قصر الثقافة فضاء للتراث الحساني المشترك
منبر لتثمين الذاكرة الحية والإصرار على الوجود

- 141

أكد المشاركون في المعارض المنظمة بمناسبة تظاهرة "الجزائر عاصمة الثقافة الحسانية" بقصر الثقافة خلال حديثهم لـ"المساء" وجود تراث مشترك بين الجزائر والصحراء الغربية وموريتانيا يتمثل في الثقافة الحسانية، معربين عن سعادتهم باحتضان الجزائر لفعالية تخص هذا الوعاء الثقافي الثري والعميق.
تعرف تظاهرة "الجزائر عاصمة الثقافة الحسانية"، في طبعتها الثانية، تنظيم معارض للصناعة التقليدية والكتاب والسينما وللحظيرة الوطنية للثقافة بتندوف، بالإضافة إلى عرض نماذج عن العادات والتقاليد والطقوس التراثية التي تعدّ تراثا مشتركا بين شعوب الجزائر والصحراء الغربية وموريتانيا، علاوة على تنظيم أمسيات شعرية بالمخيم التقليدي "المحصر" واستعراضات فلكلورية وفنية في الثقافة الحسانية.
بالمناسبة، قال الأستاذ ابراهيم سالم أحمد الخليل، المدير العام للصناعة التقليدية والحرف بالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، لـ"المساء" إنّ العلاقات بين الجزائر والبوليساريو أعمق من أن تكون سياسية وحسب بل هي ثقافية وعرقية أيضا، ثقافية من خلال الثقافة الحسانية التي تربط بينهما وعرقية لأن مجموعة من القبائل الصحراوية موجودة بالجنوب الجزائري. وأضاف أنّ الجمهورية العربية الصحراوية تستمد عاداتها وتقاليدها وحتى هويتها من الثقافة الحسانية وهي بالتالي مستقلة تماما ولها كيانها الخاص، كما أنها تستعمل في اللهجة الحسانية العربية والأمازيغية في حين تعتمد موريتانيا أيضا في الحسانية على لهجات دول الجوار.
وأشار المتحدث إلى غياب تام للحسانية بالمغرب، وأن ادعاء المغرب بوجود الحسانية نوع من الاستغلال السياسي، مبررا ذلك بأن القبائل الصحراوية الموجودة في المغرب أصلها من الصحراء الغربية، حتى جنوب المغرب اقتطع من أراضي البوليساريو باتفاق بين فرنسا واسبانيا في إطار تقسيم المستعمرات، كما أنه لا توجد أيّ علاقة ثقافية بين القبائل الصحراوية الأصلية والقبائل المغربية الأصلية.
من جهته، تحدّث الأستاذ محمد مولود مولاي لحسن، مدير النشر والتوزيع لاتحاد الصحفيين والأدباء والكتاب الصحراويين ومسؤول المخطوطات التاريخية بوزارة الثقافة الصحراوية، عن مشاركته في هذه الفعالية بمجموعة من المخطوطات الدينية التي تعود بعضها إلى ثلاثة قرون، بالإضافة إلى دواوين شعر في الثقافة الحسانية، مؤكّدا أنّ الحسانية ليست لهجة ولا ثقافة بل مدرسة أكاديمية لتعليم النشء.
بدورها، استعرضت الأستاذة خديجتو محمود، عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الصحفيين والكتاب الصحراويين، مشاركة "البوليساريو" في هذه التظاهرة بمجموعة من الكتب حول الثقافة الحسانية التي تعتبر هوية الشعب الصحراوي وتوثيق لحياته وثقافته منذ الأزل، وقد طبعت بالتعاون مع وزارة الثقافة الصحراوية والاتحاد الصحراوي وبعض دور النشر الجزائرية وأخرى من دول صديقة متضامنة مع القضية الصحراوية.
بالمقابل، أشار الأستاذ مدي حبيب، رئيس الوفد الثقافي للجمهورية العربية الصحراوية الى تنظيم نشاط فني يتمثل في إلقاء قصائد وأغاني من طرف جزائريين وصحراويين وموريتانيين في خيمة كبيرة من مجموعة الخيم الموزعة في ساحة قصر الثقافة. أما السيدة مريم محمد المختار من موريتانيا فقد عبرّت لـ"المساء" عن سعادتها البالغة وهي تحط قدميها بالجزائر، لعرض منتوجات حرفية وأخرى في الصناعة التقليدية الموريتانية مثل الحلي والملابس والأواني مؤكدة وجود ثقافة مشتركة بين الجزائر وموريتانيا.
وتعرف هذه التظاهرة التي تدوم ثلاثة أيام، مشاركة نشطاء وفاعلين من ولاية تندوف، رفعوا راية الحسانية عاليا من بينهم الأستاذ عبد المنعم تواقين، رئيس المركز الثقافي الاسلامي بتندوف الذي كشف لـ"المساء" عن وجود كتاب جزائري تندوفي خالص يعتبر أول مصنف في الشعر والأدب الحساني في كل المنطقة الحسانية، وقد قامت وزارة الثقافة ممثلة بالمكتبة الوطنية الجزائرية بترميمه عام 2005، تحت عنوان "ديوان حسان في لغتهم ولغة الأعجام والسودان"، يضمّ عدّة أغراض شعرية.
أما الجمعية الثقافية لخزانة أهل باليل للمخطوط تندوف، فتشارك حسب رئيسها باليل حبيب بمخطوطات من بينها مصحف كتبه جده العاشر منذ أربعة قرون، بينما عدّد الأستاذ محمد بوسكين مهام الحظيرة الثقافية لتندوف في حماية التراث الطبيعي والثقافي للمنطقة، من خلال جمع أيّ معلومة تخصّ التراث الإنساني لتندوف وتوثيقها، خاصة وأن تندوف كانت عبارة عن ممر للقوافل المتنقلة من بلد الى آخر . تشارك أيضا ولاية برج باجي مختار في هذه الفعالية التي تحمل شعار "الحسانية تجمعنا" من خلال جمعية الحلة الثقافية بالتنسيق مع جمعية دلال الثقافية، وفي هذا قال رئيس "الحلّة" الأستاذ محمد الأمين عقباوي لـ"المساء" إنّ للجزائر الفضل في نشر العلم ودين الاسلام في قارة افريقيا، مضيفا أنّ المدرسة الكنتية من ساهمت في نشر الثقافة الحسانية.
وتابع أنّ "الحلّة" هي المخيم القائد في الصحراء تحتل مكانة بارزة لدى ساكنتها، بما تحتويه من علماء ومثقفين وفنانين وقبلة للزائرين ومركز باقي المجتمعات الصحراوية الأخرى التي تقصده لفض النزاعات وكذا لإقامة الشعائر الدينية الكبرى وغيرها.