قسنطينة تسدل الستار على مهرجانها الدولي

مدّ جسور الإنشاد من البلقان إلى دار السلام

مدّ جسور الإنشاد من البلقان إلى دار السلام
  • 219
زبير زهاني  زبير زهاني 

أسدل الستار، ليلة أول أمس، على فعاليات الطبعة الحادية عشرة للمهرجان الثقافي الدولي للإنشاد، الذي احتضنه مسرح قسنطينة الجهوي وجاء بشعار "حناجر الإنشاد تغني جزائر الأمجاد"، بعد ستة أيام من الفن الراقي ومن الروحانيات التي تغنت بخير خلق الله وبمكارم الأخلاق وحب الوطن، تمازجت فيها الثقافات وامتدت الجسور بين القارات ودوّت الحناجر في دروب وأزقة سيرتا في عتمة من الليل.

استمتع الجهور القسنطيني العاشق لفن الإنشاد في السهرة الأخيرة من المهرجان، بفسيفساء فنية وبثقافة متنوّعة، تباينت بين الشمال والجنوب، حيث كانت المحطة الأولى بالقارة العجوز والمنشد مصطفى إسحاقوفيتش، من البوسنة، ليعود الحضور إلى القارة السمراء وبالتحديد إلى تنزانيا من خلال المنشد يحي البيهقي وعرفت السهرة في بدايتها تنظيم دقيقة صمت، ترحما على الروح الطاهرة للطفلة مروة بوغاشيشن التي تعرّضت للقتل ودفنت عصر أوّل أمس.

افتتح السهرة الختامية في المهرجان المنشد البوسني مصطفى إسحاقوفيتش، الذي جاء من بلاد البلقان مثقلا بمأساة سربرنيتشا سنة 1995 والمجازر التي ارتكبها الصرب في حق المسلمين وقال إنّ أرض بلاده مخضبة بدماء الشهداء وهو ما جعلها تشترك مع الجزائر التي ضحت بأكثر من مليون ونصف المليون شهيد لنيل الحرية والخروج من براثن المستعمر الغاشم، مضيفا أنّ الجزائر معروفة عند البوسنيين ببلد الشهداء.

إسحاقوفيتش الذي أبدى سعادته الكبيرة بهذه التجربة الأولى بالجزائر وقسنطينة، كشف أنّه ينوي تصوير أوّل ألبوم فيديو إنشادي له ويفكّر في تصوير بعض المقاطع بقسنطينة حتى يُعرّف شعب البوسنة بهذه المدينة الجميلة وقال إنّه تفاجأ بتفاعل الجمهور الرائع الذي تابع الحفل، مبديا سعادته الكبيرة في المشاركة بهذا المهرجان الذي سمح له بلقاء الجزائريين بعاصمة الشرق. 

قدّم المنشد القادم من أرض البوسنة، خلال السهرة، بعض المقاطع من الأناشيد الصوفية البوسنية وأخرى من نوع "سردرانيكا" التي تتغنى بحب الوطن وتمجيد الشهداء الذين بفضلهم حصلوا على حريتهم، حيث استهلها بأنشودة "سلام" (أكو بيتاس ستا يي) أداها باللغة البوسنية شأنها شأن أنشودة "بوزي" من مقام "البياتي سي"، كما قدم من نفس المقام أنشودة "مادزليش زكير سي" وقدم من مقام النهوندي أنشدودة "تابي مايلو".

الشق الثاني من السهرة كان من نصيب المنشد يحي البيهقي، الذي عاد بالجمهور إلى قارة الأجداد، حيث قدم في المستهل أنشودة وهي قصيدة "منذ عرفت الهوى" للشيخة رابعة العدوية والتي تعدّ من أشهر القصائد في الحب الإلهي ثم قصيدة "مضناك جفاه مرقده" لأمير الشعراء أحمد شوقي التي لحنها الأستاذ محمد عبد الوهاب.

البيهقي القادم من دار السلام، أبدى اعجابا بالجمهور الذواق لفن الإنشاد بمسرح قسنطينة، وقدّم بعض الأناشيد المشهورة التي ردّدها معه الجمهور على غرار "صلى الله على طه"، "طلع البدر علينا" واختتم سهرته الفنية بأنشودة "الله يا مولانا" وسط تفاعل كبير من الجمهور.

بالمناسبة، أكّد محافظ المهرجان الثقافي الدولي للإنشاد عبد العالي سمير لوهواه، أنّ هذه التظاهرة كانت فرصة لنشر الكلمة الطيّبة بقسنطينة بشكل خاص وبالجزائر بشكل عام، مضيفا أنّ الإنشاد يبقى فنا أصيلا يخاطب كلّ الفئات العمرية ويلج كلّ البيوت ويتم تداوله بين العائلات دون حرج ودون أن يخدش الذوق العام، مضيفا أنّ المهرجان عرف ليال تم فيها التغني بحب الله وبحب رسوله الكريم.

وذكر الوهواه، خلال تصريح في آخر يوم من المهرجان، أنّ الإنشاد يعدّ مرحلة للتعبير عن ما يختلج داخل النفس سواء بالفرح أو الحزن، فهو محطة للتفكير والتدبّر مقدّما شكره لكلّ من قدم العون للمهرجان من قريب أو من بعيد وأكّد أن هناك محطة أُسدل ستارها وهي الطبعة الحادية عشر والآن سيبدأ التفكير والتحضير في الطبعة الثانية عشر للمهرجان.

أما المدير المحلي للثقافة والفنون فريد زعيتر، فأشار إلى أنّ الجمهور استمتع خلال فعاليات المهرجان الثقافي الدولي للإنشاد، بالفن الراقي وبالحناجر الذهبية التي صدحت على خشبة مسرح قسنطينة، على مدار ستة أيام كاملة، تبارزت فيها الأصوات من 9 دول من أربع قارات تضاف لها الأصوات الإنشادية الجزائرية. مؤكدا نجاح هذه الطبعة التي قدّمت فنا نوعيا للجمهور القسنطيني متمنيا التوفيق لأسرة المهرجان في التحضير للطبعة المقبلة، بعدما بات فن الإنشاد طبعة مسجلة بعاصمة الشرق الجزائري.