احتفاء بشهر التراث
يومان دراسيان بمتحف الآثار القديمة ومكتبة المطالعة بغرداية

- 198

استعرض خبراء في مجال الحفظ المتحفي، مؤخرا بالجزائر العاصمة وبغرداية، واقع التراث الثقافي في عهد الذكاء الاصطناعي، مؤكدين على أهمية استغلال هذه التكنولوجيا الحديثة لتدعيم منهجية حفظ وصيانة هذا التراث وحمايته من السرقة وكذا ضمان استدامته ونقله إلى الأجيال الناشئة.
احتضن المتحف العمومي الوطني للآثار القديمة يوما دراسيا بعنوان "التراث الثقافي في عهد الذكاء الاصطناعي" في إطار إحياء شهر التراث (18 أفريل -18 ماي) بمشاركة عدة باحثين في مجال التراث على غرار الهادي أوراغ الذي اعتبر أن الذكاء الاصطناعي هو "وسيلة قوية يمكن استغلالها لتثمين التراث الثقافي الوطنين وذلك عن طريق تسريع أنظمة الحماية وجمع المعلومات وتنظيمها".
وأضاف بأن الذكاء الاصطناعي يمنح أيضا للباحثين في مجال الآثار القديمة "فرصة كبيرة" للتعرف على الأضرار التي مست التحف واكتشاف مواقع أثرية جديدة وكذا تيسير عملية الصيانة "التي تجاوزت الأساليب التقليدية بفضل تطبيقات رقمية متقدمة تمنح حلولا وتساعد على الترميم والحماية والتوثيق وكذا إعادة تشكيل بعض القطع التي تعرضت للضرر".
وتحدث المحاضر في هذا السياق عن مزايا تقنية "إيدار" التي تسمح بمعاينة دقيقة للقطع الأثرية عن طريق أشعة الليزر وكذا تقنية "الصورة الفوتوغرامترية" وهي عبارة عن تصوير ثلاثي الأبعاد يفيد في تخطيط عمليات الترميم والمحافظة.
من جهتها تحدثت المكتبية على مستوى متحف الآثار القديمة كريمة بلهاشمي آيت سعيد عن تكنولوجية "رافيدي" ودورها في خدمة المجموعات المتحفية وهي عبارة عن تقنية حديثة تعمل على التعرف على التحف بواسطة موجات الراديو.
وأوضحت المحاضرة بأن هذه التقنية تستعمل في الجزائر "منذ سنوات في مجال المكتبات" مضيفة أنه و"رغم تكلفتها الباهظة إلا أن الفرص التي تتيحها هامة جدا وخصوصا في إدارة المجموعات المتحفية والتوثيق الرقمي للرصيد المتحفي".
من جهتها استعرضت محافظ التراث بالمتحف العمومي الوطني للفنون والتقاليد الشعبية نورة حاريشان بوحميدين تجربة هذا المتحف في تصوير بعض التحف بتقنيات حديثة على غرار التصوير الفوتوغرامتري مما "يساهم على العرض الرقمي لها وكذا إثراء البحث العلمي دون إلحاق ضرر مادي بالتحفة".
وعن مساهمة الذكاء الاصطناعي في الصيانة والترميم، استفاض المحافظ المرمم بمتحف الآثار القديمة سامي حسانين في شرح كيفيات ترميم تحف ولوحات محفوظة على مستوى المتحف وذلك بفضل استعمال الذكاء الاصطناعي واستغلال برامج ذكية تعمل عليها إطارات المتحف في الجزائر.
كما أبرز التحولات الجذرية التي يقدمها هذا التطور العلمي في مجال الصيانة حتى أصبح "شريكا استراتيجيا" للمرممين من خلال تشخيص دقيق لمظاهر التلف وتحليل المواد وغيرها وهذا عبر مرحلتين أساسيتين هما "الترميم الافتراضي"(بناء الأجزاء المفقودة) و"المراقبة المستمرة والذكية".
غرداية تحتفي بشهر التراث
بالمقابل، دعا مشاركون في يوم دراسي نظم بولاية غرداية إلى اعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي للحفاظ على التراث الثقافي، لضمان استدامته ونقله إلى الأجيال الناشئة، حيث أبرز متدخلون في هذا اللقاء من أساتذة ومهتمين بمجال التراث الثقافي، أهمية اعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي للحفاظ على التراث الثقافي المحلي المادي واللامادي، لضمان استدامته ونقله إلى الأجيال الناشئة، وبما يساعد أيضا على الترويج له بطرق عصرية.
كما تم التأكيد أيضا في أشغال هذا اليوم الدراسي، الذي احتضنته المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية الشهيد الرسيوي محمد ببلدية متليلي، على ضرورة المحافظة على هذا التراث من خلال الاهتمام بالتكوين المستمر للمختصين في التراث والتاريخ في مجال الذكاء الاصطناعي والبرمجة الإلكترونية، وإنشاء ورشات افتراضية تحاكي هذا الموروث.
واقترح المتدخلون إنشاء قواعد بيانات لرصد مختلف عناصر التراث الثقافي، حيث يمكن لجميع المهتمين المساهمة في إثراء رصيدها، وحمايته من الحوادث الطارئة سواء البشرية أو الطبيعية، إلى جانب اقتراح إنشاء مركز وطني لأرشفة التراث الثقافي اللامادي على غرار الشعر الملحون ورقمنة المخطوطات ضمن خزانة رقمية، مع إبقاء النسخ الورقية محفوظة نظرا لقيمتها التراثية والمتحفية، وذلك بالتعاون مع المركز الوطني للمخطوطات بولاية أدرار.
وفي ذات السياق، تطرقت مديرة المتحف العمومي الوطني ناصر الدين ديني بولاية بوسعادة، ليلى بوعزة، في تدخلها، إلى كيفية إنشاء متحف افتراضي بالذكاء الاصطناعي، واستغلال هذا التطور التكنولوجي في التعريف بالتراث المادي على غرار التحف الأثرية والمستحثات المتواجدة بالمتاحف، واللوحات الفنية، ومحاكاتها عن طريق تقنيات الذكاء الاصطناعي من خلال عرضها في فيديو افتراضي يساهم في التعريف بمختلف المواقع والآثار للأجيال الناشئة.
أما الأستاذ سرقمة عاشور من جامعة قاصدي مرباح بورقلة فقد أبرز أهمية التراث في الحفاظ على الهوية وطرق المحافظة عليه من التشويه والإهمال والتزييف، مبرزا في ذات السياق أهمية تدارك الوضعية التي توجد عليها بعض المخطوطات خاصة في بعض المكتبات الخاصة، حيث تنعدم شروط المحافظة على تلك الكنوز الثقافية.