الموريتاني عبد الفتاح سلي في ندوة بدار "بشطارزي":

ندعو الجزائر لمساعدتنا بخبرتها في التكوين المسرحي

ندعو الجزائر لمساعدتنا بخبرتها في التكوين المسرحي
  • 139
لطيفة داريب لطيفة داريب

قال المخرج المسرحي عبد الفتاح سلي إنّ المسرح الموريتاني يسير ببطء لكن في الاتجاه الصحيح، مضيفا في المحاضرة التي ألقاها أوّل أمس بالمسرح الوطني الجزائري "محي الدين بشطارزي" أنّ مسرح بلده يعكس التنوّع العرقي للمجتمع الموريتاني ويعتمد كليا على النص المحلي المسرحي والروائي، بينما يبقى حضور المرأة في الأعمال المسرحية ضعيفا.

تحدّث المسرحي الموريتاني عبد الفتاح سلي عن جهود المسرحيين الموريتانيين الفنية والمالية في صنع العروض المسرحية في بلد شهد ميلاد المسرح سنتين قبل استقلال موريتانيا (1958)، وهذا في شكل كوميدي خالص قبل أن ينتقل إلى النقد السياسي فالاجتماعي ليعود مجدّدا ويهتم بمختلف القضايا.

أشار عبد الفتاح إلى تأثّر الفن الرابع في موريتانيا بالوضع السياسي للبلد، فبينما ولد بثوب فكاهي ناقد للسلطة، شهد جمودا تاما عام 1978 بعد انقلاب في الحكم ليعود مجدّدا عام 1984 لكن بعيدا عن الحديث في أمور السياسة بل اقتصر على مسائل تمسّ المجتمع، إلاّ أنّ الأمر تغيّر عام 1990، تحديدا بعد تنظيم الانتخابات المحلية حيث عرف حركية معتبرة، لكنّه تعرّض للتهميش مجدّدا بعد إقحام الدين في أمور السياسة والفن ثم عاد مرة أخرى عام 1998 وهذه المرة بجرأة أكبر في تناول المواضيع، ليشكّل البنية الأساسية في إنشاء المسرح الموريتاني الحالي الذي أصبح يشارك في المهرجانات الدولية.

أضاف عبد الفتاح أنّ جمعية المسرحيين الموريتانيين التي تأسّست عام 2008 أبرمت اتفاقية مع المعهد العربي للمسرح فكانت ثمرة هذا التعاون إنشاء المهرجان الوطني للمسرح المدرسي فالمهرجان الوطني للمسرح، لتنطلق مهمة التكوين واستضافة خبراء من عدّة دول ومن بينها الجزائر حيث تم استضافة جمال قرمي ومحمد شرشال وهارون الكيلاني الذي أخرج مسرحية "البتول" بعد تكوين مسرحيين موريتانيين لمدة شهرين كاملين.

وتابع عبد الفتاح أنّه أصبح لموريتانيا معهد فني يضمّ علاوة على المسرح، الموسيقى والفن التشكيلي والسينما، لكنّه لا يعمل بشكل دائم بل يتم على مستواه تنظيم ورشات. ليدعو الجزائر إلى مساعدة موريتانيا مسرحيا خاصة وأنّ لها خبرات كثيرة في هذا المجال. كما تطرّق أيضا إلى الفضاءات الحاضنة للعروض وعددها اثنتان، وكذا إلى عدم وجود مسرح وطني بالبلد بل مجموعة من الفرق التابعة لمحبي المسرح الذين يموّلون أعمالهم من جيوبهم، في انتظار تأسيس تركيبة تدمج الفرق المسرحية في إطار مقنّن.

أما عمّا يميز المسرح الموريتاني، قال سلي إنّ الفن الرابع وليد مجتمعه، لهذا فالمسرح هناك يأخذ بعين الاعتبار التنوّع العرقي في مجتمعه، أي البعدان العربي الحساني والإفريقي، مضيفا أنّ المسرح الموجّه للمجتمع الحساني يأخذ بعين الاعتبار، قوّة الكلمة خاصة إذا كانت فصيحة، وإلاّ لتعرّض الممثلون إلى تصحيح لأخطائهم على المباشر، وكذا الاهتمام بتأويل بعض الكلمات في اللهجة الحسانية. كما يستند أيضا إلى الثقافة الصحراوية الثرية وإلى اللغة الشاعرية العاجزة عن تكسيرها.

وأشار المتحدّث إلى الحضور الضعيف جدّا للمرأة في المسرح الموريتاني الذي لا يتردّد في طرح قضايا متعلّقة بالمرأة، إلاّ أنّ حضور المرأة كممثلة ضعيف جدا، بينما يتم الاستناد إلى النص المحلي سواء المسرحي أو الاقتباس من الروايات الموريتانية فقط.

كما عاد عبد الفتاح في مداخلته إلى بوادر ظهور الفعل المسرحي في موريتانيا قبل أن يصبح للبلد مسرحها الكلاسيكي أي كما هو معروف في العالم، وذكر في ذلك ظاهرة تقليد رجل مختص لسكان قريته والأحداث التي وقعت فيها وهذا خلال اجتماع كلّ السكان بعد صلاة العشاء، أيضا هناك حكاية الجدات وتحريك الدمى واستخدام الظلال.

من جهته، قال الممثل محمد عزيز إنّه قرّر رفقة عبد الفتاح سلي وغيره، التضحية من أجل التخصّص في المسرح ومحاولة رفع اسم موريتانيا في المسارح العالمية رغم صعوبة الأمر خاصة من حيث التمويل. في حين أعاب الممثل مراد محمد نقص العنصر النسوي في المسرح الموريتاني، ما دفعه إلى تقمّص شخصيات نسوية في أكثر من عمل وكذا من قلة الاعتبار للممثل المسرحي في البلد وكأنه دمية تحرك من كل جهة. كما دعا الى توفير ميزانية خاصة بالتكوين في المعهد الوطني للفنون. 

للإشارة، عُرضت بالمسرح الوطني الجزائري، مؤخرا، مسرحية "ديبه" للمعهد الوطني للفنون بموريتانيا وجمعية "إيداء" للفنون الركحية، تأليف وإخراج عبد الفتاح سلي. عن رواية "عن الذي يثقب الناي والذي تنثر خطاه في نافلة الرمل" للروائي المختار السالم.