الذاكرة

ياسمينة.. رحيل في عز العطاء

ياسمينة.. رحيل في عز العطاء
  • 781
مريم. ن مريم. ن

تبقى الراحلة ياسمينة، حسناء الشاشة الجزائرية، بلا منازع، لم تستطع أي فنانة بعدها أن تشاركها هذه المكانة، بعد مرور أكثر من 40 عاما عن رحيلها. ياسمينة ذات الوجه الملائكي والصوت الحنون، والحضور القوي، استطاعت أن تجمع كل مؤهلات النجاح، والأهم أنها استطاعت أن تبقى حية في وجدان الجمهور، من خلال الروائع التي قدمتها. 

من منا لا يذكر زوجة عمي العربي في فيلم "أبناء نوفمبر" وحسناء "الليل يخاف من الشمس"، ومن منا لم يستمتع بصوت ياسمينة وهي تردد غناء الفنان محمد العماري في "آه ياقلبي شحال تكويت من كية"، وغيرها من الأعمال التلفزيونية والإذاعية والمسرحية. هي الفنانة الكبيرة ياسمينة دوار، ابنة مناضل كبير في حزب الشعب (كان مستشارا بالحزب)، تم توقيفه يوم 14 ماي 1941، أي أسبوع بعد ميلاد ابنته ياسمينة (7 ماي 1941)، ودخل عدة سجون، كسركاجي، الحراش، البرواقية، لينفذ فيه الإعدام، وهكذا لم تستطع ياسمينة أن تسجل صورة أبيها في مخيلتها. 

بعدها، أعادت والدتها الزواج، لتترك صغيرتها ياسمينة في أحضان جدتها، كبرت الصغيرة ودخلت المدرسة، لتتوقف عنها وتتزوج في سن مبكرة (في سن 16)، ثم تطلق أيضا بسرعة، وقد أثمر هذا الزواج ابنتها نعيمة التي تكفلت بها إلى غاية رحيلها. اشتغلت السيدة ياسمينة - رحمها الله - مربية أطفال بمستشفى بني موسى، وكان ذلك سنة 1963، لتلتقي بعدها الفنان محمد حلمي، الذي اقترح عليها التمثيل في إحدى مسرحياته "الخميرة أو البيروقراطية"، كما مثلت في مسرحية أخرى لمحمد بدري "قفاز العدالة"، أما الميدان السينمائي، فدخلته سنة 1964، حيث شاركت في فيلم "المزاح يتحول إلى حقيقة".

ثم شاركت في فيلم مطول لمصطفى بديع بعنوان "الليل يخاف من الشمس"، إلى جانب كوكبة من الفنانين، كمصطفى كاتب، عبد الحليم رايس، سيد أحمد أقومي وغيرهم. في سنة 1968، مثلت "الهجرة"، وفي 1971 "الكلاب" للهاشمي شريف ، ثم "حكاية حورية"، في سنة 1975 فيلم "أبناء نوفمبر" لموسى حداد، وفي 1977 فيلم "حسان طيرو في الجبل" لموسى حداد.

تعاملت الراحلة ياسمينة مع أب الفنون في بداياتها الفنية، والتحقت بالمسرح الوطني في سنة 1966، وتقمصت فيه عدة شخصيات،  أعطتها بفضل موهبتها بعدا إنسانيا وعمقا نفسيا خاصا. أنجح مسرحياتها "دائرة الطباشير القوقازية" للحاج عمر، كان ذلك سنة 1969، وأدت فيها دور روشة الذي فتح لها أبواب الشهرة، سواء داخل الوطن أو في الخارج، خاصة بالقاهرة، حيث جلبت لها أنظار أكبر الفنانين والنقاد.

في سنة 1970، مثلت في مسرحية "إبليس الأعور" للمؤلف ناظم حكمت وإخراج علال المحب، وفي نفس السنة، شاركت في "البوابون" مع رويشد وإخراج مصطفى كاتب، وهكذا توالت الأعمال منها "باب الفتوح" لطه العامري سنة 1973. و"سكة السلامة"، من تأليف سعد الدين وهبة وإخراج سعد أردش في 1975، و"الإنسان الطيب في سي تشوان" للهاشمي نور الدين في 1976 ومسرحية "المولد" لعبد الرحمان الجيلالي، من إخراج زياني الشريف وأورياشي وشقراني سنة 1977، وفي نفس السنة، شاركت في مسرحية "زعيط ومعيط ونقاز الحيط" لمحمد التوري وإخراج الهاشمي نورالدين.

قامت المسرحية بجولة عبر ولاية وهران، وقدمت آخر عرضها بمدينة أرزيو، وأثناء عودة الفرقة المسرحية إلى وهران، توفي أربعة من الممثلين في حادث مرور على متن سيارة "R4"، منهم ياسمينة، عوشات، فيلالي وشايب الذراع، في حين نجا منهم الشريف عياد، وهكذا انطفأت شمعة ياسمينة في 19 جوان 1977، عن عمر يناهز 36 عاما، ليبقى مكانها فارغا لم تستطع فنانة بعدها ملأه.