المختص في أدب الطفل سعيد بهون:

الأولياء مطالبون بضمان التنشئة الثقافية لأبنائهم

الأولياء مطالبون بضمان التنشئة الثقافية لأبنائهم
  • القراءات: 703
❊رشيدة بلال ❊رشيدة بلال

نشط الدكتور سعيد علي بهون، المختص في أدب الطفل بمدرسة دار القرآن "الشيخ أحمد سحنون" بالعاصمة مؤخرا، محاضرة بعنوان "التنشئة الثقافية للأطفال". دعا خلالها الأولياء إلى ضرورة التركيز في تنشئة أبنائهم على ثلاثة أبعاد  أساسية، تتمثل في البعد الفكري والوجداني والمهاري، محذرا في السياق، من أن حدوث أي خلل في هذه الأبعاد من شأنه  إحداث خلل في عملية التنشئة، سرعان ما تظهر على سلوك الأبناء.

ارتأى بهون في بداية محاضرته، أن يشرح للأولياء الذين توافدوا بكثرة على قاعة المحاضرات بدار القرآن، المقصود بعبارة "التنشئة الثقافية للأطفال"، حيث قال بأنها تعني العمل على إعداد الأطفال من جميع الجوانب، مع مراعاة خصوصية كل مرحلة عمرية، موضحا أن الهدف من الاهتمام بثقافة الطفل هو الوصول إلى إكسابه أساليب العيش الصحيحة، بما يتوافق ـ طبعا ـ والمجتمع الذي يعيش فيه، مشيرا إلى أن ثقافة الأطفال عموما لها ملامح مختلفة، فثقافة طفل العاصمة تختلف عن ثقافة ابن الصحراء، بالنظر إلى خصوصية كل منطقة، غير أن الأكيد أن ثقافتهم تتسم بكونها مسلية وممتعة يغيب فيها الأمر والنهي والإلزام.

بعدها، عرج المحاضر للحديث عن أهمية التنشئة الثقافية للأطفال، حيث أشار في معرض حديثه إلى أنها تتمثل في الوصول إلى ما يسمى بالتكليف، أي أن الطفل يشعر بأنه مكلف ويقوده إلى الشعور بالانتماء إلى مجتمعه، ومنه التفاعل معه بإيجابية، يردف "كل هذا يقودنا إلى طرح إشكالية أخرى غاية في الأهمية وهي "أطفالنا والهوية"، أو بمعنى آخر؛ أية هوية نريد لأطفالنا"؟، ليجيب بالقول؛ نحن مطالبون عندما نتعامل مع أبنائنا، بالتركيز في عملية التنشئة الثقافية على ثلاثة أبعاد تمثل الهوية، ويشرح؛ أولا البعد الفكري الذي يقصد به كل ما يخص الجانب العلمي والمرجعية والتصورات والقناعات التي ينبغي أن يتم تبنيها في التعامل مع الآخر والتعايش والانفتاح والتميز، كل هذه العناصر لابد من التركيز عليها، بينما يتمثل البعد الثاني في الجانب الوجداني الذي هو عبارة عن مجموعة من القيم التي يجب أن يربى عليها الأطفال، كخلق الاحترام وتعزيز الانتماء للوطن والأسرة وزرع الثقة ـ خاصة ـ،  يقول بأننا نعرف جيدا أن الأطفال يملكون طاقات عجيبة تحتاج إلى العناية وإلى بيئة مناسبة لتنمو، إلى جانب التركيز على التفاؤل الذي يفتح دائما أبوابا جديدة، وهو مطلوب شرعا وقانونا، داعيا بالمناسبة الأولياء في هذا الخصوص إلى الابتعاد عن مختلف وسائل الإعلام التي تبعث على التشاؤم وتستهدف الإثارة فقط. وأخيرا البعد المهاري الذي يتلخص في مجموعة من القيم التي أصبحنا نفتقدها في مجتمعنا، ممثلة في الإتقان والانضباط والتفاني في العمل والتخطيط للمستقبل، وهي عموما جملة من المهارات تكتسب ويجب تعويد الأبناء عليها.

من جهة أخرى، أشار المحاضر إلى أننا عندما نبحث عن هذه  الأبعاد الثلاثة مجتمعة في أبنائنا، نجدها متوفرة إلى حد ما، بدليل وجود بعض النماذج الناجحة في بعض الجوانب، غير أن المشكل المطروح يقول "هو أننا نجد بعض الأسر عند التنشئة الثقافية لأبنائهم، يركزون على جوانب معينة ويهملون جوانب أخرى، مما يعني أن التنشئة المتكاملة غير واردة، وهو ما نسعى إلى لفت الانتباه إليه للوصول إلى تنشئة متوازنة".

ربط المحاضر بين التنشئة الثقافية للأطفال وهوس الألعاب الإلكترونية، ودعا الأولياء للانتباه إلى كل ما يقوم به أطفالهم، عندما يتصلون بالعالم الافتراضي، موضحا أن ما حصدته لعبة "الحوت الأزرق" من ضحايا لا يقارن بخطورة باقي الألعاب الإلكترونية الأخرى التي لا تظهر نتائجها سريعا، وإنما تظهر على المدى البعيد وتقتل فيهم البعد المهاري والقيمي، مشيرا إلى أن مسؤولية ما يحدث للأطفال اليوم يقع على عاتق الأولياء. بالمناسبة، قدم مجموعة من التوجيهات للأولياء، حثهم من خلالها على تجنب المنع والقهر والتجريم وتبني سياسة الرقابة والتوجيه والمرافقة واليقظة المبنية على حسن الحوار والانصات الجيد والقدرة على إقناع الأبناء، الذي يعتبر أهم آلية يحتاجها الأولياء لتحصين أبنائهم ضد كل ما يتربص بهم

رشيدة بلال