"الخط العربي تاريخ وأصالة" بقصر رياس البحر

من النشء إلى روائع الفنون وتحف النسخ

من النشء إلى روائع الفنون وتحف النسخ
  • القراءات: 398
مريم . ن مريم . ن

قدم الخطاط إبراهيم شبايكي، أول أمس، بمركز الفنون والثقافة في قصر "رياس البحر"، محاضرة بعنوان "الخط العربي تاريخ وأصالة"، على هامش معرض الخط العربي والزخرفة المُقام بالقصر، وفيها جال المحاضر عبر مختلف الحقب التاريخية التي مر بها الخط العربي، وكيف كان رمزا للتواصل والفن والجمال، الذي لم يبلغه أي خط آخر من شتى اللغات.

أعطى المحاضر خلاصة التسلسل الزمني لتاريخ الخط العربي، بداية من زمن الكتابة النبطية، وصولا إلى الخط الكوفي، ثم الديواني والرقعة، وتوقف عند مراحل تطوره ومدى أصالته وامتلاكه لقواعد وجماليات لم يملكها غيره من خطوط اللغات الأخرى، مؤكدا أن ذلك راجع لتعلق هذا الخط، وارتباطه بالقرآن العظيم، إذ أنه وعاء له، وبالتالي يحمل جوانب روحية، علما أن الكتابة والسطر والقلم مذكور في كتاب الله، وهكذا فإن العلاقة وثيقة بين القرآن الكريم والخط العربي. أشار المحاضر، إلى أن أقدم خط عربي هو "النبطي"، نسبة للسكان الأنباط بالجزيرة العربية، وعاصمتهم "سلع"، التي تسمى اليوم "البتراء" بالمملكة الأردنية، وكانت بلادهم تمتد من طور سيناء إلى الشام والحجاز، في القرن الخامس قبل الميلاد، مقدما نماذج من تلك الكتابة على شاشة العرض، وهو خط بحروف غير مترابطة، ثم أصبحت الكلمات مترابطة، ما عدا الحروف المتشابهة، لا توصل مع حذف المد، وذلك ما تم اعتماده حتى مع ظهور الإسلام وقراءات القرآن، وقد اتخذ الرسول عليه الصلاة والسلام كتابة الوحي بخط يشبه الخط النبطي، وأضاف المتحدث أنه تم بعد ذلك، تطوير هذا الخط، ليصبح الخط الكوفي نسبة لمدينة الكوفة، علما أنه كان قبل ذلك خط "السند" في جنوب اليمن، لكنه اندثر. قال الأستاذ شبايكي، إن الخط الكوفي خط هندسي بسيط، مر بـ3 مراحل، وهي الكوفي المجرد البسيط الذي ظهر في بداية الإسلام، وليس فيه تنقيط أو تشكيل وحركات حروفه ليس فيها دوران كبير، أم المرحلة الثانية التي تزامنت وازدهار الحضارة الإسلامية، وظهر فيه أبو الأسود الدؤلي الذي نقط الحروف بأمر من علي رضي لله عنه، خدمة للعجم، وتمظهر تشكيل الحروف مع الخليل بن أحمد الفراهيدي واضع أول قاموس عربي "العين" وواضع علم العروض، ليتحول الخط إلى فن راق، مع تعاقب الحضارتين الأموية والعباسية.

تحدث المحاضر عن ابن مقلة الوزير (أبو علي الحسن) مؤسس الخط العربي الحديث، حيث هندس الخط وضبط الحروف ضمن دائرة مضبوطة، واخترع خط الثلث (أي باستعمال ثلث القلم)، ثم ابتكر خط النسخ، وهنا ذكر المحاضر اسم سامي أفندي من تركيا (توفي منذ قرن)، الذي وضع بصمته في الثلث وقدم فيه أشهر لوحة في العالم. أما النسخ فهو يشبه الثلث، لكنه أبسط وأسهل (رغم أنه أحيانا يكون السهل الممتنع)، ولا تداخل بين حروفه كي يقرأه الجميع بوضوح. للإشارة، توقف المحاضر عند بعض مشاهير هذا الخط، منهم ابن البواب ببغداد، الذي هذب الحروف العربية وضبطها، ثم ياقوت المستعصمي الذي كتب ألف نسخة من المصحف وطور في القلم، خاصة في رأسه "القط".

هناك أيضا الخط المبسوط المغاربي الممتد من الإسكندرية شرقا، حتى الأندلس غربا، وهو من صلب الخط الكوفي، تم تطويره، تماما كما طور العثمانيون الخط وابتكروا "الديواني"، وهو صعب القراءة ومشفر وخاص بالسلطة والإدارة فقط، ثم ظهر الجلي الديواني، وصولا إلى الرقعة، وهو آخر الخطوط ابتكارا، وموجه لعموم الناس، لأنه بسيط ومنتشر. خطاطو اليوم يفضلون أجمل الخطوط، وهو النسخ والثلث، وهنا ذكر المحاضر فارس الخط في الجزائر محمد شريفي، أول من نسخ المصحف في الدولة الجزائرية المستقلة، وهو الآن بصدد نسخ النسخة الرابعة. للتذكير، أقيمت المحاضرة على هامش معرض الخط والزخرفة بقصر رياس البحر، الذي اختتمت فعالياته مساء أول أمس الخميس.