مدير الثقافة لبومرداس عبد العالي قوديد لـ “المساء”:
4 ملايير لتهيئة طرق قصبة دلس

- 1102

❊ سجلنا 5 مواقع أثرية بقائمة الجرد
❊ خصصنا 7 ملايير لدار "ميموني"
يتحدث مدير الثقافة لبومرداس السيد عبد العالي قوديد في هذا الحوار، عن أهم المشاريع التي استفاد منها القطاع مؤخرا، سيما ما يتعلق بتسجيل 5 مواقع ومعالم أثرية ببلديات يسّر، اعفير، سي مصطفى، الثنية وخميس الخشنة، التي يُرتقب أن تضاف إلى قائمة الجرد الإضافي للولاية، وبالتالي حمايتها. كما تحدّث عن إطلاق قافلة ثقافية هذه الأيام، باتجاه مناطق الظل، ومشاريع أخرى هامة، هدفها إعطاء دفع جديد للحياة الثقافية في انتظار العودة إلى النشاط بعد انحصار كوفيد19.
جائحة كورونا أثرت على كل القطاعات بدون استثناء قطاع الثقافة، فكيف تعاملتم مع هذا الوضع المستمر منذ قرابة سنة؟
❊❊ صحيح، قطاع الثقافة تأثر كلية بجائحة كورونا العالمية، حيث توقفت كل الأنشطة بما فيها الملتقيات الوطنية والدولية، والمسارح، والأمسيات الشعرية، والمهرجانات، والمعارض الفنية وحتى الحرفية ذات الصلة بقطاع الثقافة، بل توقفت أنشطة دور الثقافة والجمعيات النشطة.. ولكن الظرف الاستثنائي لم يكن كله نقمة، بل استفدنا منه من خلال البث عبر الأنترنت؛ إذ لجأنا خلال فرض الحجر الصحي في الأشهر الأولى، إلى تفعيل الأنشطة الثقافية عبر صفحة المديرية على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”؛ حيث عرضنا أفلاما مختلفة وروبوتاجات سياحية، وزيارات افتراضية. كما نشطنا السهرات الرمضانية عبر المنصات الرقمية، ونظمنا مسابقات ثقافية وفكرية موجهة لمختلف الشرائح العمرية.
هو التأقلم مع الوضع والتجديد كما يفرضه العالم الرقمي الجديد إذن!
❊❊ بالفعل. لجأنا في بداية الجائحة إلى تجميد كل الأنشطة منذ مارس 2020؛ لأن الوضع كان مبهما؛ فالفيروس، كما تعملون، مستجد، وأصاب كل العالم بالهلع، ثم بدأنا نتأقلم مع الوضع شيئا فشيئا، فارتأينا في مديرية الثقافة أن نخفف من وطأة الحجر المنزلي عن الأسر والأطفال، فلجأنا إلى بث مقاطع فيديو قصيرة لأفلام الكرتون وبعض الأفلام الهزلية، ثم تطور الأمر إلى عرض فيديوهات عن تاريخ مناطق الجزائر السياحية والأثرية، وحتى زيارات افتراضية إلى متاحف الجزائر. ونظمنا مسابقات في الشعر والرسم وغيرهما.. كل ذلك كان بالتنسيق مع الجمعيات الناشطة في الحقل الثقافي.
هل تم استغلال الحجر في إطلاق مشاريع تخص ترميم بعض الهياكل الثقافية؟
❊❊ نعم بالفعل؛ استفاد قطاع الثقافة، مؤخرا، من مشاريع هامة، تهدف إلى إعطاء دفع جديد للنشاط الثقافي عموما، ومنه المشروع القطاعي الهام؛ لإعادة تهيئة دار الثقافة “رشيد ميموني” ببلدية بومرداس، بغلاف مالي قدر بـ 70 مليون دينار. ونرتقب إطلاق الأشغال في بداية الثلاثي الثاني من العام الجاري، وهو مشروع حيوي بالنظر إلى كون هذا الصرح الثقافي يسجل اهتراء كبيرا منذ سنوات، وبحاجة إلى إعادة تهيئة، ومن ثم رد الاعتبار له؛ كون الدار تستقبل منذ سنوات طويلة، مختلف النشاطات بعاصمة الولاية؛ سواء الثقافية أو الحرفية أو السياسية أو غيرها. وستشمل أشغال التهيئة كل الدار بما فيها قاعة المحاضرات.
هل هناك مشاريع أخرى مماثلة لإعادة إحياء المشهد الثقافي؟
❊❊ نعم، هناك مشروع آخر مهم، يتمثل في تهيئة المركز الثقافي لبرج منايل الذي استفاد من عملية تجهيز القاعة متعددة النشاطات، التي تستقطب، على الدوام، مجموعة من الجمعيات الثقافية والفنانين خاصة من المسرح، فبلدية برج منايل ذات صيت ثقافي وفني وطني؛ إذ أنجبت ثلة من خيرة الممثلين المسرحيين المعروفين، أمثال المخرج المسرحي عمر فطموش وكوميديين آخرين لا يتسع المجال لذكرهم. ونحن نرتقب بعد تسلّم مشروع إعادة تهيئة المركز الثقافي، أن يكون بادرة خير على إعطاء دفع جديد للإنتاج الفني بهذه البلدية وكل المنطقة. ونشير إلى أن المشروع على عاتق ميزانية الولاية بـ 08 ملايين دينار، وينتظر إطلاقه قريبا.
هل اهتم قطاع الثقافة بتنمية المشهد الفكري والإبداعي في مناطق الظل؟
❊❊ بالتأكيد، فبالإضافة إلى انتظار تسلّم مكتبات جديدة على مستوى بلديتي قورصو والناصرية في غضون السداسي الأول لـ 2021 ـ وهو ما يرفع عدد المكتبات إلى قرابة 30 مكتبة بما فيها المكاتب البلدية ـ
بلغ مسامعنا، مؤخرا، وجود مدينة أثرية بيسّر، قيل إنها قبور رومانية، هل أجريتم تحقيقا في الأمر؟
❊❊ صحيح، قمنا خلال 2021 بتسجيل 5 مواقع ومعلم أثري في قائمة الجرد الإضافي لولاية بومرداس، وعلى رأسها الموقع الأثري ببلدية يسّر الذي يسمى “ذراع زق الطير” الواقع بمنطقة الطرفة، وهو يعج بالبقايا والمعالم الأثرية، التي تتمثل في معالم جنائزية، وقبور صخرية تتوزع على مقبرتين قديمتين، أغلبها تتخذ شكلا مستطيلا، فردية وجماعية، تُفتح وتغلق بواسطة بلاطات حجرية. كما عُثر على بقايا سور يعود إلى الفترة الرومانية، يرجح أن يكون من بقايا حصن عسكري، خصوصا أنه يتمتع بإطلالة ونقطة مراقبة هامة جدا على المنطقة. كذلك عُثر على كم هائل من شقف فخارية من فترات مختلفة، وملاجئ محفورة في الصخور، وبقايا وحدات سكنية، تُعتبر استمرارية للتقاليد المحلية الأولية الليبيّة في القبور المنحوتة على الصخور، والتي عُرفت في شمال إفريقيا بـ “الحوانيت”.
وما مصير هذا الموقع والمواقع الأربعة الأخرى؟
❊❊ أكمل، أولا، أن المواقع الأخرى التي نسعى لتصنيفها ثم حمايتها، هي الموقع الأثري ماركون بقرية المشاشكة ببلدية أعفير أقصى شرق الولاية، وهو عبارة عن ملجأ ذي موقع استراتيجي؛ فهو محفور في كتلة صخرية، ويتميز بعلوه الذي يجعله بمأمن. كما تضم واجهاته الداخلية نقوشا صخرية، تجسد مشاهد من الحياة اليومية للإنسان البدائي، نُقشت بتقنية النقش الغائر أو تقنية النقش بأسلوب طبيعي، وهي تتمثل في مشاهد حيوانية عايشها إنسان ما قبل التاريخ، وهي الخنزير، والغزال، والضبع، والذئب والبقر. ويوجد أسفلها كتابة ليبية قديمة. وحسب الرسومات والكتابة نستطيع تأريخ المغارة إلى فترة “النيوليتيك” وفترة فجر التاريخ. وثالث موقع هو الموقع الأثري لحصن الصومعة ببلدية الثنية؛ حيث عُثر في القرن التاسع عشر ميلادي على لوحة تذكارية كانت تعلو مدخل القصر الذي بناه الملك نوبل بحصن الصومعة، والذي احتضن في القرون القديمة إقامة لألمع ملوك منطقة موريتانيا القيصرية، ومن بينهم القائد فيرموس. أما رابع موقع فهو الموقع الأثري للضريح الملكي “بلاد القيطون” ببلدية سي مصطفى، وهو يعج بالبقايا الأثرية للضريح، الذي اتخذ شكل ثمانيٍّ، تتقدمه منصة أمامية، فُتح في واجهته الجنوبية الغربية باب، ننفذ من خلاله إلى داخل الضريح الذي ينتهي بغرفة الدفن. كما عُثر على بقايا شقف التابوت، المشكلة من مادة الرخام، وهذا دليل على أن المنطقة كانت آهلة بالعمران. وانتصاب الضريح دلالة كذلك على أن المنطقة كانت موطنا لمملكة مورية، كان لملوكها وأمرائها نفوذ وسلطان على المنطقة والأقاليم المجاورة، بالإضافة إلى موقع قنطرة نقل المياه ببلدية خميس الخشنة، التي شُيدت في الفترة الرومانية من الحجر الرملي والملاط. كما أنها تتخذ شكلا مستطيلا، وهي مزيّنة بستة أقواس. كل هذه المواقع رفعنا بشأنها ملفات كاملة بالصور، إلى الوزارة الوصية، وبالضبط إلى اللجنة الوطنية لتصنيف وحماية المواقع الأثرية، وهي أول عملية قانونية لحماية أي موقع ومعلم أثري، والمحافظة عليه من طرف السلطات.
وماذا عن الموقع الأثري “مرفأ الدجاج” بزموري البحري، هل من جديد بشأنه؟
❊❊ نحن نتحضر لعملية بشأن هذا الموقع المعروف كذلك بـ “مرسى الدجاج”، وذلك من باب التراث الثقافي؛ حيث سيتم إطلاق عملية تسييج الموقع الذي استفاد من عملية دراسة لإعداد مخطط لحماية هذا الموقع الأثري واستصلاحه. وانتهت الدراسة، بينما تأخرت عمليات الحفر الأركيولوجي، الذي يشرف عليه طاقم من الأساتذة المختصين من جامعة الجزائر2 والمعهد الوطني للآثار؛ بسبب جائحة كورونا.
هل هذا كل ما نستطيع ذكره عن قطاع الثقافة بولاية بومرداس؟
❊❊ نحن ننتظر في غضون أيام افتتاح المكتبة الرئيسة للمطالعة العمومية بمدينة بومرداس، لتكون منارة أخرى تزيد الحياة الثقافية إشعاعا. ولا بد من أن نذكر كذلك قصبة دلس العتيقة، التي تشكل لوحدها إشعاعا ثقافيا وإرثا تاريخيا قائما بحد ذاته؛ حيث استفاد قطاعنا، مؤخرا، من مشروع يخص تهيئة الطرق المختلفة بقصبة دلس، بغلاف مالي يقدر بـ 4 ملايير سنتيم (40 مليون دينار) على عاتق ميزانية الولاية، والإجراءات الإدارية انتهت، وننتظر إطلاق الأشغال قريبا.