على خشبة مسرح "مجوبي"

"وقائع سنين الجمر"...تحية مزدوجة لحمينة

"وقائع سنين الجمر"...تحية مزدوجة لحمينة
  • 340
 سميرة عوام سميرة عوام

قُدّم عرض مسرحي مقتبس عن الفيلم الخالد "وقائع سنين الجمر" ، على خشبة المسرح الجهوي "عز الدين مجوبي" بعنابة، وسط حضور جماهيري غفير ومتنوّع، أعاد من خلاله طاقم العمل إحياء واحدة من أرقى المحطات في ذاكرة السينما الجزائرية، والعالمية.

وجسّد العرض ببراعة مرحلة مفصلية من التاريخ الوطني، عبر رؤية مسرحية أعادت رسم معاناة الشعب الجزائري تحت نير الاستعمار الفرنسي، مُستلهمة من التحفة السينمائية للمخرج الكبير محمد لخضر حمينة، الذي صنع بمزيج من الجمال والوجع، فيلما استثنائيا نال به السعفة الذهبية في مهرجان كان سنة 1975.

وتمكّن الممثلون على الركح من ترجمة القوّة البصرية والرمزية للفيلم، إلى تعبيرات جسدية وصوتية آسرة، مستخدمين الإضاءة، والموسيقى، والديكور لإبراز عمق المأساة الوطنية، دون أن يفقد العرض خصوصيته الفنية كمسرحية مستقلة الهوية.

وتأتي هذه المبادرة في سياق ثقافي أوسع؛ حيث عرف العرض أيضا، تكريما خاصا لاسم محمد لخضر حمينة، الذي خُصّص له كتاب جماعي صدر مؤخراً، يوثّق مسيرته السينمائية الرائدة، ويحتفي بمساهماته في التأسيس لسينما جزائرية مقاومة وملتزمة. وبهذا يصبح العرض المسرحي تحية مزدوجة؛ إحداهما لذاكرة الثورة، والأخرى لعملاق من عمالقة الفن السابع في الجزائر، والعالم.

وعزّز رمزيةَ هذا التكريم الحضور اللافت لأحد أبطال الفيلم الأصلي، الممثل القدير حسان بن زراري، الذي شارك في "وقائع سنين الجمر" سنة 1975، ليكون بذلك شاهداً على ولادة جديدة للعمل فوق الخشبة، بعد أن خُلّد على الشاشة. 

وقد قوبل ظهوره بتصفيقات حارة من الجمهور، الذي رأى فيه جسراً حياً بين الماضي والحاضر، وبين السينما والمسرح، وبين ذاكرة الثورة وروح الفن.

ونجح "وقائع سنين الجمر" على ركح عنابة في ربط الأجيال بتاريخها وذاكرتها، مؤكّدا أنّ الأعمال الكبرى لا تموت، بل تعود بأشكال جديدة لتقول ما لم يُقَل، ولتُذكّر بأن الفن الحقيقي لا يخضع لزمن، بل يصنعه. كما تم أمام الحاضرين وبحضور مخرجين، كتاب لخضر حمينة الجماعي، والذي شارك فيه 20 ناقدا.