اعتبرهما محطتين مفصلتين في تاريخ الثورة.. قاسمي لـ"المساء":

الانتقال من ثورة أفراد إلى ثورة شعبية بقواعد متينة

الانتقال من ثورة أفراد إلى ثورة شعبية بقواعد متينة
المؤرخ المجاهد، عيسى قاسمي
  • 164
زين الدين زديغة زين الدين زديغة

اعتبر المؤرخ المجاهد، عيسى قاسمي، أن الذكرى المزدوجة لهجات الشمال القسنطيني في 20 أوت 1955 ومؤتمر الصومام في سنة 1956 محطتان مفصلتان في تاريخ ثورة التحرير ضد المستعمر الفرنسي، مؤكدا أن الشعب الجزائري بتضحياته وشجاعته فرض على الدولة الفرنسية الاستقلال.

قال قاسمي في تصريح لـ«المساء" بمناسبة الذكرى المزدوجة لهجمات الشمال القسنطيني في 20 أوت 1955 ومؤتمر الصومام في سنة 1956، التي تحييها الجزائر اليوم، إنّ هذين الحدثين المفصلين مكّنا من انتقال الثورة من أفراد ومجموعات بسيطة التحقت بالجبال الى ثورة شعبية، وتمتين قواعدها وأسسها، مذكرا بتضحيات الجزائريين ومجازر الاحتلال منذ 1830.

ولفت بخصوص هجمات الشمال القسنطيني في 20 أوت 1955 إلى أنها أخرجت ثورة التحرير من حدود الجزائر وعرفت بها عالميا بفضل الانتفاضة العارمة، قائلا "إن زيغود يسوف تفطن بعد أن عَرّفت جبهة التحرير الوطني بنفسها في مؤتمر باندونغ في أفريل 1955، إلى أن الثورة غير معروفة عالميا وأنه يجب إعطاء درس للاستعمار الفرنسي وخلق هوة كبيرة بينه وبين الشعب الجزائري".

وأفاد المؤرخ أن المحطتين المفصلتين، أي 20 أوت 1955 و20 أوت 1956 تاريخ انعقاد مؤتمر الصومام، مترابطتان، حيث ظهر بعد هجمات الشمال القسنطيني ضرورة ملحة لالتقاء قادة جيش التحرير الوطني في الداخل، حيث التقى في 1956 تقريبا كل قادة ومسؤولي الثورة.

ومن بين نتائج المؤتمر-يتابع المجاهد- ترسيخ الثورة وتمتين قواعدها وأسسها والانطلاق إلى الأمام، حيث تمّ تنظيم أمور الثورة والشعب ليكون سندا أساسيا لها، كما توضحت الأمور من الناحية السياسية والعقائدية، أي تعريف الثورة وأهدافها وعلاقتها مع فرنسا، وكذا التعريف بالثورة في العالم وتنظيم جيش التحرير الوطني والولايات وإنشاء العدالة والشرطة والاستعلامات، ومنع الشعب الجزائري من الاتصال بمصالح الإدارة الفرنسية والقضاء والضرائب.

وعرج كذلك على إنشاء ما سمي بالمجلس الوطني للثورة الجزائرية الذي من مهامه التشريع للثورة والفصل في كل القضايا السياسية والتنظيمية، إلى جانب إنشاء لجنة التنفيذ والتنسيق لتنفيذ قرارات المجلس الوطني، مشيرا إلى أن هذه الأخيرة بعد خريف 1956 انطلقت كثورة وبجيش التحرير الوطني بمساندة الشعب لتحقيق الانتصارات بين 1957 و1959 إلى أن اعترف الجنرال ديغول بحق الجزائر في تقرير المصير والاستقلال، وتمّ المضي بعقيدة وعزم إلى الوصول لمفاوضات "ايفيان" وتوقيف القتال في شهر مارس 1962 والاستقلال.

وفي ردّ عيسى قاسمي على سؤال يتعلق بالدروس التي يمكن للجيل الحالي استخلاصها من هاتين المحطتين التاريخيتين، قال إنّ الحرب بمختلف أساليبها لم تتوقف بين الشعب الجزائري والاحتلال الفرنسي منذ 1830 إلى 1962، وشدّد على عدم الفصل بين الفترات التاريخية، مشيرا إلى أن المؤرّخين الفرنسيين يريدون الفصل بين التاريخ كي لا تظهر هناك علاقة بين المحطات التاريخية.

ودعا المتحدث الشعب الجزائري إلى الاتحاد والاقتداء بالشهداء والمجاهدين، وأضاف "أن فرنسا والجنرال ديغول لم يتصدقوا بالاستقلال على الجزائريين، قائلا "ليس هناك شعب في العالم عانى أكثر من الشعب الجزائري من الاستعمار البربري"، مذكرا بأن الشعب الجزائري بتضحياته وشجاعته فرض على الدولة الفرنسية الاستقلال واستطاع أن يهز أركان الجمهورية الرابعة التي انهارت في 1958.