وفاة المخرج الكبير محمد سليم رياض

مسيرة مكللة بالروائع

مسيرة مكللة بالروائع
  • القراءات: 963
مريم. ن مريم. ن

وري الأربعاء الماضي الثرى بناربون في جنوب فرنسا، المخرج الكبير محمد سليم رياض عن عمر ناهز 83 عاما، بعد معاناة مع المرض.

ترك الراحل رصيدا من الأعمال بعضها من الروائع، وحرص على تمرير أفكار ملتزمة بقضايا إنسانية، منها حقوق المرأة وقضايا التحرر.

 

يعد الراحل من أبرز السينمائيين الجزائريين، حيث أخرج العديد من روائع السينما الجزائرية، على غرار "الطريق" (1968) و"سنعود" (1972) و"ريح الجنوب" (1975) الذي يعتبر من روائع السينما الجزائرية، و"تشريح مؤامرة" (1978) وكذا "حسان طاكسي" (1982). كان الفقيد نفسه كاتب السيناريو للعديد من هذه الأعمال السينمائية.

شغل محمد سليم رياض منصب مدير عام لـ"المركز الجزائري للفن والصناعة السينمائية" (كاييك)، كما كان عضوا بالجمعية الفنية السينمائية "أضواء"، وقد حاز العديد من الجوائز عن أعماله السينمائية داخل الجزائر وخارجها، كما كرم سنة 2011 بمهرجان وهران للفيلم العربي.

بالنسبة لفيلم "سنعود"، ركز المخرج على الواقع المزري الذي يعيشه الشعب الفلسطيني في مختلف المخيمات المتواجدة على الأراضي الفلسطينية وعلى الحدود الأردنية، ويسرد المقاومة التي يقودها الفلسطينيون دفاعا عن أرضهم ضد إسرائيل، كما رصد "سنعود" الذي جسد أدوار البطولة فيه كل من الممثل القدير المرحوم حسان الحسني ومحمد بن قطاف وكوكبة من نجوم التمثيل العرب، على غرار الممثلة القديرة هالة شوكت، الصراعات والانقسامات التي كانت سائدة في صفوف المقاومة الفلسطينية بين مختلف الفصائل من جهة، ويطرح من جهة أخرى إشكالية  التيار الاشتراكي والرأسمالي حول قيادة الثورة، وتوقف الراحل أيضا عند الدور المخجل الذي لعبته هيئة الأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية منذ بداية الاحتلال. 

عندما أخرج محمد سليم رياض "ريح الجنوب" (عام 1975)، المقتبس عن رواية الراحل عبد الحميد بن هدوقة "لم يكن يتوقّع أن نقاشًا واسعًا سيحتدم، حول أحقيته كمخرج التصرّف في العمل الرّوائي، ليصير موضوع الاقتباس والتصرّف في النصوص الأدبية، مثار جدل واسع في الوسط الفني والأدبي آنذاك.

التصرف في النص الشهير لابن هدوقة كان واضحا جدا، خاصة في نهاية الفيلم، عندما اختار محمد سليم رياض نهاية أخرى مُغايرة تماما لنهاية الرواية. 

الشّهرة التي حققتها الرواية (صدرت عام 1971)، علاوة على الزوبعة التي أثارتها عملية الاقتباس، وصلت إلى مصر، حيث قامت الإعلامية درية شرف الدين (أصبحت بعدها مسؤولة سامية في الإعلام المصري)، صاحبة البرنامج السّينمائي الشّهير "فيلم من كتاب" ولأوّل مرة في برنامج تلفزيوني، بالجمع بين المخرج محمد سليم رياض والروائي عبد الحميد بن هدوقة، وفتحت معهما نقاشا هاما عن إشكالية الاقتباس، وعن علاقة الرّواية بالسينما.

كما كان للراحل حضوره على الساحة العربية، حيث استضافته بعض البلاتوهات منذ الثمانينيات، أحدها بالتلفزيون الأردني حين حضر مع صديقه الراحل عبد الحميد بن هدوقة الذي كتب نص وسيناريو "ريح الجنوب". 

للتذكير، ولد محمد سليم رياض بمدينة بوا"سماعيل (غرب العاصمة) سنة 1933، حيث عمل في بداياته في مجال التصوير قبل أن يسافر إلى فرنسا، ليبدأ منذ عام 1963 العمل السينمائي،  حيث أخرج في الستينات حوالي 10 أفلام قصيرة، على غرار "الموظفون التائهون" و"الشمس ومتيجة" قبل أن ينتقل إلى إخراج أفلامه الروائية الطويلة بداية من السبعينات.

كان الراحل مناضلا إبان الثورة التحريرية (1954- 1962)، حيث كان عضوا بفيدرالية جبهة التحرير الوطني في فرنسا، وقد زجت به السلطات الاستعمارية في السجن بفرنسا قبل أن تحوله إلى السجون بالجزائر.