أكد تقدم في مجال تشييد وتجهيز المراكز.. مجلس المحاسبة يقترح :
اعتماد استراتيجية لمكافحة السرطان كنشاط ميزانياتي مستقل
- 82
أسماء منور
كشف التقرير السنوي لمجلس المحاسبة لسنة 2025، بخصوص شروط تنفيذ المخطط الوطني للسرطان 2015-2019، عن وجود تقدم ملحوظ في مجال تشييد وتجهيز مراكز مكافحة السرطان، بالإضافة إلى التكوين ونظام الإعلام الوبائي، مع تسجيل عدة نقائص فيما يخص التدابير الموصى بها في عديد المجالات الرئيسية بشكل فعلي، وتشمل مكافحة التدخين، الكشف المنظم لبعض أنواع السرطان، عصرنة وتوحيد مصالح التشخيص، ومتابعة مرضى السرطان.
وحسبما ورد في التقرير، تم إعداد المخطط الوطني للسرطان للفترة الممتدة ما بين 2015-2019، الذي يهدف أساسا إلى الحد من نسبة الوفيات ومعدلات المرض الناجمة عن السرطان، إذ حدد المخطط ثمانية محاور استراتيجية ترمي إلى تحسين المقاربة الوقائية ضد عوامل الخطر، والكشف المبكر عن بعض أنواع السرطان، التشخيص والعلاج، مرافقة المرضى، نظام المعلومات والاتصال، التكوين والبحث، وتمويل التكفل بالسرطان.
وخلص تقييم المجلس، حول المخطط، أنه رغم تسجيل تقدم مهم، إلا أن تنفيذه اعترضته صعوبات تنظيمية، وحوكمة غير ملائمة، وتسيير غير فعال للموارد، وعليه فإن الأهداف التي سطرت في إطار هذا المخطط، لم يتم بلوغها في عدد من المجالات الرئيسية، بسبب غياب التنسيق بين الفاعلين المتدخلين في التنفيذ، وكما أن عمليات البناء والتجهيز الخاصة بمراكز مكافحة السرطان نفذت بشكل متواز دون تنسيق كاف.
وكشف التقرير، أنه لم يتم إطلاق سوى 25 من المائة من تدابير المخطط الوطني للسرطان (59 من أصل 239)، بينما لم تشهد غالبية التدابير تقدما ملحوظا في التنفيذ سنة 2018، ولم يتم تقديم أي تفسير لعدم تنفيذ 75 من المائة من التدابير المتبقية.
وتطرق التقرير إلى وجود غياب تقييم مالي للتدابير، وهو الأمر الذي حال دون تحديد التكاليف والتحقق من فعالية الأموال المخصصة، مشيرا إلى أن التقدير المالي المقدم البالغ 300 مليار دينار للفترة 2015-2019، لا يستند إلى أساس دقيق، ولا يسمح بتقييم سليم للتنفيذ المالي للمخطط أو بتحديد الانحرافات بين التقديرات والإنجازات، على الرغم من إقرار المخطط الوطني للسرطان بنقص التمويل، إلا أنه لم يتم تقديم أي تبرير لعدم كفاية الأموال أو للتعديلات الضرورية.
من جهة أخرى، أبرزت المعاينات الرقابية للمجلس، تسجيل اعتمادات التجهيز الموجهة لإنجاز مراكز مكافحة السرطان استهلاكا سنويا ضعيفا، مما أدى إلى تأخر في استكمال الهياكل القاعدية، وارتفاع في تكاليف الإنجاز، حيث بلغت القيمة الإجمالية لعمليات إنجاز 16 مركزا لمكافحة السرطان، المسجلة بعنوان ميزانية الدولة للتجهيز منذ سنة 2005، ما قيمته 215.22 مليار دينار نهاية سنة 2022.
وعلى الصعيد الهيكلي، كشفت المعاينات أن متوسط إنجاز مراكز مكافحة السرطان يتجاوز عشر سنوات، وحتى تلك التي دخلت الخدمة لا تزال تعاني من شلل وظيفي في مصالح حيوية كالطب النووي والتشريح المرضي والجراحة، نتيجة نقص التجهيزات أو العجز الحاد في الكوادر البشرية المتخصصة التي تشهد نزيفا مستمرا، حيث تفوق وتيرة المغادرات والاستقالات وتيرة التوظيف الجديد، مما أدى إلى ضغط رهيب على المنظومة القائمة وتدني جودة التكفل بالمرضى.
كما أن المدة الفاصلة بين سنة تسجيل مركز مكافحة السرطان وسنة وضعه قيد الخدمة تتجاوز في المتوسط 10 سنوات، في الوقت الذي يتم فيه تسجيل 45 حالة ألف إصابة جديدة في المتوسط سنويا، كما سمحت المعاينة الميدانية بتسجيل غياب الاستخدام التام لهذه المراكز، سنوات بعد افتتاحها، حيث لا تزال بعض المصالح الأساسية غير عملية، بسبب التأخر في تسليم التجهيزات و/أو في توفر الموارد البشرية، وهو ما يحد من قدرة هذه المراكز على التكفل بالمرضى.
واقترح المجلس في توصياته تعزيز قدرات النظام الصحي في التنبؤ والوقاية، والتعجيل بالانتقال إلى الميزانية حسب الأهداف من خلال إدراج استراتيجية مكافحة السرطان كنشاط ميزانياتي مستقل ضمن محفظة برامج وزارة الصحة، تطبيقا للقانون العضوي 18-15 المتعلق بقوانين المالية، وهو ما يضمن تمويلا مستقرا ورؤية مالية طويلة الأمد.