المتحف العمومي البحري يستضيف سفينة "الشباك"

قاهرة الأعداء وسيّدة المتوسط

قاهرة الأعداء وسيّدة المتوسط
ت: أ. ياسين
  • القراءات: 708
مريم. ن مريم. ن

نظّم المتحف العمومي الوطني البحري، أوّل أمس، بالتنسيق مع جمعية الهندسة البحرية تظاهرة علمية بعنوان "سفينة الشباك، قوّة البحرية الجزائرية الضاربة وفخر الصناعة الحربية البحرية"، تناولت تاريخ البحرية الجزائرية إبان الحكم العثماني أي منذ القرن الـ15، وكيف كان الاعتماد فيها على السفن التجارية والبحرية التي حسمت المعارك بفضل التقدّم الصناعي البحري، والذي كانت باكورته سفينة "الشباك" ذات الصيت العالمي.

أجمع الخبراء المتدخّلون على أنّ سفينة "الشباك" اختراع جزائري بارع ظهر منذ القرن السابع عشر، فكانت بحقّ سيّدة الأسطول البحري الجزائري. ولقد شهد المجال البحري ثورة وتحوّلا منذ أواخر القرن الـ15، وذلك من خلال الاعتماد على سفن تجارية وحربية أكثر فعالية وتأثيرا، فأصبحت المعارك محسومة لمن يملك قوّة الصناعة البحرية التي نتجت عنها سفن تميّزت بالسرعة والمناورة، ما صنع صورة عن صراع بحري وتسابق بين الأساطيل البحرية، ومن هذا المنطلق شهد أسطول إيالة الجزائر ثورة نوعية في هذا المجال، إذ احتوى على عدد هائل من السفن المختلفة أهمها سفينة "الشباك" فخر البحرية الجزائرية.

"الشباك" تتويج للصناعة البحرية الجزائرية

أشار الدكتور أمين محرز، من جامعة "الجيلالي بونعامة" بخميس مليانة، في محاضرته سفينة "الشباك"، اعتبارات جديدة تتعلّق بأصلها وخصائصها وانتشارها واستخدامها "أنّ هذه السفينة كان لها دورها المحوري في الأسطول الجزائري وبلغت سمعتها الآفاق، بل وتفوّقت على الأساطيل الأوروبية الكلاسيكية، ما جعل الكثير من البلدان حينها تقلّدها في صناعة سفنها لكن لم تكن موفقة تماما". وأكّد المحاضر أنّ "الشباك" سفينة خفيفة الوزن قادرة على المناورة، كما أنّها غير مثقلة بالمدافع تخلو من المقصورة (المصطبة) عكس السفن الأوروبية، ولم يكن للمقاتلين فيها مكان خاص بل كانوا يجلسون في صفوف المجذّفين لزيادة سرعة المركب أو الإفلات من هجومات السفن القوية.

قال المحاضر إنّ "الشباك" ظهرت في القرن الـ16 إثر تراجع الأسطول الجزائري بسبب تباطؤ سفنه حتى العملاقة منها التي كانت تتطلّب ميزانيات كبيرة في التصنيع والصيانة، مضيفا أنّ الخشب مثلا كان يتم جلبه بصعوبة من مناطق بعيدة منها غابات جيجل وبجاية وشرشال والتنس. واستلهم تصميم "الشباك" من قارب صيد أندلسي خاص بصيد التونة لا يزال نموذج منه موجودا بمتحف إسبانيا استعمله أحد أمراء الأندلس للفرار إلى الجزائر خوفا من المرابطين، كما امتطاه المسلمون بعد سقوط الأندلس، كما يشبه "الشباك" سفن السنبوك في المشرق الخاصة بصيد اللؤلؤ. من خصائص الشباك كونه مزدوج الدفع وأشرعته ذات 3 صواري وهو الأسرع في المتوسّط ويفوق سرعة الريح عند الإبحار، ينفرد بالمناورة والسير عكس اتجاه الريح وهو الأمر المفقود عند السفن الأوروبية.

بطل الحروب غير النظامية     

وفي محاضرة بعنوان "الشباك الأداة المثالية في الحرب البحرية غير النظامية"، أشار الدكتور عبد الهادي رجائي سالمي، الباحث بالمركز الوطني للدراسات والبحث في التاريخ العسكري الجزائري، إلى أنّ هذه السفينة خاضت الكثير من الحروب وذلك منذ 1737م وكان بها مدافع وأشرعة مثلثة قادرة على مقاومة مياه البحر من ذلك الدخول حتى المحيط الأطلسي. والشباك سريعة بما يكفي لتصل للعدو فتراوغه وقد مكّنها طفوها وأشرعتها من التفوّق، وكانت ترسو بسهولة في الشواطئ وتنتقل في المياه الضحلة والاختباء في الخليج، لها 3 صواري بالقرب من المؤخرة وفي الوسط، بها 500 رجل و36 مدفعا، وبعض البلدان حينها صنعت شبيها للشباك في حروب تحريرها منها الولايات المتحدة والسويد وغيرها.

أما المهندس الدكتور أمين رحاتي، فغاص في تقنيات ومخطّطات صناعة الشباك مع الشرح التطبيقي، وذلك في محاضرته بعنوان "إعادة صناعة سفينة الشباك الجزائرية ذات الـ28 مدفعا ترجع للقرن الـ18"، وقد أكّد ندرة المصادر والمخطّطات علما أنّ أغلبها اليوم في الضفة الأخرى منها فرنسا وإسبانيا وإيطاليا وهو يمثّل مدى التقدّم العلمي للجزائر.

بالمناسبة أشار المهندس المختص في الهندسة البحرية نور الدين شكيب العقلية، رئيس جمعية الهندسة البحرية (مارينا) لـ"المساء" إلى أنّ جمعيته علمية تأسّست بوهران مارس الفارط، وهي استمرار لناد علمي جامعي بالباهية، والهدف من المشاركة في هذه النشاطات وغيرها هو الحفاظ على تراثنا البحري ومستقبلا نحو إنشاء نادي لصناعة البواخر منها الشباك نجم البحرية الذي قاد "الهوايل" ومن الواجب إعادة بنائه. كما صرحت السيدة راضية شرفاوي، منشطة الفعالية لـ"المساء" أنّه ستكون لقاءات أخرى ستكلل في الختام بجملة من التوصيات. للإشارة أطلق على هامش الندوات مجسّم "الشباك" في حوض الأميرالية كنوع من استحضار أمجاد البحرية الجزائرية التي حكمت المتوسط وقهرت المعتدين.