السيد حمدي يحظيه في منصة "القضية الصحراوية بين الأدب والنضال":

يرفض الصحراويون الحكم الذاتي كما يرفض الفلسطينيون التهجير

يرفض الصحراويون الحكم الذاتي كما يرفض الفلسطينيون التهجير
الكاتب الصحراوي السيد حمدي يحظيه
  • 176
مريم. ن مريم. ن

استقبل فضاء إفريقيا "فرانس فانون"، أوّل أمس، الكاتب الصحراوي السيد حمدي يحظيه، للحديث عن "القضية الصحراوية بين الأدب والنضال" ، وذلك منذ أن تم تصنيف هذه القضية في الأمم المتحدة كقضية تصفية استعمار، وكيف رافق الأدب هذه الثورة، ليكرّس الكفاح، ويسرد صور المعاناة، والتضحيات. 

قال الأستاذ يحظيه إنّ كلّ الكتّاب التزموا بالحديث عن القضية الصحراوية؛ بمعنى أنهم لا يكتبون في أي مجال خارج القضية الصحراوية.

الطرف الصحراوي يرفض حتى الاطلاع على مسودة الحكم الذاتي

بالنسبة للقرار الخاص بالحكم الذاتي، أشار المتحدث إلى أنّ تحقيقه يتطلّب اتفاقا بين الطرفين؛ أي الصحراوي والمغربي، ليُرفع إلى الأمم المتحدة. لكن ما هو مؤكد، حسب المتحدّث، أنّ الطرف الصحراوي لا يريد حتى قراءة مسودة هذا "الحكم الذاتي" . وكذلك الحال، طبعا، بالنسبة للشعب الصحراوي، الذي يرفضه رغم كل الظروف؛ فهو لا يطيق هذا الحكم  مع دولة ديكتاتورية، ولا فتح أيّ مفاوضات معها؛ لأنّ ذلك سيكون نهاية القضية.

وربط المتحدّث بين القضيتين الصحراوية والفلسطينية، قائلا: " منذ سقوط الاتحاد السوفياتي خلت الساحة لأمريكا، وبالتالي أصبحت هي من تتصرف في هذه القضايا وفق مصالحها. ولا أحد يناقشها في ذلك الآن، وبالتالي فإنّ هذه الأوضاع أصبحت مناسبة للانقضاض على قضية فلسطين (التهجير) وعلى الصحراء الغربية بالحكم الذاتي.

ومثل ما رفض الفلسطينيون التهجير لتحويل غزة إلى مقاه وفنادق رغم الإبادة، ستكون الحال سيان في الصحراء الغربية؛ فلا يحصل هؤلاء لا هنا ولا هناك، ولن تكون التصفية التي تستهدف القضيتين. كما أوضح المتحدّث أنّ قضية بلاده أصبحت في مرمى الأمم المتحدة، التي أصبحت في ورطة، وتبحث عن حلول، وطبعا فإنّ فشلها يعني خروج القضية من يدها، وهو إعلان عن فشلها كمؤسّسة دولية لم يعد لها أثر. وبالنسبة لإمكانية تصنيف البوليزاريو كمنظمة إرهابية قال إنّ ذلك غير وارد؛ لأنّ المنظمة معترف بها في الأمم المتحدة، وهي، أيضا، عضو في الاتحاد الإفريقي. وهنا يردّ بسخرية: "إلا إذا كان التصنيف عن طريق سطرين في تويتر"، ليؤكد أن الاستفتاء هو الخيار المعقول.

نماذج من الثقافة الصحراوية

من جهة أخرى، وقف السيد حمدي يحظيه عند الثقافة الصحراوية منها الحسانية، متمثّلة بشكل أساسي، في الشعر. وهذا النوع الحساني لا يقتصر فقط على الصحراء الغربية، بل يمتدّ أيضا إلى موريتانيا والجزائر. فمثلا يوجد هذا الشعر في بعض المناطق الجزائرية، منها الجلفة والأغواط، علما أن لهذا الشعر الشعبي لهجته، وتفعيلاته، وبحوره الشعرية.

كما صرح المتحدث بأنّه يسعى لترجمة أعماله؛ منها ثلاث مجموعات قصصية، علما أنه يكتب في الصحافة. ويشارك بأفلام وثائقية، ولديه اليوم 40 كتابا مطبوعة، خاصة بالقضية الصحراوية، وروايات عن الجزائر. وأبرز أيضا أنه بعد 31 أكتوبر أصبحت القضية محتاجة أكثر للكلمة، والصورة، وللمعركة الإعلامية والثقافية، مشيرا إلى أنه إذا كان الاحتلال المغربي يجند الآلاف للهجوم على الصحراء عبر الفضاء الأزرق، فإن الصحراويين لا يحتاجون لذلك؛ فهم يدافعون عن حقوقهم. وهناك أصدقاء يدافعون عنهم عن اقتناع، وإيمان، ودون مقابل.

وأكد الأستاذ يحظيه أن الصحراويين تعرضوا للنكسة حينما قام الاحتلال المغربي بسحب كل المخطوطات عندهم. ولا يدري الكثيرون ماذا فعل بها، علما أن بعض الصحراويين قاموا بتهريب بعض مخطوطاتهم، ودفنوها، لكنها رغم ذلك ضاعت.

الساقية الحمراء وواد الذهب أصل مشترك

بالمناسبة أيضا، أسهب الأستاذ في الحديث عن منطقة الساقية الحمراء التي انتقل علماؤها وأهلها للشمال، خاصة إلى بجاية وتيزي وزو وجيجل، وعند أولاد نايل، وفي بوسمغون وغيرها. وكان ذلك منذ سقوط الدولة الإدريسية والمرابطين. وكان العلماء يأتون إلى الجزائر ويستقرون فيها. كما انتقل أهل الساقية إلى تونس وليبيا وحتى فلسطين والأردن. وتحدّث عن اللهجة الحسانية، ولهجة البيضان. وقال إن أصل المنطقة وسكانها حميري، وأن تسميات الأماكن القديمة في الصحراء وموريتانيا والجزائر هي صنهاجية.

وأثناء النقاش تدخّل الدكتور عاشور فني للحديث عن الشعر الحساني وقال: "تهمني القضية، ويهمني الكاتب"، مضيفا أن ما يلفت انتباهه في كتابات الأستاذ يحظيه، طريقته في اختيار المواضيع. وأضاف الدكتور فني أنه أشرف على تأطير طلبة صحراويين بالجامعة الجزائرية منذ سنة 85 في ما تعلق بالقضية الصحراوية سياسيا وثقافيا، مؤكدا أن الشعب الصحراوي يريد أن يتحرر. كما أشار المتدخل إلى أن الثقافة الصحراوية تقوم على البعد العربي من خلال الشعر الحساني، وعلى الثقافة الصنهاجية التي يتداخل فيها العربي والأمازيغي في وحدة متكاملة. والثقافة هذه تمتد عبر الساقية الحمراء وواد الذهب وصولا إلى شنقيط. وبالمناسبة، ذكّر جهود الجزائر في تثمين الحسانية؛ حيث تم الاشتغال عليها منذ سنة 2015، ثم عبر تظاهرات مختلفة استقبلت الشعراء والفنانين.