انضمامها إلى "آيبا" يثري رصيدها ويعزّز حضورها الدولي
الجزائر تحـــصد نجـــاحات دبلـــوماســـــية جديدة

- 156

حقّقت الجزائر انجازا دبلوماسيا جديدا في الشق البرلماني بانضمامها إلى الجمعية البرلمانية الدولية لرابطة دول جنوب شرق آسيا "أيبا" كعضو ملاحظ وحيد، خلال اجتماع لهذه الهيئة البرلمانية بالعاصمة الماليزية كوالالمبور، ليتعزز بذلك رصيدها من الإنجازات النوعية التي تجاوزت هذه المرة الدبلوماسية الرسمية إلى الشعبية، ممثلة في البرلمان الذي يعبر عن صوت الشعوب، وذلك في نقلة نوعية تدعم المنحى التصاعدي للسياسة الخارجية التي يتبناها رئيس الجمهورية.
تعزّز الجزائر يوما بعد يوم تواجدها في التكتلات الإقليمية والدولية، في توجّه يعكس إرادتها لتفعيل علاقات الشراكة المتنوّعة في مختلف المجالات، مواكبة للرهانات الدولية والرؤية البراغماتية التي تنتهجها البلاد في إطار الندية والرؤية المتفتحة نحو الفضاءات الأخرى رغم بعد المسافات الجغرافية.
ويأتي هذا الإنجاز بعد انضمام الجزائر رسميا إلى معاهدة الصداقة والتعاون مع "آسيان" على هامش افتتاح الدورة 58 لاجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرقي آسيا شهر جويلية الماضي، وقبلها انضمامها كعضو ملاحظ في برلمان عموم أمريكا اللاتينية والكاريبي (البرلاتينو) السنة الماضية.
وتؤكد هذه الخطوات النهج الجديد في السياسة الخارجية للجزائر والتي ترتكز على إحداث التكامل بين الدبلوماسية الرسمية والبرلمانية، خاصة وأن هذه الأخيرة أضحت ركيزة أساسية في تحقيق التقارب بين الشعوب، فضلا عن كونها تعزّز الموقع الاستراتيجي للجزائر في الدفاع عن القضايا العادلة والتعاطي مع الملفات السياسية والاقتصادية، وفق رؤية متوازنة تخدم المصالح المشتركة.
ويعد انضمام الجزائر إلى هذه التكتلات بمثابة إضافة نوعية لبقية الشركاء، الذين يراهنون على دورها الاستراتيجي في إيجاد حلول للمعضلات الدولية الشائكة اعتمادا على تجربتها ورصيدها الدبلوماسي الثري، فضلا عن كونها من الناحية الجغرافية بوابة نحو إفريقيا وجسرا بين ضفتي المتوسط، ما يمكن من تطوير العلاقات الاقتصادية لا سيما في ظل دخول اتفاق منطقة التجارة الحرة القارية حيز التنفيذ.
وبلا شك فإن احتضان هذه التكتلات للجزائر، يعد اعترافا بالمقومات والأدوات الاقتصادية التي تزخر بها والتي من شأنها تفعيل الشراكة، على غرار امتلاكها لسوق داخلية كبيرة وموارد طبيعية هائلة ومصادر طاقة متنوّعة، إلى جانب وفرة اليد العاملة، ناهيك عن الموثوقية التي تمتاز على مختلف الأصعدة السياسية، الاقتصادية والدبلوماسية.
كما أن تنامي الدور الفاعل للدبلوماسية البرلمانية للجزائر، يعكس رؤيتها الاستشرافية للأهمية التي تكتسيها في تعزيز التعاون في المجال التشريعي والذي من شأنه أن يدعّم الدبلوماسية الرسمية في معاركها المتعددة لمجابهة التحديات الاقليمية، في ظل التجاوزات المسجّلة ضد القانون الدولي وعالم يتميز بتعدد الاقطاب والمنافسة المحتدمة بين القوى الغربية على مناطق النفوذ.وعليه، فإن الجزائر المتشبعة بقناعة إعادة رسم موقعها ضمن خارطة العلاقات الدولية، مدفوعة برؤية تقوم على تنويع الشراكات الاستراتيجية والانفتاح على القوى السياسية والاقتصادية الناشئة. فمنذ طرحها ملف الانضمام إلى مجموعة "بريكس"، تبنّت الجزائر توجّها قائما على البحث عن شراكات مبنية على الإنصاف والعدالة المتكافئة.
في هذا الإطار يعتبر انضمام الجزائر إلى بنك التنمية الجديد التابع لـ«بريكس" كعضو كامل العضوية فيه، إقرارا بالدور الهام الذي تلعبه، ليس فقط في اقتصاد شمال إفريقيا، بل أيضا على المستوى العالمي، مثلما سبق أن أكدته رئيسة البنك ديلما روسيف.
ويعبر هذا التوجّه الجديد من الشراكة، عن إرادة الجزائر في تنويع أوراقها الاقتصادية والدبلوماسية، عبر الانضمام إلى تكتلات متعدّدة، واستغلال موقعها الجيو سياسي من أجل توسيع خياراتها التفاوضية والتجارية وجذب استثمارات أجنبية مباشرة، خصوصا من دول معروفة بحضورها الاستثماري العالمي.
ومن الصدفة، أن يتزامن تموقع الجزائر في النشاط البرلماني الدولي، مع مقاطعة رؤساء البرلمانات الإفريقية لاجتماع الشبكة البرلمانية الإفريقية التي كان مقررا انعقادها بالمغرب نهاية الشهر الجاري، رغم الإمكانيات المالية واللوجيستية الضخمة التي خصصها المخزن لإنجاح هذا الموعد، غير أنه فضل تأجيل الموعد إلى وقت لاحق بسبب فشله المسبق، ما يعد رسالة واضحة من دول القارة التي تحرص على النأي بنفسها عن الدور المشبوه لهذا النظام في خدمة قضايا القارة.