المسجد العتيق بالمدية

مكان للعبادة بعبق التاريخ قيد الترميم

مكان للعبادة بعبق التاريخ قيد الترميم
المسجد العتيق بقصر البخاري، جنوب المدية
  • 555
ق. ث ق. ث

لعب المسجد العتيق بقصر البخاري، جنوب المدية، طوال أكثر من قرنين من الزمن، دورا كبيرا في الحفاظ على هوية الشعب الجزائري، التي طالما حاول المحتل الفرنسي طمسها ومحوها من الوجود. ويتواجد المسجد العتيق الذي تم تشييده في بداية القرن 18، بمنطقة القصر القديم، التي تعتبر أول نواة حضرية لإحدى أهم مدن منطقة السهوب لاحقا، حيث شكلت نقطة عبور للتجار والباعة والمسافرين القادمين من مناطق جنوب البلاد، حسب رئيس مصلحة حماية التراث بالمديرية المحلية للثقافة والفنون، أحمد مربوش.

تعود فكرة بناء المسجد بهذه المنطقة، التي شكلت محورا هاما للتبادلات التجارية، لأحد رؤساء قبيلة "عرش حناشة" (الممتد إلى غاية غرب المدية)، الذي جند الأموال الضرورية لبناء دار للعبادة الإسلامية، كانت الأولى من نوعها بكل منطقة السهوب، استنادا للإمام محي الدين ميسوم. واستقدم صاحب المشروع، أحد الحرفيين من مدينة تلمسان (غرب)، شرع في أشغال البناء حوالي عام 1727، وفق المصدر نفسه. وما فتئ هذا المعلم يتحول على مر السنين، إلى مركز إشعاع ديني وثقافي، كان تتوافد إليه أعداد متزايدة من المصلين، إلى جانب الأئمة والعلماء القادمين من مناطق أخرى من البلاد، لتلقين السكان قيم الدين الإسلامي الحنيف، استنادا للإمام ميسوم، الذي أشار أيضا إلى تنقل العديد من أعضاء جمعية العلماء الجزائريين إلى هذا المسجد، وتنشيطهم لـ"دروس" على مستواه، ابتداء من عام 1930. وذكر من بينهم الشيخ عبد الحميد بن باديس والطيب العقبي ومبارك الميلي والبشير الإبراهيمي.

في إطار المساعي الرامية إلى المحافظة على هذا التراث العريق، كشفت مديرية الثقافة والفنون بالمدية، عن التحضير الجاري لمشروع ترميمه. في هذا الصدد، كشفت مديرة القطاع سليمة قاوة، لوكالة الأنباء الجزائرية، عن "تعيين مكتب دراسي مختص في ترميم المعالم التاريخية، لإعداد تقرير مفصل عن حالة المسجد العتيق، بهدف إطلاق أشغال لحمايته وصيانته"، كما أشارت إلى إشراك عدة أطراف (إلى جانب القطاع الثقافي) في هذا المشروع، على غرار الشؤون الدينية والأوقاف والمجلس الشعبي البلدي لقصر البخاري، وجمعيات ناشطة في مجال الحفاظ على التراث المادي المحلي.

تم في هذا السياق، تنظيم عدة زيارات إلى المسجد العتيق، قصد معاينة وضعية البناية التي تعود إلى العهد العثماني، ومناقشة كل الأطراف المعنية حول التدابير الواجب اتخاذها لتجنب تدهوره، لاسيما مع ظهور تشققات في المئذنة، وفق نفس المصدر. كما أفادت السيدة قاوة، بتتويج هذه الزيارات بعدة قرارات، تتضمن الشروع فورا في أشغال استعجالية، قصد تثبيت مئذنة المسجد وتقوية هيكل البناية عموما، بهدف وضع حد لهشاشة جدران المسجد، خاصة الجزء الذي يحمل هيكل المئذنة.

ولفتت نفس المسؤولة، إلى ترقب الشروع في أشغال توسعة وتقوية البناية، مع الحرص على الحفاظ على طابعه المعماري بالشكل الذي يسمح بتقوية قاعدة المئذنة، التي تشكل في الوقت الراهن، نقطة ضعف هذا المسجد التاريخي. كما تتضمن نفس الإجراءات الاستعجالية، عملية تهيئة محيط المسجد والأزقة المجاورة له، قبل إطلاق مشروع الترميم، استنادا للمصدر.

يذكر أنه تم إدراج مسجد العتيق، في شهر أفريل الفارط، ضمن قائمة الممتلكات الثقافية المحمية، ما جعله منذ ذلك الحين، موضع اهتمام كبير من طرف القطاع الثقافي، الذي يسعى "إلى المحافظة على التراث المادي المحلي وتثمينه"، استنادا لنفس المسؤولة.