معرض كوكب مالك بمتحف الماما

مسيرة صانع روائع موسيقى السينما الجزائرية

مسيرة صانع روائع موسيقى السينما الجزائرية
  • القراءات: 3177
مريم. ن مريم. ن

سينظّم المتحف العمومي الوطني للفن الحديث والمعاصر بعد غد، معرضا خاصا بالموسيقار الراحل أحمد مالك؛ عرفانا بما قدمه للفن الجزائري من روائع بقيت تشكل ذاكرة جماعية لكل الجزائريين. كما يقدم أشهر السينمائيين الجزائريين شهاداتهم عن هذا الفنان الكبير، إضافة إلى أرشيف ثري للراحل من اقتراح عائلته. وسيتمكن الجمهور إلى غاية 31 جويلية، من اكتشاف مسيرة أحمد مالك من خلال أرشيف من الصور والمقالات والحوارات المصورة، وعرض أعماله وحضور بعض الندوات الخاصة بمساره الممتد منذ نهاية الخمسينيات.

يتضمن برنامج المعرض مائدة مستديرة حول الفنان الراحل، تستعرض تراثه الفني، يشارك فيها السينمائيون مرزاق علواش وسيد علي مازيف وجمال بن ددوش وصافي بوتلة. ويتم الحديث أيضا عن مدى ترسيخ موسيقى الراحل في الوجدان الجزائري، وستدير الأشغال المنتجة السينمائية أمينة بجاوي حداد بحضور الجمهور.

ويتم عرض عبقرية مالك أيضا في دوره البارز في ربط الموسيقى بالصورة والمكان والشخصية. أما أرشيف الراحل فهو من اقتراح ابنتيه مايا وهانية وزوجته، وسيعرض أيضا شريط عن أعماله وحواراته، وسيتذكر الجمهور روائعه. وأشار بعض المنظمين إلى أن فكرة المعرض تولدت سنة 2016 عند تظاهرة «الموسيقى الأصلية للأفلام»، فأحمد مالك الذي عرفته الأجيال عبر موسيقى أكثر الأفلام شهرة في تاريخ السينما الجزائرية، ترك مسارا تنوّع بين تأليف الموسيقى للإذاعة والتلفزيون، ثم قيادة أوركسترا هذه الهيئة. كما عمل مالك في مشاريع الموسيقى الإلكترونية.

تتويج أحمد مالك على عرش الموسيقى التصويرية

تربع الموسيقار أحمد مالك على عرش الموسيقى التصويرية في الجزائر، تاركا بصماته العملاقة في سجل الموسيقى الجزائرية، في رحلة دامت قرابة خمسة عقود انتهت به في فراش المرض الذي لم يرحم عطاءه وماضيه، ولم يسع طوال مسيرته إلى أي بهرجة أو مكاسب مادية.

وُلد الفنان أحمد مالك في 6 مارس سنة 1931 ببرج الكيفان من عائلة عاصمية الأصل. التحق بالمعهد الموسيقي سنة 1942، ومكنته هذه الفرصة من تعلم العزف على آلة الناي، واختص أيضا فيما بعد في العزف على آلة البيانو والأكورديون.

ومع حلول سنة 1947 انخرط أحمد مالك في الجوق العصري للإذاعة تحت قيادة مصطفى اسكندراني، كما نشط في فرقة موسيقية لـ «أميدي كربونال» الذي كان يشجع المواهب الجزائرية. وكان يتعامل مع بعض الفنانين والفرق الجزائرية من خلال عمله كموزع موسيقي. وطلبه الراحل حداد الجيلالي ليضمه إلى فرقته. ومع بداية فترة الخمسينيات أسس أحمد مالك فرقته الخاصة، وتشابه خطه في الموسيقى مع أعمال الراحل محمد إقربوشن.

وبعد الاستقلال وجد أحمد مالك نفسه محتكرا لنوع الموسيقى التصويرية، ولم يكن له منافسون ما عدا بعض الملحنين الفرنسيين الذين لحنوا لبعض السينمائيين الجزائريين. ومع بداية الثمانينيات أدخل مالك تقنية الموسيقى الإلكترونية في أعماله بلمسة خاصة به، وأنشأ أستديو خاصا في بيته لينجز فيه أعمالا كثيرة أضافها إلى رصيده الحافل. كما شارك أحمد مالك في عدة ملتقيات دولية في كندا واليابان وغيرهما، باعتباره خبيرا في مجال الموسيقى، واحتك مع كبار النقاد والمؤرخين السينمائيين العالميين.

ومن روائع أحمد مالك موسيقى فيلم «عطلة المفتش الطاهر» (1972)، و»ليلى وأخواتها» (1977)، و»المنطقة المحرمة» (1972)، و»الفحّام» (1972)، و»عمر قتلاتو» (1976)، و»بلا جذور» (1976)، و»حواجز» (1977)، و»تشريح مؤامرة» (1977)، إلى جانب «مغامرات بطل» (1978)، و»سقف وعائلة» (1982) و»زواج موسى» (1982)، و»إمبراطورية الأحلام»، و»الرجل الذي ينظر من النافذة»، و»رحلة شويطر». كما عمل الفنان مع التونسيين من خلال فيلم «عزيزة» سنة 1970.

أحمد مالك رجل مبادئ فهو يرفض الوصولية. ولم يجن الثروة من أعماله؛ لأن هدفه لم يكن ينحصر في المكاسب المالية. وسجل قرصا مضغوطا في باريس، وآخر في تونس مع نهاية الثمانينيات، يتضمنان مجموعة أعماله.

وكُرمت رئاسة الجمهورية أحمد مالك في 5 جويلية 1987 من خلال تكريم جل أعماله، كما كرم من قبل التلفزيون.