أداة للتأمل الاجتماعي ووسيلة للتعبير عن الهويات الثقافية

"كولاتيرال" يقدّم متعة بصرية ودرامية

"كولاتيرال" يقدّم متعة بصرية ودرامية
  • 177
مبعوثة "المساء" إلى تيميمون: نوال جاوت مبعوثة "المساء" إلى تيميمون: نوال جاوت

كرّر عشّاق السينما وضيوف المهرجان الدولي للفيلم القصير، في تيميمون حضوره، أوّل أمس، إلى مسرح الهواء الطلق، ليعيش أمسية استثنائية، صنع فيها فيلم "كولاتيرال (حادث عرضي)، التميّز تحت أعين لجنة تحكيم الأفلام القصيرة الروائية، وتابع "قصصًا إنسانية متنوّعة، صراعات نفسية، وإبداعات ثقافية". من إثارة "كولاتيرال" في صحراء جانت، صراعات السلطة في "صعود"، تحديات التوحد في "الجلسة"، ضغوط الأمومة في "آيو" و«حليب الأم"، برزت قوة السينما القصيرة كنافذة على العالم، أداة للتأمل الاجتماعي، ووسيلة للتعبير عن الهويات الثقافية المختلفة. الأفلام لم تقدّم فقط "متعة المشاهدة البصرية والدرامية"، بل وفرت أيضًا "مساحة للتفكير والتفاعل مع القضايا الإنسانية والاجتماعية المعاصرة".

في هذه الليلة المميّزة، تصدّر فيلم "كولاتيرال" للمخرج الجزائري يزيد يتو الاهتمام، ليصبح بلا منازع العمل الأبرز. تدور أحداث الفيلم (20 دقيقة- 2025) في مدينة جانت جنوب الجزائر، حول الطفل إبراهيم الذي ينتظر عودة والده المنقِّب عن الذهب، وتتطور الأحداث حين يجد طائرة بدون طيار عسكرية "درون عسكري" تحطمت، لتتصاعد الإثارة مع صراع بين جنديين حول مصير الطائرة في حضور الطفل. النهاية المفتوحة جعلت الجمهور يعيش لحظة صمت إعجاب، بينما قدم الفيلم تجربة غنية بصور الصحراء الكبرى ونمط الحياة البدوي، مع حوارات بـاللغة "التاماشقية"، إشارات للثقافة الطوارقية، ونقوش صخرية قديمة، إلى جانب الموسيقى التراثية التي قدّمها الراحل ايقونة الأغنية الترقية عثمان بالي.

من جهته، قدّم المخرج الليبي أسامة رزق فيلم "صعود" (16 دقيقة-2025)، الذي يدور حول وزير صارم في نظام إداري يعتبر من بين الأكثر فسادًا، يحاول إقصاء أي موظف يبرز بأفكاره أو حضوره، لكنه يكتشف في زاوية غير مراقبة ما لم يكن في حسبانه. «أسامة رزق» مؤسس مشارك لشركة ART للإنتاج، برز بفيلم "The Random" القصير وفيلمه الطويل الأول *الباروني* (2023) الحائز على جوائز، وأخرج مسلسل "بنات العالم" (2024) على منصة "شاهد". فاز *صعود* بجائزة FPFCA في خريبكة 2025، ويعد رزق من أبرز السينمائيين الليبيين المؤثرين تحت سن الأربعين.

افتتحت الأمسية بتجربة مؤثّرة من بوركينا فاسو، فيلم "الجلسة" للمخرجة كايابا أنيس إيرما كيري (13 دقيقة-2025)، الذي يروي قصة ديبورا، فتاة شابة تعاني من التوحد وتحلم بالغناء أمام الجمهور. بدعم شقيقها يوحنا، تحضر جلسة الأداء لمواجهة مخاوفها، ليعكس الفيلم "تحديات الأشخاص المختلفين أمام المجتمع، والحاجة إلى الإصرار والدعم الأسري". كايابا أنيس إيرما كيري هي صحفية وناقدة سينمائية وعضو الجمعية الأفريقية لنقاد السينما، وشاركت في كتابة مسلسل" De plus en plus loin" وعملت كمساعدة مخرجة في فيلم "كاتانغا، رقصة العقارب" الحائز على المهر الذهبي في 2025.

قدمت المخرجة يولاند إكل وفرانسواز إلونغ-غوميز من الكاميرون والطوغو، فيلم "آيو" (15 دقيقة-2024)، الذي يروي حياة فتاة أفريقية تساعد منذ صغرها أمها في استقبال الولادات. بينما يساعدها زوجها فوستان بالحب والدعم، تشعر بثقل توقعات الأسرة والمجتمع، لكنها تخفي سرًا شخصيًا يتعلق بخيارات الإنجاب، لتبرز الصراع بين الرغبات الفردية والضغط الاجتماعي. فرانسواز إلونغ-غوميز حائزة على جوائز عدة، وأخرجت فيلمين روائيين طويلين *W.A.K.A* و*Enterrés* وأسست مدونة وجوائز الأفلام الكاميرونية. يولاند إكل مخرجة وكاتبة سيناريو وممثلة، أخرجت عدة أفلام قصيرة ومسلسلات ويب.

فيلم "حليب الأم" (15 دقيقة-2024) للمخرجة إيفيينوا أرينزي، وإنتاج أمريكي -نيجيري يستعرض "الصراع النفسي والاجتماعي للأم الشابة أدوكي"، التي تحاول تلبية احتياجات طفلها، مواجهة خيانة زوجها، والتحديات العائلية، لتسليط الضوء على "الصمود والقدرة على مواجهة الضغوط المجتمعية والجسدية". إيفيينوا أرينزي حازت على لقب "مواهب برليناله" 2025، وعُرض الفيلم في مهرجان كليرمون فيران، وفاز في مهرجانات "أسبن" و«بالم سبرينغز". فيلمها السابق *زائر أوت* تم شراؤه من قبل منصة The Criterion Channel..