‘’المساء” تنقل واقع الأحياء الجديدة بالعاصمة

نقائص ”المراقد المعزولة” تصنع متاعب المواطنين

نقائص ”المراقد المعزولة” تصنع متاعب المواطنين
  • القراءات: 2455
❊  رشيد كعبوب ❊ رشيد كعبوب

لم يجد المواطنون القاطنون بالأحياء الجديدة في العاصمة راحتهم، وهم الذين كانوا يبحثون عنها، عندما أرادوا التخلص من ضنك الحياة داخل الأكواخ، والبيوت الهشة، وضيق المساكن، وأعباء الكراء لدى الغير، حيث صاروا يواجهون معاناة من نوع آخر، تتمثل في غياب المرافق الخدماتية الضرورية، التي زادت من متاعب السكان الذين سردوا لـ«المساء، في هذا الاستطلاع، جملة من المشاكل والنقائص التي نغصت حياتهم، وحرمتهم من الراحة، في أحياء صارت، حسب تعبير من التقينا بهم، أشبه بـ«المراقد المعزولة، مؤكدين أن السلطات العمومية التي نجحت في توفير هذه الشقق وتوزيعها على مستحقيها، في مختلف الصيغ، تنصلت عن استكمال مهام توفير أحياء متكاملة تتوفر على ضروريات الحياة.

زيارة المساءإلى بعض أحياء العاصمة،جعلتنا نقف على عدة نقائص، لويتم استدراكها، سيكون السكان في راحة من أمرهم، ولن يشكلوا ضغطا على مراكز البلديات ومؤسساتها ومرافقها الخدماتية، التربوية، الصحية وغيرها، هكذا قال لنا أحد سكان حي الكروش الجديد ببلدية الرغاية، شرق العاصمة، الذي أكد لنا أمثاله في عدة أحياء،أنهم يرغبون ويبحثون عن حلول سريعة للمشاكل العالقة، واستدراك جملة النقائص التي لم تكن في الحسبان.

حي سليماني بالكاليتوس ... ضغط سكاني يقابله نقص المرافق

يواجه سكان حي سليماني الجديد ببلدية الكاليتوس عدة مشاق، جراء نقص المرافق العمومية، خاصة في مجال التعليم والصحة، هذان القطاعان اللذان لم تستطع السلطات العمومية استدراك النقائص بهما، حتى قبل نشأة هذا الحي الجديد، الذي تم تدشينه العام الماضي، ولم تنجز به أية هياكل تربوية ولا صحية ولا غيرها، ليزيد الأمور تعقيدا، وتتضاعف متاعب السكان المجاورين، منها أحياء 500 مسكن، 300 مسكن، 621 مسكنا الواقع بالضفة الغربية لبلدية الكاليتوس.

في زيارتنا للحي، التقينا العديد من السكان الذين سردوا علينا جملة من النقائص التي يواجهونها، وعلى رأسها نقص المؤسسات التربوية في كل الأطوار. ذكر أحد أولياء التلاميذ القاطن بالحي الجديد قبالة مدرسة مسعود حرحار، الواقعة بحي 621 مسكنا، أن الأقسام هذه السنة يتعدى معدل التلاميذ بها الـ45 متمدرسا، وأن هذه المؤسسة لم تعرف أي توسيع، مثلما شهدته باقي المؤسسات المكتظة التي تصرفت بشأنها المصالح المعنية، وتم تزويدها بشاليهات، لامتصاص الفائض من التلاميذ، مشيرا إلى أن هذه الوضعية ستؤثر لا محالة على مردود الأبناء، وترهق المؤطرين، ليضيف ولي تلميذ آخر قائلا، إن مشروع المدرستين الابتدائيتين المبرمج إنجازهما بحي سليماني الجديد، لم يتم إلى حد الآن، وكان من المفروض أن يتم تدشينهما مع بداية توزيع السكنات، وأن مشروع إحدى المدرستين لا يزال يراوح مكانه، كذلك الأمر بالنسبة للخدمات الصحية المنعدمة تماما بهذا الحي، فالسكان يضطرون إلى التنقل إلى المصحات الجوارية بحيي الراديو و1600 مسكن، البعيدين، في وقت تبقى قاعة العلاج التي تم تجهيزها بحي 500 مسكن الذي دشن سنة 2010، دون أن يتوفر على متطلبات الإطار المعيشي اللائق والمريح، والمرافق الخدماتية الضرورية.

أكد لنا أحد سكان الحي من حي 1200 مسكن الجديد، أن مخطط هذا المجمع السكني الجديد، وفق ما كان معلقا على لافتة تشرح تفاصيل الهياكل المبرمجة، منها ابتدائيتان، متوسطة، ثانوية، سوق جوارية ومصحة، لكن لا شيء توفر من هذه المرافق، وهو ما أبقى على معاناة السكان.

حي جنان السفاري ببئر خادم ... آلاف السكنات الجديدة تفتقر للضروريات

و يختلف حي جنان السفاري الجديد ببلدية بئر خادم، المتكون من سكنات عدل، عن حي سليماني المتكون من السكنات العمومية الإيجارية، حيث يواجه شاغلوه عدة مشاكل جراء نقص المرافق الخدماتية، حسبما لاحظناه فيه، والذي تبقى فيه عشرات المحلات مغلقة، والمرافق العمومية غائبة، وأكد أحد سكان الحي عمر.ب أن فرحتهم بالشقق الجديدة لم تكتمل، كونهم لم يجدوا ما كانوا ينتظرونه من إطار معيشي مريح، وهياكل عمومية تخفف عنهم عبء التنقل إلى الأحياء والمدن المجاورة.

استغرب محدثنا عن كون المحلات الموجودة بهذا الحي الجديد لا تزال إلى حد الآن مغلقة، وأصبح موطنو الحي مجبرين على اقتناء مستلزماتهم الضرورية من المحلات البعيدة، وامتطاء الحافلات وسيارات الأجرة و«الكلاندستان لقضاء مصالحهم وحاجياتهم اليومية، منتظرين توفير ذلك في حيهم الذي يفتقر لمواصفات الأحياء المتكاملة، وأشار محدثنا إلى أنه لولا امتلاكه لسيارة لكانت وضعيته أكثر تعقيدا، حيث يجد مئات المواطنين الذين يفتقرون إلى هذه الوسيلة، صعوبات جمة في العيش في هذا المجمع السكني الذي لم تتوفر فيه وسائل الراحة.قال المصدر، إن مواطني الحي طالبوا من إدارة عدل الإسراع في توفير المرافق الضرورية وتعجيل فتح المتاجر المغلقة، إذ لم يتم إلى حد الآن بيعها لأصحابها، مؤكدا أنه لا يوجد في هذه البقعة لا سوق ولا خدمات صحية، ما عدا توفير المؤسسات التربوية للطورين الابتدائي والمتوسط، أما بالنسبة للطور الثانوي، فلا يزال التلاميذ يتنقلون إلى ثانوية بحي المالحة التابع لبلدية جسر قسنطينة.

حي الكروش بالرغاية «مرقد كبير ومعاناة أكبر!!

زيارتنا إلى حي الكروش ببلدية الرغاية، الذي يضم أزيد من خمسة  آلاف سكن عدل أشبه بسابقيه، فهو عبارة عن مرقد كبير، حسب تعبير أحد السكان المتقاعدين عمي عبد القادر الذي وجدناه جالسا في سلالم العمارة، بعد أن نزل للتو من الحافلة وفي يده كمية من حليب الأكياس، جلبها من المدينة، حيث راح يسرد لنا الوضعية الصعبة التي يعيشها سكان هذا المجمع السكني الضخم  مترامي الأطراف منذ 2017، وعدد محدثنا جملة النقائص التي نغصت عليهم حياتهم بهذا الحي الذي لا تزال محلاته مغلقة بالكامل، ما عدا محل الصيدلية.

تفسير الأمر، حسب أحد مستخدمي إدارة عدل الذي وجدناه بعين المكان، أن المحلات لا تزال لم توضع في المزاد العلني للبيع، واستغلالها من طرف أصحابها، ويسمح القانون ـ حسبه ـ فقط بفتح الصيدليات المصنفة في خدمات المنفعة العامة، كأن الخدمات الأخرى ليست من المنفعة العامة.

اشتكى لنا عمي عبد القادر نقص الخدمات قائلا، إن السكان لا يجدون رغيفا ولا كيس حليب في هذا المرقد الكبير، والعائلات الكبيرة التي يكون بها متقاعدون مثله، يمكن أن يتكفلوا باقتناء المستلزمات، لكن الأمر يصبح أكثر تعقيدا بالنسبة للعائلات التي يخرج فيها رب العائلة للعمل، ويترك الزوجة تتكفل بمثل هذه الأمور، مشيرا إلى أن هذه الوضعية طالت، ولم يتغير شيء منذ أكثر من عامين، وهو ما يؤكده عمي حميد الذي وجدناه يحمل كيسه الفارغ متجها نحو مدينة الرغاية للتسوق واقتناء المستلزمات الضرورية، حيث ذكر أنهم يواجهون عزلة تامة ومتاعب جمة، بسبب نقص المرافق العمومية، كالسوق أو المحلات، البريد، المركز الأمني و المصحات، وأن إدارة عدل بالحي لا تهتم بالأمر، لكنها في المقابل ـ حسبه ـ تهتم بالتحصيل المالي للإيجار الشهري، ولا تتخلف عن تغريم المتأخرين عن التسديد.

كما طرح سكان الحي مشكل انعدام الأمن في هذه المدينة الجديدة الواقعة بإقليم اختصاص الدرك الوطني، مطالبين بتأمين المنطقة، لاسيما أن العديد من الشقق تعرضت للسطو، حسب محدثنا عمي حميد، الذي أكد لـ«المساء، أن منزله تعرض للسرقة، وهناك عصابة تقوم بالاعتداء على ممتلكات المواطنين، وهو ما يتطلب وضع حد لهذه الظاهرة. في المحصلة، يبدو أن هذه الوضعية التي رصدناها في بعض أحياء العاصمة، هي عينة للعديد من الأحياء الأخرى بكل بلديات ولاية الجزائر، بل وبباقي ولايات الوطن، فلا يوجد في الغالب حي تتوفر فيه كل متطلبات الحياة، ما عدا تلك الأحياء الجديدة الموجودة داخل المدن، التي قد تستفيد من المرافق القديمة القائمة، وهو ما يؤكد عجز السلطات العمومية عن توفير أحياء متكاملة تخضع للمقاييس الحقيقية، وتوفر البيئة المناسبة للعيش.