الكاتب عمارة لخوص:

عودتي إلى الكتابة باللغة العربية فتحت جراحا

عودتي إلى الكتابة باللغة العربية فتحت جراحا
الكاتب عمارة لخوص
  • القراءات: 816
❊لطيفة داريب ❊لطيفة داريب

قال الكاتب عمارة لخوص إن عودته للكتابة عن الجزائر وباللغة العربية، لم يكن بالأمر اليسير بفعل الجراح التي يأخذها معه الكاتب المغترب حينما يغادر أرض الوطن. وأضاف خلال الندوة التي نشطها في "سيلا 24"، أن الطاقة الكبيرة التي بذلها لكتابة روايته "طير الليل"، جعلت من كتابته نفس الرواية باللغة الإيطالية، في غير المستوى الذي ينتظره؛ فهل سيعيد كتابتها، أم يقدّم النسخة المعربة لصديقه المترجم فرانشيسكو ليجيو ليقوم بعملية الترجمة؟

نظمت محافظة الصالون الدولي للكتاب، ندوة حول الكاتب الجزائري الذي يكتب باللغتين العربية والإيطالية؛ عمارة لخوص، حضرها السفير الإيطالي  بالجزائر باسكوال فيرارا، والدكتورة خولة طالب الإبراهيمي، والمترجم الإيطالي فرانيشيسكو ليجيو.

وتحدّث السفير الإيطالي عن النجاح الكبير الذي حققته أعمال عمارة لخوص في إيطاليا، مؤكدا التنوع اللغوي الموجود في بلده، والمتمثل في اللهجات الكثيرة التي يتحدثها الإيطاليون، التي جعلت من إيطاليا رقعة متفتحة على العالم.

وبالمقابل، قال السفير إنه غير راض عن واقع اللغة الإيطالية في الجزائر، مضيفا أن 14 ألف طالب يدرسون اللغة الإيطالية في الجزائر، علاوة على وجود 500 طالب ينتسبون إلى المعهد الثقافي الإيطالي بالجزائر، وهي أرقام لا يرضى عنها، كما قال، متمنيا أن يكون المستقبل أفضل للغة الإيطالية التي يُحتفى بها هذه الأيام في العالم.

ومن جهتها، تطرقت الدكتورة خولة طالب الإبراهيمي لعملها المتواصل، واهتمامها الدائم بالتنوع اللغوي في العالم العربي عموما والجزائر خصوصا، مشيرة إلى تعرفها على اللغة الإيطالية حينما درستها في المعهد الثقافي الإيطالي، وهو ما ساعدها حينما قدّمت دروسا في جامعة روما لمدة شهرين. أما عن معرفتها بعمارة لخوص فكان ذلك حينما اكتشفت أعماله وأعجبت جدا بأدبه، خاصة أنه كتب بلغة غير معتادة لدى الجزائريين، تتمثل في اللغة الإيطالية.

وتحدثت الدكتورة عن ضرورة رفع الحدود بين اللغات. كما تناولت العلاقة التاريخية بين الجزائر وإيطاليا، والشواهد الأثرية الدالة عليها، إضافة إلى كل ما خلّفه الأدباء الذين عايشوا الحقبة الرومانية في الجزائر، وفي مقدمتهم سان أوغسطين وأبوليوس.

أما المترجم فرانشيسكو ليجيو فتحدّث عن صداقته الغالية مع عمارة لخوص، وكيف أنه ترجم أولى أعماله من اللغة العربية إلى اللغة الإيطالية، رافضا أن يقرأ أدب صديقه باللغة الإيطالية باعتباره مترجما بالدرجة الأولى. وأضاف أنه حينما قرأ للخوص وجد أنه يكتب كتابة سريعة، تتزاوج بين الفصحى والعامية، وهو ما يناسبه تماما، فقال إنه وجد ناقته الحلوب، ليضيف أن الثراء اللغوي في دول المغرب العربي ثراء تحسدها عليه دول المشرق العربي.

وبالمقابل، أشار فرانشيسكو إلى التعدد اللغوي في إيطاليا، حيث إن هناك قرية يتحدث أبناؤها الإيطالية والألمانية، وأخرى، وهي مسقط رأسه، تضم جالية ألبانية قدمت إلى إيطاليا، وبالضبط إلى منطقة تبعد بحوالي 30كلم عن بالام، وتتكلم باللغة الألبانية التي كان يُتحدث بها في القرن 17، إضافة إلى أن جزيرة صقلية كانت تحت حكم العرب لقرنين من الزمن، وهو ما دفع بالإيطاليين إلى الإيمان بالتنوع الثقافي واللغوي.

ومن جهته، اختار عمارة لخوص أن يصاحبه في المنصة كل من خولة طالب الإبراهيمي التي أُعجب كثيرا بكتابها الذي أصدرته في بداية التسعينات حول التنوع الثقافي رغم الكيل من الانتقادات التي طالته، وكذا صديقه المفضل فرانشيسكو ليجيو الذي ترجم أول أعماله.

وتحدّث لخوص عن إيمانه بالتنوع؛ فهو ينحدر من عائلة كثيرة العدد. أما إخوته فلا أحد يشبه الآخر لا في الشكل ولا في الطباع، ولهذا خرج إلى الشارع وكله إيمان بأن التنوع أمر طبيعي جدا، مضيفا أنه كان يتحدث القبائلية في المنزل، ولم يكتشف العربية إلا في المدرسة والشارع، فقرر الكتابة باللغة العربية، ومن ثم اختار اللغة الإيطالية أيضا.

وعن روايته التي كتبها بالإيطالية بعنوان "كيف ترضع الذئبة دون أن تعضك"، قال إنه كتبها في سنتين، وأعاد كتابتها أكثر من عشرين مرة، وحينما سلّمها صديقه فرانشيسكو قال له إنها غير جيدة، إلا أن عمارة نشرها ضد رأي صديقه، فحققت نجاحا كبيرا.

أما عن عمله الأخير "طير الليل" فذكر أنه حينما غادر إيطاليا نحو نيويورك بعد زواجه بأمريكية، وجد نفسه يكتب رواية باللغة العربية وعن الجزائر، واختار، وهو ابن حسين داي، أن يكتب عن وهران، فما كان منه إلا أن سافر إلى وهران، ومكث فيها مدة، وتجول في أحيائها عبر سيارة أجرة. كما بذل جهدا كبيرا للكتابة عن بلده الذي تركه جريحا حينما تغرّب في إيطاليا. وأضاف أنه شعر وكأنه بذل جهدا كبيرا لكتابة عمل يمسه في الصميم؛ لهذا لم تأت كتابة نفس الرواية باللغة الإيطالية، في نفس المستوى، متسائلا عن مصير هذه الأخيرة؛ هل سيعيد كتابتها أم يتركها لصديقه المترجم ليترجم العمل باللغة العربية ويأخذ بنصيحته؛ بأن يكتب بالعربية ويترك له مهمة الترجمة بدلا من أن يكتب باللغة الإيطالية.