"البحث عن الرجل النعام (هدارة)" بمتحف السينما

قصة عابرة للصحراء تحمل قيم التعايش

قصة عابرة للصحراء تحمل قيم التعايش
  • 150
مريم. ن  مريم. ن 

عُرض  بقاعة متحف السينما بالعاصمة، أوّل أمس، الفيلم الوثائقي " البحث عن الرجل النعام(هدارة)" للمخرج الصحراوي محمد حمدي، ضمن برنامج تظاهرة "الجزائر عاصمة الثقافة الحسانية"، حيث  تناول جانبا من الثقافة الشعبية في الصحراء؛ من خلال حكاية هدارة، هذا الإنسان الذي ارتبط بالنعام، ودافع عنها.

فيلم "هدارة" مستوحى من أحداث واقعية، عن وليّ صالح عاش سنوات مع النعام. 

وهدارة هو شخصية واقعية، هزّت ذاكرة الصحراء كلّها، الذي يوجد منها جزء في الجزائر (أدرار وتندوف)، وجزء في الصحراء الغربية، وجزء في موريتانيا. 

هي قصة عابرة للحدود. وتم الاحتفاء بها في أماكن كثيرة في العالم. وكُتبت عنها رواية في السويد.

هي حكاية واقعية، أضافت حقيقة إمكان التعايش بين الإنسان والحيوان، في تجربة هذا الإنسان الذي كانت أرضه أشبه بالفضاء الخالي، فقد كانت الصحراء الإفريقية الكبرى أرضا سائبة تنتشر في عرضها القبائل، دون حام أو سلطة تنظم شؤون حياتهم القاسية، حيث كان الاحتلال الإسباني والفرنسي منشغلا عن حماية الأفراد، بنهمه الكبير في سرقة ثروات البلاد الواقعة شمال إفريقيا. ولايزال الكثير من روائع القصص الشعبية الشفوية ينتظر من يدوّنه في أعمال.

يُروى أن هدارة تاهَ في الصحراء وكان عمره سنتين، إثر هجوم أعداء على قبيلته، فوجد نفسه في البراري، فتربى مع طيور النعام عشر سنين. ولما عثر عليه أهله بعد طول بحث، كان عمره 12 سنة، وكان لا يعرف الكلام، فأخذه أهله إلى الساقية الحمراء حيث زاوية ماء العينين الذي كان عالما وصاحب حكمة، فمسح على رأسه، وابتسم له، وقال لأهله: "اربطوا قدميه بحبل، ودلوه معكوسا في قعر بئر في الصحراء"، فلما فعلوا ذلك صرخ هدارة من الخوف، ومن ثم تعلم الكلام، فاندمج مع المجتمع، وصار يحكي أحداثه وقصصه مع الأسود ووحوش الصحراء.

وجاء في الفيلم أنّ أصله أمازيغي من قبيلة إيدوشلي. وقبره يتواجد قبل تندوف بـ 50 كم تحت شجرة طلح. وإلى حد اليوم كتب عن سيرته الذاتية العدد القليل من المهتمين، من بينهم الطالب سالم بن إبراهيم تلميذ سيدي محمد بلكبير شيخ زاوية أدرار. وقد أملاها عليه هو نفسه في مدة قاربت الشهر. كما كتبت قصته السويدية مونيكا زاك في شكل رواية، سمتها "الولد الذي عاش مع النعام" بعد أن سمعتها من ابنه أحمدو، الذي التقته عام 1993 بمخيمات تندوف. وقد تُرجم كتابها هذا إلى العربية. وطُبع بدار "القصبة" بالجزائر، عام 2007 م.

للإشارة، يقدّم الفيلم الذي ساهم في إنجازه فريق شاب مع شهود عيان من المتقدمين في السن بعضهم فارق الحياة، ويسير على خطى هدارة عبر الصحاري للاستماع إلى القصة عبر البوادي خاصة بتندوف. كما شارك في الفيلم بعض الباحثين الأكاديميين، منهم الكاتب الأكاديمي عبد الله الهامل المختص في مورفولوجية الحكاية الشعبية.