باستحداث أقطاب زراعية ونقل المياه من الجنوب.. الخبير مالحة:

الجزائر قادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح خلال عامين

الجزائر قادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح خلال عامين
أحمد مالحة الخبير في قضايا الفلاحة
  • 1056
زولا سومر زولا سومر

رفع إنتاج القمح إلى 80 قنطارا في الهكتار رهان ممكن 

أكد أحمد مالحة الخبير في قضايا الفلاحة أن الجزائر قادرة على تحقيق الاكتفاء في إنتاج القمح خلال عامين في حال تم توفير كل الوسائل اللازمة والتنسيق بين قطاعات المعنية ضمن استراتيجية مدروسة. وشدّد مالحة التأكيد على أن زراعة القمح تتطلب كميات كبيرة من الماء يمكن للجزائر توفيرها من خلال إنجاز مشروع لنقل المياه من الجنوب الكبير باتجاه المناطق السهبية وتخصيص أقطاب زراعية من شأنها تحقيق إنتاج وفير يضع حدا للاستيراد.

أوضح مالحة في تصريح لـ"المساء"، أمس، أن الجزائر قادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي في إنتاج القمح وتجاوز كمية 30 قنطارا في الهكتار الواحد كما دعا إليه رئيس الجمهورية مؤخرا، متى تم استغلال الإمكانيات المتاحة وتسطير استراتيجية مدروسة بعناية من أجل تحقيق نتائج مستدامة، مؤكدا أن تسطير خطة ناجعة من شأنها ضمان الأمن الغذائي لبلادنا خلال مدة عامين.

وذكر الخبير بأن زراعة القمح في بلادنا، زراعة مطرية تعتمد على كميات التساقط السنوية بدرجة أولى، إلا أن التغيرات المناخية وتذبذب سقوط الأمطار أصبح يحتم التفكير في أساليب للري التكميلي. وأشار إلى أن الجزائر قادرة على تجسيد "مشروع القرن" بجلب الماء من ولاية المنيعة وأدرار باتجاه ولايات منطقة السهوب التي تتوفر على أراض خصبة يمكن استغلالها في توسيع مساحة زراعة القمح.

وأضاف أن تجسيد هذا المشروع "سيحدث ثورة زراعية واقتصادية لم تحدث في أي بلد"، كونه سيسمح بتحقيق الاكتفاء الذاتي في هذه المادة الواسعة الاستهلاك التي تتجاوز فاتورة استيرادها 2 مليار دولار سنويا، باعتبار أن احتياجات الجزائر من القمح تقدر بـ100 مليون قنطار سنويا، بالإضافة إلى تحقيق اكتفاء ذاتي بالنسبة لمختلف الحبوب الأخرى وبالتالي توفير كميات كافية من الأعلاف للمواشي وزيادة انتاج اللحوم بهذه المناطق التي يتواجد بها 28 مليون رأس من المواشي.

وقال أحمد مالحة إن الوقت قد حان لتجاوز التفكير الترقيعي والحلول الظرفية الاستعجالية، والتوجه نحو تسطير رؤية واضحة على المدى الطويل. مشيرا إلى أن 80% من مجموع 3 ملايين هكتار المخصصة لزراعة القمح ببلادنا غير مجهزة بوسائل الري وبعيدة عن السدود، بحيث تبقى الأمطار مصدر سقيها الوحيد، ما يستدعي تهيئة هذه الأراضي بوسائل ري حديثة تعتمد على تقنية التقطير والرش المحوري لضمان مردودية أعلى والمحافظة على مياه السقي. وهو ما جعله يقترح فكرة استحداث أقطاب زراعية للحبوب بتخصيص أراضي بالمناطق التي تتواجد بها المياه أو تتساقط بها كميات معتبرة من الأمطار خاصة في شرق البلاد الذي يحصي 4 ولايات تعرف كميات تساقط قياسية مقارنة بولايات الوطن الأخرى.

وذكر مالحة بأن ولاية تيارت تتبرع على مساحة 700 ألف هكتار من الأراضي مخصّصة للحبوب، وهي مساحة هائلة يمكن أن تنتج كميات كبيرة في حال تم تدعيم سقيها وهو السياق الذي دعا من خلاله السلطات إلى التفكير في توجيه زراعة القمح نحو الجنوب الجزائري نطرا لتوفره على احتياطي مائي معتبر وبالتالي القدرة على بلوغ طاقة إنتاج قد تصل إلى 80 قنطارا في الهكتار الواحد. وهو رهان أكد الخبير مالحة، أنه يتطلب مرافقة المستثمرين وتزويد الفلاحين بالطاقة وتسهيل عملية منح تراخيص حفر الآبار.

ولتكثيف زراعة القمح دعا مالحة الفلاحين إلى تنويع المحاصيل الزراعية في الأراضي المخصصة لزراعة القمح، بزراعة حبوب أخرى مثل الحمص والعدس بعد جني محصول القمح ما يسمح بتكاثف الأزوت الذي يجعل التربة أكثر خصوبة، ويساعد فيما بعد على إنجاح زراعة القمح بتحقيق وفرة في المحصول. وأضاف الخبير بأن الوقت حان لرفع قدرات تخزين القمح التي لا زالت ضعيفة وهي لا تتجاوز نسبة 40% ببناء مخازن جديدة ملائمة لحفظ المنتوج وبالتالي مرافقة الإرادة التي عبر عنها رئيس الجمهورية، مشيرا إلى أن الجزائر تعرف أريحية مالية بفضل عائدات النفط تمكنها من تجسيد استثمارات كبيرة في المجال الفلاحي تضمن لها أمنها الغذائي وتشجع على استحداث صناعة تحويلية رائدة يوجه الفائض منها للتصدير.

ورغم المساحات الزراعية الشاسعة تبقى الجزائر من أكبر البلدان المستوردة للقمح بسبب نمط الاستهلاك الذي يعتمد على مادة الخبز، بحيث أفاد مركز التصدير الزراعي بوزارة الزراعة الروسية الأسبوع المنصرم، أن الجزائر زادت وارداتها من القمح الروسي بنسبة 290%، ووصل إلى 1,3 مليون طن العام الماضي بعد أن بلغ سنة 2021 نحو 330 ألف طن فقط. وتحوّلت الجزائر إلى واحدة من بين أكبر 5 مشترين للقمح الروسي وثالث دولة عربية مستوردة للقمح في العالم، وثاني مستورد في القارة والرابع على الصعيد العالمي، بكمية تتراوح بين 7 و11 مليون طن سنويا.