أشادت بالدور المواطناتي الكبير للمؤسسة العسكرية، مولوجي لمجلة "الجيش":
محاولات السطو على التراث الجزائري "ظرفية"

- 799

❊ البحث العلمي الموضوعي سيكشف زيف الادعاءات
❊ حماية 1092 عنصر ثقافي وتسجيل 14 ألف موقع أثري
كشفت وزيرة الثقافة والفنون صورية مولوجي، عن السعي لإنشاء المركز التفسيري ذي الطابع المتحفي للشعر الشعبي وفنون أداء التعابير الفلكلورية التقليدية ببشار، والمركز التفسيري ذي الطابع المتحفي للمهارات والتقاليد الشعبية المرتبطة بمنطقة أولاد نايل، ليضافا إلى المركز التفسيري ذي الطابع المتحفي للباس التقليدي الجزائري بتلمسان، ضمن التدابير الموضوعة للحد من محاولات بعض الدول الأجنبية نسب التراث الجزائري المادي وغير المادي إليها.
أوضحت الوزيرة مولوجي في الحوار الذي خصت به العدد الأخير من مجلة "الجيش"، الذي خصص ملفا لموضوع "مناعة ثقافية، أرشيف، رقمنة… أولوية الحفاظ على الذاكرة"، أن التراث الجزائري مدون في الموروث الشفهي والمكتوب، ومحاولات السطو عليه، عبر تحريك آلة إعلامية دعائية، هي محاولات ظرفية، وستزول بزوال أسبابها، أما ادعاء تراث الغير فهو حالة التباس، من الممكن أن تعود بالسلب على أجيال تلك البلدان المدعية، وقالت "البحث العلمي الموضوعي سيكشف زيف الادعاءات، وهنا أود أن أنبه إلى أن الكثير من الألبسة والممارسات الاجتماعية والموسيقى والعادات والصناعات التقليدية المتوارثة مازالت قائمة عندنا، وهي مفقودة لدى البعض، لكنهم يدّعون امتلاكها. صحيح أن ممتلكاتنا أكبر من أن تتهددها الادعاءات أو تهريب بعض النماذج، لكن من المهم أن نتعاون جميعا لحفظها وأن نتقاسم الوعي بقيمتها".
وتابعت مولوجي بالإشارة إلى أن مساحة الجزائر تفوق 2.4 مليون كيلومتر مربع، وفي كل اتجاه منها سلسلة كاملة من الممارسات والألبسة والمواقع التي تستحق التصنيف، موضحة أن الدولة تحرص على ترقية التراث الثقافي وحمايته، بغرض ترسيخه في أذهان الأجيال الصاعدة، وكذا توثيقه وحمايته من الزوال، والحفاظ على التراث الثقافي الجزائري بنوعيه المادي وغير المادي من الأولويات والاهتمامات الكبرى المسجلة لدى وزارة الثقافة والفنون، وقالت "على الصعيد الوطني، يعمل قطاعنا الوزاري على حماية التراث الثقافي المادي، من خلال تصنيف الممتلكات الثقافية العقارية ذات الأهمية التراثية في قائمة التراث الوطني، كما يسعى جاهدا إلى تثمينه وإعادة الاعتبار لهذه الممتلكات الثقافية ومتابعتها، عبر إنشاء متاحف وطنية وتسجيل عمليات ترميم وإعداد مخططات، وفيما يخص القطاعات المحفوظة، هناك مشاريع خاصة بالمخططات، لإعادة الاعتبار للمواقع الأثرية وحمايتها، فضلا عن المخطط الدائم الدائمة لحفظ وإعادة الاعتبار للقطاعات المحفوظة".
وبلغة الأرقام، كشفت مولوجي عن حماية 1092 عنصر ثقافي مقسم بين الممتلكات الثقافية المادية والمواقع الطبيعية، إضافة إلى تسجيل ما يقارب 14 ألف موقع أثري على الخريطة الأثرية، 510 ممتلك ثقافي مصنف، 28 قطاعا محفوظا، 5 حظائر ثقافية، 485 ممتلك ثقافي عقاري مدرج في قائمة الجرد الإضافي، 64 موقعا طبيعيا مصنفا، بالإضافة إلى تسجيل عدة عمليات ودراسات خاصة بترميم وإعادة الاعتبار لهذه الممتلكات الثقافية ومتابعتها.
وفيما يخص القطاعات المحفوظة، أشارت الوزيرة إلى وجود مشاريع خاصة بالمخططات الدائمة لحفظ وإعادة الاعتبار لها، منها ما هو في طور الإنجاز، ومنها ما تمت المصادقة عليها، مثل المخطط الدائم لحفظ وإعادة الاعتبار للمدينة العتيقة بجاية وميلة وتنس ودلس، فضلا عن المخطط الدائم لحفظ وإعادة الاعتبار لقصبة الجزائر. قالت "تولي دائرتنا الوزارية أهمية كبيرة للموروث الثقافي غير المادي، كونه غير ملموس، لهذا أنشأت آلية ثانية تختص بهذا المجال، وهي بنك المعلومات الذي يُعنى بإحصاء الموروث الثقافي غير المادي المتواجد في جل التراب الوطني، حيث وصلنا لحد الساعة، إلى إحصاء ما يقارب 900 ممتلك ثقافي غير مادي وعملية الجرد مستمرة".
وعن العمل التنسيقي مع وزارة الدفاع الوطني، ضمن مساعي حماية الذاكرة الوطنية، أشادت الوزيرة بالدور المواطناتي الكبير الذي تضطلع به المؤسسة العسكرية، وقالت "أبناء الجيش هم أبناء الشعب، وارتباط الجيش بالثقافة ليس طارئا"، موضحة أن وزارة الدفاع الوطني لطالما ساهمت في تحقيق الإرث المميز من السينما التاريخية والثورية، والذي يشكل مرجعية للسينما الجزائرية، وريادة في السينما الملتزمة، من خلال مرافقة إنتاجات كثيرة عبر السنوات، وتوفيرها للجانب التقني واللوجستيكي، وهو ما كان دافعا لتحقيق النوعية وتقريب الواقع، ولا يتوقف هذا الدعم والمشاركة عند السينما، وفق الوزيرة مولوجي، حيث ساهمت مطبعة الجيش في مرافقة البرامج الكبرى لنشر الكتاب منذ سنوات، والكثير من الكتب الرفيعة والعناوين الأدبية والفنية قد طبعت بمطابع الجيش، ما حقق الالتزام في تنفيذ المشاريع في أجالها.
ولم تنس مولوجي الحديث عن مكانة الجيش الوطني الشعبي في منظومة حماية التراث، وقالت إن حماية التراث من حماية الحدود، فالجنود المرابطون على الحدود هم أنفسهم الذين يحمون الممتلكات الثقافية الجزائرية، وأضافت "علينا أن نتذكر أن الحظائر الثقافية الوطنية تمتد عبر الوطن، لتشغل مساحة تصل إلى 44٪ من مساحة البلاد، والأكيد أن وزارتنا لا يمكنها أن تؤمن كل هذه المساحة، لولا حضور أفراد ووحدات الجيش الوطني الشعبي في كل أركان هذا الوطن الحبيب، ومن خلال وعي وثبات قيادته الحكيمة، نحن نشعر بالطمأنينة ونعمل بجد لنحمي هذا التراث، ونثمنه كمقدر هوياتي اجتماعي واقتصادي أيضا". توقفت الوزيرة عند الانسجام الموجود بين قطاعها وقطاع المجاهدين وذوي الحقوق، المبني على تقاسم الاهتمام بالأحداث والشخصيات والمواقع التاريخية، ناهيك عن كونه قطاعا فاعلا في الثقافة، من خلال إنتاجه للأفلام والعروض الكبرى ونشره للكتب، وتركيزه على الجانب التاريخي لا يلغي فعاليته الفنية والثقافية.
في نفس السياق، ذكرت مولوجي أن وزارة الثقافة والفنون تتشارك الكثير من الاهتمامات الثقافية مع عديد الدوائر الوزارية، من منطلق أن الثقافة موجودة في كل ممارسة يومية، ويتجسد ذلك في متابعة وتأطير عدة ملفات تصنيف، يتم إيداعها لدى اللجنة الوطنية للممتلكات الثقافية، بالتالي فإن كل القطاعات يمكنها أن تساهم في صون الثقافة الجزائرية، وحماية وترويج التراث الجزائري الثري، عبر تقديم منتوج جزائري بمحمول ثقافي وتراثي، أو عبر الترويج للسياحة الثقافية وزيارة المواقع التاريخية والأثرية، أو عبر منح مساحات للتراث في الفضاء العمومي ووسائل النقل والإدارات العمومية، وقالت "الثقافة مهمة الجميع، وإشراف وتكليف لقطاع الثقافة والفنون".