"شبكة، كفاءة" الثقافية ببرج بوعريريج
قناعات وسياقات أخرى تتعدى الفرجة والاستهلاك

- 587

حصلت جمعية "شبكة، كفاءة" الثقافية ببرج بوعريريج، مؤخرا، على الاعتماد والترخيص بالنشاط، مؤكدة على لسان رئيسها عبد الرزاق بوكبة، أنها ليست مجرد جمعية تأسست فقط لتحصل على الدعم المالي محليا ووطنيا، بل لتكون منصة ثقافية مدنية، تحمل مشروعا ثقافيا وحضاريا لا يزول بزوال المواسم والميزانيات.
وجاء في بيان الشبكة أن نشاط الجمعية ووجودها لا يرتبط بالمواسم من خلال نشاطات فقاعية، أو لتُحدث الضجيج الفارغ في مواقع التواصل الاجتماعي، بل هي منصة ثقافية مدنية، تحمل مشروعا يعي نفسه ومحيطه وسياقات التلقي الجديد، وينسجم مع حاجات ورهانات اللحظتين الوطنيتين القادمة والقائمة، مضيفا: "لن نحل محل المؤسسة الثقافية الحكومية، لكننا سنتحلى معها بروح الاقتراح والمبادرة والتثمين؛ حيث يجب التثمين، والنقد والإشارة إلى ما نعتقد أنه اختلال أو ابتذال، ويجب ذلك بعيدا عن روح الابتزاز والتحامل؛ فنحن لا نسعى من خلال مسعانا، إلى الحصول على أنصبة أو مناصب، بل ستحركنا وطنيتنا في خدمة الثقافة الوطنية بكل وجوهها وجهاتها واتجاهاتها؛ فمن رغب في أن يمد لنا يده من المسؤولين الثقافيين محليا ومركزيا، سيجدنا في مستوى الشراكة التي يجب أن تكون بين الطرفين الحكومي والمستقل، ومن رغب عن ذلك فسوف نتركه لمكتبه المكيف، ونمضي في الميدان؛ انسجاما مع شعارنا "الهدرة ميدان".
ووعد مؤسسو الجمعية بأنهم سيظلون يناضلون من أجل انتقال المنظومة الثقافية الوطنية، من مقام الاكتفاء بصناعة الفرجة فقط من خلال النشاطات الثقافية التي تستهلك المال العام من غير أن تترك أثرا عاما، إلى مقام صناعة الوعي، والذوق أيضا؛ من خلال توسيع مفهوم الثقافة التي تعني فن العيش، ومن أجل إدراج الأمن القومي الثقافي ضمن المفهوم الشامل للأمن القومي؛ حتى لا يهدد من خلال الزوايا الثقافية؛ ذلك أن اللحظة العالمية اليوم، باتت تتعامل مع الثقافة والفن بصفتهما سلاحا.
وتعمل الجمعية، كما ورد في بيانها، على ابتكار آليات جديدة للوصول بالأفعال الثقافية، إلى مختلف المفاصل الشعبية؛ فلا تبقى الشكوى من عزوف الجمهور، من غير العمل على رصد جملة التحولات الحاصلة في مجال التلقي؛ "إذ ينبغي أن ننزعج من واقع يقول إن النشاط الثقافي ينظمه شطر من النخبة، ويحضره شطر منها بأموال الخزينة العمومية، بينما بقي المواطن (الشارع) نائيا عن ذلك، بما نأى بالأفعال الثقافية، عن المساهمة في تشكيل وعيه الحضاري والجمالي".
ومن ضمن الطموحات، أيضا، النضال لأجل نخبة مثقفة تقرأ لحظتها الوطنية، بأدوات معرفية لا شعبوية، فتقدم الأفكار والبدائل، وتتخلص من سلبية باتت مزعجة، جعلتها إما منسحبة من الفضاء العام، وإما منخرطة فيه بأهداف ورؤى محدودة، بينما ظل الواعون منها والمخلصون لدور المثقف، مجرد فرديات مرهقة ومستنزفة، والنضال، أيضا، لأجل مؤسسات حكومية تستشير نخب البلاد وعارفيها ومثقفيها، وتحتفي بهم، وتتلقى أفكارهم بصدور رحبة، مع مد الجسور بين الثقافة الوطنية الجزائرية بثراءاتها وتنوعاتها، وثقافات الشعوب والأمم الصديقة التي تربطنا بها علاقات ومصالح، في إطار ديبلوماسية ثقافية واعية، وخادمة للمصالح والمبادئ الوطنية.
كما تسعى الجمعية لأن تخدم الأفعال الثقافية مختلفة أبعاد الهوية الوطنية (إسلامية، أمازيغية، عربية، متوسطية، إفريقية)، في ظل الخصوصية الجزائرية المتراكمة عبر القرون، وفي ظل احترام وتقبّل التنوع الوطني الذي يقدس الوحدة الوطنية. ومن جهة أخرى، ستبعث شراكاتٍ جادة مع كل الوجوه والواجهات التي تشترك مع الجمعية في هذه القناعات، عبر الولايات الثماني والخمسين، مع الانفتاح على الجالية الوطنية في الخارج؛ حتى تساهم هذه الجمعية بصفتها مجتمعا ثقافيا مدنيا، في تحقيق الجزائر الجديدة، التي لن تتحقق إلا من خلال برنامج وطني حقيقي للتنوير.