معرض "سحر التراث والطبيعة" برواق الفنون "محمد تمام"

متيجة من عل تسبي العالم

متيجة من عل تسبي العالم
  • 124
مريم. ن  مريم. ن 

استقبلت الفنانة نورة علي طلحة، مؤخرا، "المساء"، في معرضها "سحر التراث والطبيعة"، المقام إلى غاية 21 جوان الجاري برواق الفنون "محمد تمام"، لتسهب في الحديث عن تجربتها التشكيلية الثرية، التي ولدت من رحم الطبيعة الخضراء، التي حملت نسائمها للجمهور بالخارج، مبهرة إياه أيضا بتراث وثقافة الجزائر، مما جعل الكثير من العواصم عبر العالم تطلبها بالاسم.

تحكي الفنانة عن مسيرتها الفنية بكل حب وتواضع، وتبتسم حينما تتذكر أيام الطفولة السعيدة، حيث المروج والزرع والماشية و"الفيلا" الخلابة، التي اكتشفت من خلال سطحها المفتوح، المطل على العالم الأخضر، الجمال والطبيعة، عبر أراضي متيجة الخصبة.

البليدة مهد الموهبة

ولدت الفنانة بالبليدة، وقالت إن والدها كان مدير قطاع الفلاحة بالمنطقة، وكانت عائلتها تقيم في "فيلا" جميلة، بها ديكور تقليدي أصيل، وحينها كانت تصعد إلى السطح من أجل أن تتأمل الطبيعة، فتنبهر بمشهد المروج والحقول وبالأبقار وهي ترعى، فتسرع لرسم كل ذلك، لتقول "عندما رأى والدي رسوماتي، شجعني وخصص لي مكتبا لوحدي، أرسم فيه كما أشاء، واشترى لي أدوات الرسم، وقال لي ارسمي كما تشائين، ولو على الجدران، وبالفعل كنت ولا أزال لا أكف عن الرسم، وأدين لوالدي برعاية موهبتي". في حديثها مع "المساء"، أكدت الفنانة أن حبها للطبيعة باق، بعد أن تأصل في وجدانها وانعكس في أعمالها كلها، وذات الولع موجود اتجاه التراث الجزائري الأصيل، وبالتالي اجتهدت في أن تمزج هذا بذاك. قالت الفنانة أيضا، إنها عصامية، وإن الفن كان بالنسبة لها متنفسا وتعبيرا عن الذات والحياة، اتخذت منه رسالة بصرية لتخاطب الجمهور في مواضيع شتى، أهمها الطبيعة والتراث، وعن المعرض قالت، إنه يجمع بين الأسلوبين الواقعي والانطباعي، مع تقنية الألوان الزيتية والمائية والأركليك.

تحدثت الفنانة عن لوحتها "المرأة الأمازيغية"، التي أعجبت الجمهور كثيرا، لدرجة جعلتها صورة حساب صفحتها الالكترونية، معتبرة إياها رمزا للأصالة والجذور، بلباسها الجميل المستمدة ألوانه من الطبيعة البهية، كذلك لوحة "القصبة" التي تمثل عبق التاريخ الممتد، الذي يثير دوما الشوق والحنين لهذا الماضي الجميل، ثم أضافت "وبما أنني ابنة مدينة الورود، حرصت على أن أنثر الورد والزهر في أغلب لوحاتي، منها لوحات الطبيعة الميتة، مثلا، كذلك في لوحة الخط العربي ذي الزخرفة الإسلامية، بخط الثلث والديواني، كتبت به آية قرآنية كريمة، برزت فيها تقنية التزهير والتذهيب وغيرها، وهي مطلوبة ومحبوبة من الجمهور".

باقات الورد مطلوبة في كل عرض

أبدعت الفنانة إلى حد بعيد، في رسم باقات الورد والزهور وفي المزهريات، معتمدة على الألوان وعلى الخلفيات التي زادتها سحرا، حيث تضمنت إحداها خلفية سوداء، انعكس لونها على الزهور.قدمت الفنانة في معرضها 20 لوحة، تبرز فيها الطبيعة واللباس التقليدي، وكذا المواقع الأثرية، ومن اللوحات هناك "كرة الثلج" و"التأمل" و"لا إله إلا هو الحي القيوم" و"الورود" وكذا "القصبة" وغيرها.  

تحدثت الفنانة أيضا، عن الأنوار والظلال وأهميتها في اللوحة وتدرجات الألوان، كما لفتت الانتباه إلى الحالة النفسية للفنان حين الرسم، حيث أشارت إلى أن لكل لوحة أجواؤها المزاجية الخاصة بالفنان، فيتجلى هذا الشعور في كل موضوع وعمل، فمثلا حين الحالة النفسية العالية والمشرقة، يظهر ذلك في اللوحة والعكس، صحيح، لكن الثابت هو بصمة الفنان وإبداعه في كل حالاته.

أكدت الفنانة لـ"المساء"، بأنها شاركت في أكثر من 20 معرضا جماعيا بالجزائر، طافت فيه بمختلف المدن والولايات، ما أسعدها كثيرا، كما أن تلك المعارض أكسبتها الخبرة والاحتكاك مع باقي الفنانين، في أجواء عائلية وعملية مفيدة، لتأتي فرصة هذا المعرض أخيرا، وتكون بالنسبة لها المعرض الفردي الأول في مشوارها الفني، ما أسعدها كثيرا، وحتما سيفتح أمامها آفاقا جديدة.

رواج خارج الحدود

رغم أن الفنانة تقيم أول معرض لها، لكنها حققت الشهرة والرواج في الخارج، خاصة منذ مشاركتها في المعرض العالمي للفنون التشكيلية بالبحرين، حيث كان الإقبال الكبير من الأجانب عليها، وتقديم دعوات لها للمشاركة في عدة بلدان، منها سنغافورة وتركيا ومصر وأذربيجان وغيرها، وستكون حاضرة بأعمالها في معرض تقيمه في 5 سبتمبر القادم بتركيا.

من جهة أخرى، أكدت الفنانة أنها تنجز العديد من تصاميم الألبسة وتخيطها بماكنتها الخاصة، وهي حاليا تفكر في مشروع إنجاز مجموعة من الألبسة التقليدية النسائية والرجالية لمختلف مناطق الوطن، زيادة على الحلي، زيادة على تجربتها الواسعة في الديكور، وفي الرسم على الخشب والخزف والزجاج والقماش وغيرها.

سألتها "المساء"، عن اختصاصها العلمي والأكاديمي، فردت مبتسمة "أنا مجالي الإعلام الآلي، بالتالي أفكر في أن استثمر الذكاء الاصطناعي في التراث والفن، كما أتمنى أن أرسم مواقع أثرية، مع مدن أخرى من بلادي، وأتمنى أن يحب كل جزائري الطبيعة مثلي، لنحافظ على جمال بلادنا، وهو حلمي الكبير".