معرض صراح بلحنش برواق "عائشة حداد"
"نسمات الجزائر" في 33 لوحة

- 840

33 لوحة للفنانة صراح بلحنش، تعرضها حاليا برواق "عائشة حداد" (العاصمة)، تحت شعار "نسمات الجزائر"، تتدفق بجمال تراث المحروسة ومناظرها الخلابة ومعالمها العتيقة، حيث تستلهم الفنانة الصيدلانية رسوماتها من التراث الجزائري سواء المادي منه وغير المادي، وهو ما يظهر بشكل واضح وصريح في لوحاتها مختلفة الأحجام، وإن كانت تصب في موضوع واحد "التراث"، ما عدا البعض منها التي رسمت فيها الطبيعة الصامتة.
شكلت المدينة، بالنسبة لصراح، موضوعا مهما رغبت بشدة في تسليط الضوء عليه وتبيان خصوصياته، وفي هذا اختارت رسم القصبة التي طالما تغنى بها الشعراء، ورسمها أيضا تشكيليون كثر، فرسمت لوحة "عين سيدي عبد الرحمن" ولوحة "شيخ زبير" وغيرها، والتي أبرزت فيها أزقة ومباني وحتى ناس القصبة. كما أن حب الفنانة للقصبة والجزائر العاصمة لم يثنها عن رسم سانتا كروز، ومشهد من مدينة اسطنبول، وآخر عن الأندلس.
عودة إلى القصبة، حيث رسمت الفنانة بعض معالمها، مثل لوحة "جامع كتشاوة" التي أرفقتها ببطاقة تعرفنا به، جاء في بعضها أنه تم تشييد الجامع لأول مرة من طرف قبيلة رباعي عام 1436، على هضبة الماعز، ليتم تكبير مساحته عام 1613، في ظل الوصاية العثمانية. وتعرض الجامع للانهيار مرتين، ليتم بناؤه من جديد عام 1794، بمبادرة من حسان باشا، ومن ثم، تمت مصادرته من طرف المحتل الفرنسي وأصبح كاتدرائية "سانت فيليب" حتى عام 1962، تاريخ استقلال الجزائر، ليعود مسجدا من جديد. وأرفقت الفنانة خمس بطاقات تعريفية للعديد من اللوحات، وهي سانتا كروز وجامع كتشاوة وعين سيدي عبد الرحمن وأزقة القصبة وكاراكو العاصمي وخيط الروح. وفي هذا السياق، ذكرت مثلا في ورقة "الكاراكو"، أن أصوله جزائرية، وقد ظهر في القرن الخامس عشر، وكان يسمى بـ«الغليلة"، وترتديه الطبقة الثرية.
أما الورقة الخاصة بعيون القصبة، فقد ذكرت البعض منها، والموجودة في عدد من أحياء القصبة، مثل زوج عيون وعين بير جباح وعين سيدي عبد الله، البعض منها ما يزال موجودا، وقد بناها أو رممها علي باشا بين سنتي 1759 و1765، وقد كانت مصدر حياة المدينة التي كانت مجهزة بقنوات مياه، تكفي لتزويد المدينة بالمياه. في المقابل، طغى على لوحات صراح المُحبة لفن التصوير، ومن ثم الرسم، اللون الأزرق الذي نجده في السماء الصافية وحتى في البحر الهادئ، وفي قوارب الصيد وأبواب مباني القصبة، أليس هو اللون الذي يعبر عن الصفاء والطبيعة والهدوء؟ أي نفس صفات صراح؟.
وعن الطبيعة، رسمت صراح، ولم تشأ إلا أن تعبر عن ولعها هذا، بلوحات رسمت فيها غروب الشمس وأخرى عن طير النحام الوردي، لتؤكد رغبتها الشديدة في تخليد لحظات وتثبيتها الأبدي، من خلال أعمال فنية. كما رسمت أيضا المرأة، تحديدا العاصمية العروس، وهي ترتدي "الحايك والكاراكو وخيط الروح"، لتؤكد حبها للزي التقليدي العاصمي الجميل فعلا، وبالأخص "الحايك" الذي كان ضيف شرف العديد من اللوحات المعروضة. كما رسمت الفنانة أيضا مجموعة من اللوحات بتقنية الطبيعة الصامتة، التي رغم أنها قديمة واستعملت من طرف فنانين كبار منذ زمن بعيد، إلا أن مكانتها الفنية بقيت عالية ومحبوها كثر.
وعرضت لوحة رسمت فيها شمعة مضيئة، وأخرى سلة للفواكه. هكذا ومن خلال لوحاتها التي عنونت بعضها بـ«نزهة"، تأخذنا صراح في جولة عبر أزقة ومباني وبحر القصبة، وإلى مناطق أخرى من الجزائر وخارجها، لتؤكد على مال تراث بلادي المادي منه وغير المادي.