بمنتجاتهم التي تعدت الـ100 صنف، وفي الموضوع اعترف الوزير بلعايب بضرورة ان تلعب السياسة الحكومية دورها في فرض منتجاتها بالأسواق المتعامل معها من خلال فرض منطق المبادلة والمعاملة بالمثل مع التركيز على أحقية الجزائر في تسجيل منتجاتها بذات الدول.

بلعايب يواصل عمليات التطهير وإنهاء "التلاعب": إقالة مديرين مركزيين بوزارة التجارة

كشفت مصادر مطلعة لـ"المساء" أن وزير التجارة، بختي بلعايب، أقال في ساعة متأخرة من مساء أول أمس كلا من مدير المالية والوسائل العامة والمديرة الفرعية لعمليات الميزانية والمحاسبة بالوزارة، القرار جاء كنتيجة طبيعية لسلسلة التحقيقات التي فتحتها وزارة التجارة منذ العام الماضي مع مديريات عدة كخطوة لتطهير القطاع على خلفية عجز في التسيير وشكوك حول تلاعبات مالية. المدير المقال –حسب مصادرنا- تم اقتراحه لتقلد المنصب إلا أن الوظيف العمومي رفض، بحجة أن مستوى هذا الأخير غير متطابق مع منصب المسؤولية الموكلة إليه وهو ما يفتح العديد من التساؤلات حول كيفية توظيف المدير المقال من قبل الوزير السابق للقطاع الأمر الذي دفع بالوزير إلى الفصل بإقالة المعني. وكانت "المساء" قد تطرقت في أعداد سابقة (نهاية ديسمبر2015) إلى الصرامة التي يتعامل بها بختي بلعايب العائد إلى وزارة التجارة، بنفس تطهيري صارم، حيث أعطى أمرا للمفتشية العامة للوزارة، بفتح تحقيقات معمّقة حول تعاملات تحوم حولها الشكوك على مستوى مركزي وكذا على مستوى المديرية العامة للسجل التجاري، بالاضافة إلى اختفاء مبالغ مالية هامة. 

تحقيقات أولية كانت قد كشفت عن وجود حسابات خاصة ومشبوهة حولت إليها أموال تم جمعها لدى ممولين ساهموا في تنظيم الندوة الوطنية حول التجارة الخارجية التي أقيمت شهر أفريل 2015 بقصر الأمم بنادي الصنوبر لتغطية تكاليفها لكن لم يتوصل إلى تحديد وجهتها –حسب المصدر- لوجهة مجهولة. وتؤكد مصادرنا، أن أول رد فعل مباشر للوزير جاء بعد تمعن وتدقيق، وكان بإنهاء مهام العديد من الإطارات بالوزارة وإجراء تحويلات طالت البعض الآخر والعملية متواصلة إلى حين الانتهاء من التحقيقات، علما أن أبرز المناصب بالوزارة إما شاغرة وإما بالنيابة. الوزير بلعايب ومنذ تعيينه على رأس القطاع، وقف على العديد من التجاوزات التي مست جوانب مختلفة، أبرزها مشكل التوظيف والترقيات العشوائية التي لم تراع فيها الشروط القانونية والكفاءات ومعلوم أن السيد بلعايب يعرف بصرامة التسيير والشفافية في التعامل والانضباط التام.

اعتبر تكييف أحكام الشراكة مع الاتحاد الأوروبي أولوية، بلعايب: مصلحتنا في الانضمام للمنظمة العالمية للتجارة مؤجلة

أكد وزير التجارة، بختي بلعايب، أن تكييف اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي الجاري حاليا يعد "عنصرا أساسيا" وأولويا بالنسبة للجزائر ضمن مسار انضمامها للمنظمة العالمية للتجارة. وقال الوزير خلال لقاء جمعه أمس مع المصدرين الناشطين في مجال الصيدلة والأجهزة الإلكترومنزلية والمواد الغذائية في إطار خلية متابعة نشاطات التصدير إن مراجعة بعض أحكام الاتفاق سيشكل قاعدة قوية من شأنها تعزيز مكانة الجزائر وتمكنها من مواصلة مسار الانضمام في ظروف أخرى. السيد بختي بلعايب وبلغة صريحة، أكد أنه ليس للجزائر حاليا أية مصلحة في الانضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة. مبرزا أن التوصل إلى تكييف الإنفاق سيعود بالفائدة على الجزائر بخصوص مفاوضات انضمامها إلى المنظمة العالمية للتجارة، مذكرا في السياق أن الشريك الأوروبي يمثل ثلثي المبادلات التجارية للجزائر بأكثر من 50 مليار دولار أمريكي سنويا. 

في السياق، أوضح الوزير أن الجزائر التي قدمت سنة 1987 طلبها للانضمام إلى هذه المنظمة التي تمثل 98 بالمائة من المبادلات التجارية الدولية ستواصل مسارها لكن يجب عليها أن تتكيف مع قواعد هذه المنظمة أولا. معترفا بصعوبة الملف والتعقيدات التي يعرفها، علما أن الجزائر تلقت منذ انعقاد الجولة الأخيرة من المفاوضات متعددة الأطراف في مارس 2014 حوالي 100 سؤال إضافي تمت دراسته من قبل مختلف الدوائر الوزارية. الأسئلة تتعلق بالتشريع الجزائري وتكييفه مع قواعد المنظمة العالمية للتجارة، علما أن الجزائر أجرت إلى حد الآن 12 جولة من المفاوضات متعددة الأطراف سمحت بمعالجة أكثر من 1.900 ملف يتعلق بالمنظومة الاقتصادية الوطنية، كما عقدت الجزائر أكثر من 120 اجتماعا ثنائيا مع حوالي 20 بلدا، حيث توجت هذه اللقاءات بإبرام 6 اتفاقات ثنائية مع كوبا والبرازيل والاوروغواي وسويسرا وفنزويلا والأرجنتين، فيما تواصل الجزائر مفاوضاتها مع 19 بلدا عضوا، حيث تعرف هذه المفاوضات تقدما مع 12 دولة منها.

في خطوة نحو تجسيد دبلوماسية تجارية: لعمامرة يأمر السفراء بمرافقة المصدرين

أعطى وزير الدولة وزير الخارجية والتعاون الدولي السيد رمطان لعمامرة تعليمات صارمة إلى كل سفاراتنا وتمثيلياتنا الدبلوماسية بالخارج وعبر العالم، لتوفير الخدمات اللازمة لكل المتعاملين الاقتصاديين والمصدرين الجزائريين الراغبين في ولوج الأسواق الأجنبية. تعليمة الوزير لعمامرة المؤرخة بتاريخ 8 مارس الماضي والتي اطلعت عليها "المساء" جاءت لتدعم جهود الحكومة ووزارة التجارة في عملية الرفع من صادراتنا خارج المحروقات وتشجيع المنتوج الوطني بالترويج له في الأسواق الخارجية. السفارات والتمثيليات الدبلوماسية ستكون من الآن فصاعدا في خدمة المصدر والعلامة الجزائرية التي سيتم الترويج لها انطلاقا من مقرات السفارات التي ستعرض تشكيلات مختلفة من المنتجات سواء التقليدية أو الغذائية وغيرها. وتطالب التعليمة العاملين في السفارات بمساعدة المصدرين والمتعاملين ومرافقتهم في عملية البحث عن الأسواق والتواصل وتسوية جميع الإجراءات والتعاملات في البلد المعني.  

التعليمة وان جاءت متأخرة، إلا أنها ستعطي دفعا قويا لإجراءات الحكومة الأخيرة الرامية الى تشجيع الصادرات خارج قطاع المحروقات، كما أنها ستحرك دبلوماسياتنا بالخارج والتي لم تعد تؤدي دورها المنطقي والمتمثل في الترويج للبلد الأصلي والتعريف به من خلال تبني سياسات متعددة ولعل التوجه نحو الدبلوماسية التجارية سيحل من عقدة التصدير خاصة وأن الدبلوماسية الجزائرية معروفة حنكتها وقوتها فلم لا في القطاع التجاري.