القمة العربية بمدينة الظهران السعودية

رهانات صعبة تستدعي مواقف موحدة

رهانات صعبة تستدعي مواقف موحدة
  • القراءات: 1724
 م. مرشدي م. مرشدي

أكد العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، في كلمة ألقاها بمناسبة افتتاح  القمة العربية الـ29 بمدينة الظهران شرق العاصمة الرياض، أنه اختار لهذه القمة شعار «قمّة القدس» حتى «يعلم الجميع أن فلسطين وشعبها يبقيان في جوهر الاهتمامات العربية».

وفرضت القضية الفلسطينية ومستقبل مدينة القدس الشريف نفسها على جدول أعمال القمة العربية التي كانت مناسبة لتشريح الراهن العربي المعقّد بكل أزماته من العراق إلى سوريا مرورا بالأراضي الفلسطينية واليمنية ووصول إلى ليبيا وإشكالية محاربة الإرهاب وتجفيف منابع تمويله.

وهي كلها قضايا مصيرية تستدعي موقفا عربيا موحدا وعمليا بعيدا عن بيانات ومواقف التمنّي التي انتهت إليها القمم العربية الماضية التي عجزت عن إيجاد حلول عملية لأزمات شتّت العرب ومواقفهم. وانطلقت أشغال القمة العربية وسط إجراءات أمنية غير مسبوقة، حيث ينتظر أن تختتم بإصدار «إعلان الظهران» الذي سيرسم خارطة طريق العمل العربي المشترك على أمل التوصل إلى إيجاد حلول مستعجلة لعديد القضايا والأزمات العربية التي تحولت إلى مأزق حقيقي، ورهنت دور وعمل الجامعة العربية في ظل تباين مواقف دولها  حتى بخصوص قضايا مصيرية كان يجب أن يشكل التفاهم بشأنها نقطة التقاء بدلا من الفرقة التي وصلت إلى حد الصدام في كثير من الأحيان.

ولأن قضية مدينة القدس ومستقبلها كعاصمة للدولة الفلسطينية أصبحت الشغل الشاغل لكل العرب والمسلمين، فقد حظيت باهتمام عربي كبير وخاصة وأن انعقاد قمّة الظهران جاء في أقل من شهر قبل تنفيذ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وعده بنقل سفارة بلاده إليها تنفيذا لقراره المشؤوم في السادس ديسمبر الماضي، والذي اعترف من خلاله بالقدس عاصمة موحدة لدولة الاحتلال في خطوة لم يسبقه إليها أي رئيس أمريكي.وهي معطيات تجعل قرار القمة العربية من هذه القضية الجوهرية محل اهتمام كل العرب، وخاصة من حيث الآليات التي سيعتمدها القادة العرب لمنع تنفيذ القرار الأمريكي بعيدا عن بيانات التنديد والاستنكار التي أكدت التجربة أنها لم تغير في واقع الحال الفلسطيني شيئا، بل إنها زادت في تعاسته وشجعت الاحتلال الإسرائيلي على تنفيذ مخططاته.كما أن الموقف من سوريا قائم وفرض نفسه على أشغال القمة العربية حتى في غياب التمثيل السوري في المنتظم العربي، وخاصة بعد العدوان الأمريكي عليها بما يلزم القادة العرب وبغض النّظر عن مواقفهم من نظام الرئيس بشار الأسد، اتخاذ موقف أكثر حزما من تصرفات الرئيس الأمريكي الذي تجاهل مواثيق وأعراف المجموعة الدولية للقيام بضربات صاروخية على أهداف عسكرية لمجرد الاشتباه أنها تحوي مواد محرّمة دوليا.والمؤكد أن تطورات الأزمة السورية وتداعياتها على الراهن العربي ستشكل معضلة حقيقية أمام الدول العربية لإيجاد نقطة التقاء مشتركة على أمل إنهاء مأساة شعب بأكمله بغض النّظر عن الانقسامات التي طبعت مواقفها بين مؤيد للضربات الأمريكية وبين معارض لها.

وهي نفس المعضلة التي ستواجه ملوك ورؤساء الدول العربية بخصوص كيفية التعاطي مع الأزمة اليمنية التي تحولت هي الأخرى إلى مأساة حقيقية بسبب غياب بوادر تسوية نهائية لها، رغم الحرب التي تشنّها دول التحالف الإسلامي ضد الحوثيين، ورغم الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة من أجل إقناع المتحاربين بالجلوس إلى طاولة مفاوضات واحدة لإنهاء الاقتتال المتواصل بينهم منذ سبع سنوات وحوّل اليمن السعيد إلى أتعس بلدان العالم.

ولم يفوت العاهل السعودي المناسبة ليؤكد على موقف بلاده الحازم تجاه إيران حيث ندّد بـ«تدخلها المفضوح في الشؤون العربية» في إشارة إلى دعمها للمتمردين الحوثيين على حساب الحكومة اليمنية  بقيادة الرئيس عبد ربه منصور هادي.   

يذكر أن وزراء خارجية الدول العربية رفعوا أمام قمة الرؤساء جدول أعمال من 18 بندا شكل الراهن العربي من الخليج إلى المحيط أهم نقاطه.

وحضر جلسة افتتاح القمة العربية الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، ورئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، محمد موسى فكي، ومسؤولة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فديريكا موغريني، بالإضافة إلى المبعوثين الأمميين إلى مختلف الأزمات في الوطن العربي الذين استعرضوا  تقاريرهم أمام وزراء الخارجية العرب.