الأستاذة سهام نجاري ضيفة منتدى المسرح الوطني
عن التجريب بين التأسيس والتأصيل في المسرح العربي

- 1034

طرحت الأستاذة سهام نجاري، خلال منتدى المسرح الوطني الجزائري، موضوع "التجريب بين التأسيس والتأصيل في المسرح العربي"، إذ تتساءل إذا كان الذات العربية في عصور غابرة، قد فهمت حالاتها وتحولاتها في تقاطعها مع ظروف عصرها، فأوجدت لذلك أشكالا فرجوية كالحلقة وخيال الظل والحكواتي، لماذا تعجز اليوم عن مساءلة واقعها بعمق وإبداع فرجات مسرحية جديدة قريبة من وجدان الأمة العربية المتخبطة في صراعات حضارية، وأخرى وجودية، شهدت ثورات سلمية وتغييرات جيوسياسية على فضاء الواقع، لكنها لم تشهد ثورات حقيقية على فضاء الركح؟.
قالت نجاري إن التجارب الأولى لرواد المسرح العربي، أمثال مارون النقاش وأحمد أبو الخليل قباني، لم تكن ناضجة بالقدر الذي يسمح لها استخلاص مقومات مسرح عربي مميز من تراثهم الشعبي الغني بالعناصر الدرامية، إذ جمع بين الخيال والإيماء والحركة والحوار، وقد استغرقت التجربة العربية ما يزيد عن قرن، قبل أن تشرع فعلا في استنطاق الموروث الشعبي، من خلال توظيف العناصر التي وجدتها قادرة على التحاور مع قضايا الحاضر، تملك خاصية التطويع والهدم، ثم البناء، لتشكل مادة جديدة مرنة قابلة للهدم والبناء مرة أخرى، وقد جاءت هذه المرحلة، كما هو الحال، في البدايات متباينة التجارب، بين ناجحة في طريقها نحو التميز ومتعثرة لغياب الوعي الفني وعدم إدراك خصوصية المرحلة، فكل اكتشاف جديد يساعد على التحرر من التقنية القديمة، ويتجاوز الأدوات المختلفة أو يطورها أو يلغيها أو يطرح بديلا عنها، كي يكون ملائما لطبيعة العصر ومقتضيات الحال، فهو تجريب بالضرورة.
بهذا المعنى، يعد التجريب تعبيرا عن الإحساس العام بالحاجة إلى أشكال فنية جديدة، للتعبير عن التجربة الحياتية، واستيعابها عبر التجربة الفنية الجمالية، وعلى هذا الأساس، يمكن القول، إن التجريب تصور حداثي أوجده الإنسان يجمع بين الجمالي والمعرفي، اقتضته اللحظة الراهنة التي يعيشها من أجل تجاوز اللحظة السابقة التي لم تعد تمثله، مما جعل منه بحثا متناهيا في المغامرة، وتأكيدا على فاعلية الذات المبدعة.
أكدت أن المسرح العربي لن يعرف بداية جديدة وقوية إلا إذا فهم عمق أزمته، من خلال المساءلة والاستنطاق والاستحضار على مستوى الفضاء والزمان، وفي هذا الباب، وجد عبد الكريم برشيد عالما رحبا يزخر بالحلم العربي والهوية العربية والألم العربي، أطلق عليه مصطلح الاحتفالية، ميلاد مشروع فني جديد يسعى نحو تأسيس مسرح عربي واع، يحاور التراث ويسائله وينتقد الذات ويتجاوزها.
تابعت تقول "يعد عبد الكريم برشيد من أبرز الكتاب المسرحيين في المغرب منذ السبعينات، وقد حاول منذ البداية، طرح مجموعة من الأسئلة النقدية التي تعمل على غربلة الإنتاج المسرحي العربي وتصنيفه إلى تجريبي يحمل سمات التغيير والتأسيس، وقديم لم يستوعب بعد مقومات الحداثة وشروط التجريب، ومسرح دخيل مقتلع من أرضيته منسوخ في قوالب جاهزة، ومسرح غير مكتمل، لكنه موصول إلى وجود سابق في صورته التاريخية أو التراثية الشعبية، يستمد شرعية وجوده وقابلية الاستمرار، من خلال ظروف أفرزتها الساحة والواقع والشارع".
سهام نجاري أستاذة تعليم عالي للأدب العربي الحديث، بجامعة بومرداس، لها عدة مشاركات في المؤتمرات والندوات الوطنية والدولية، واهتمامات بالمسرح العربي في شقيه الحداثي والتجريبي.