الأيام المسرحية الأولى للأضواء الساطعة

عنابة تفتح المجال للتكوين والمنافسة

عنابة تفتح المجال للتكوين والمنافسة
  • 138
سميرة عوام سميرة عوام

تنطلق فعاليات الأيام الوطنية المسرحية الأولى للأضواء الساطعة بعنابة، اليوم الثلاثاء 15 جويلية، بتنظيم مشترك بين مديرية الثقافة والفنون لولاية عنابة والمسرح الجهوي "عز الدين مجوبي"، بمساهمة جمعية "الطاوس الثقافية للفن المسرحي". وتعد هذه التظاهرة أولى من نوعها، حيث تجمع بين الورشات التكوينية والعروض المسرحية التنافسية في تمازج ثري بين الإبداع والتأطير.

تُفتَح أبواب التكوين المسرحي أمام الشباب والممارسين، ضمن البرنامج الرسمي، سيتلقى المشاركون، إلى غاية  18 جويلية الجاري، تكوينا في ثلاث ورشات أساسية، يشرف عليها أساتذة متمرسون في مجالاتهم، حيث يؤطر الفنان يزيد مسعي ورشة السينوغرافيا، وسيغوص بالمشاركين في مفاهيم تصميم الفضاء المسرحي والإضاءة والديكور، مستثمرا خبرته في صناعة الصورة الركحية.

أما الفنانة هاجر حلاوي، فستقود ورشة الكتابة المسرحية، بالتركيز على بناء النص الدرامي، تطوير الشخصيات، والتقنيات السردية داخل النص المسرحي. فيما تشرف الدكتورة سهام كراودة على ورشة التمثيل، من خلال تمارين الأداء، التحكم في الجسد والصوت، وفهم الأبعاد النفسية للشخصية. 

تحمل هذه الورشات بعدا تكوينيا، يهدف إلى تأهيل جيل جديد من الممارسين، وإتاحة فرصة الاحتكاك المباشر مع أسماء وازنة في الساحة المسرحية.

بالموازاة مع الجانب التكويني، تشهد التظاهرة عرض 12 عملا مسرحيا مشاركا في المنافسة الرسمية، تمثل ولايات مختلفة من الوطن، وتتنوع من حيث الشكل والمضمون، لتستهدف جمهورا من فئتي الصغار والكبار، مسرحيات موجهة للكبار، مثل "دورة الحياة"، "SDF أس دي أف"، "مخاض"، "هنا"، "الغار الخطأ"، و"ليلة الأنظار"، تتناول مواضيع اجتماعية، نفسية وإنسانية، بأساليب إخراجية متباينة، وعروض ترفيهية وتربوية للصغار من قبيل "غابة الشمس"، "الأمير النائم"، "مملكة الياسمين"، التي تستثمر الخيال والأسطورة والرمزية، لتقديم مضامين تربوية في قوالب فنية محببة للأطفال، إلى جانب عروض ذات طابع توعوي أو درامي شبابي، مثل "قصة منسية" و"Menu". وقد حرصت الجهات المنظمة على توفير فضاء احترافي لهذه العروض، داخل المسرح الجهوي "عز الدين مجوبي"، ما يعزز جودة المنافسة ويمنح الفرق المسرحية فرصة لتقديم أفضل ما لديها أمام جمهور متنوع.

تعكس هذه الأيام المسرحية، في طبعتها الأولى، حرص القائمين على الشأن الثقافي بعنابة، على بعث الحركية الفنية خلال فصل الصيف، وتفعيل المسرح كأداة للتكوين، التعبير والتلاقي. كما تمثل منصة للتشبيك بين الفرق المسرحية والجمعيات، وفرصة لاكتشاف الطاقات الصاعدة، في فضاءات ركحية مفتوحة على الخيال والجرأة.


ضحك يلامس الواقع

سالي تلهب ركح "مجوبي" بـ"ميمي تراكتور"

ألهبت الفنانة الكوميدية سالي، ليلة أول أمس، ركح تظاهرة "عنابة فكاهة شو" في سهرتها الرابعة، التي احتضنها الجمهور العنابي، حيث قدمت عرضا كوميديا متميزا بعنوان "ميمي تراكتور"، حمل الكثير من الطرافة والذكاء، ورسم ملامح ساخرة ليوميات المرأة الجزائرية المعاصرة، بتقلباتها وضغوطها وأحلامها المؤجلة.

جاء العرض وسط أجواء فنية مميزة، بدأها الفنان طاهر سفير، الذي تولى تنشيط السهرة بأسلوبه المرح وتفاعله العفوي مع الحضور، ما مهد لمناخ من الألفة والتجاوب، جعل الجمهور يدخل في أجواء الضحك منذ اللحظات الأولى.

على الركح، ظهرت سالي بثقة وخفة ظل، مقدمة عرضا يعتمد على المونولوج الكوميدي المشحون بالإيحاءات الاجتماعية، حيث أخذت جمهور عنابة في جولة بين ضغوطات الحياة اليومية، والمواقف الساخرة التي تتقاطع فيها الأحلام بالواقع، والجد بالعبث. بلغة مباشرة وأداء جسدي حيوي، تعاملت مع جمهورها، كأنها تحدثه من قلب الشارع، أو من صميم التجارب اليومية التي يعيشها الجميع.

تميز العرض بتوازن ذكي بين النكتة العابرة والسخرية المبطنة، حيث بدت سالي وهي تحاكي مشاهد من الحياة المعاصرة للمرأة الجزائرية، امرأة تصارع التفاصيل اليومية، وتواجه الضغوط بابتسامة مريرة أو نكتة تنفس عن الداخل. ولم يخلُ العرض من لمسات إنسانية عميقة، تتسلل من بين الضحكات لتترك أثرا فكريا في ذهن المتلقي.

الجمهور لم يخيب ظن صُناع السهرة، فقد تجاوب بكل تلقائية، وصفق بحرارة في ختام العرض، تعبيرا عن إعجابه بأداء سالي وقدرتها على جعل الضحك منصة للتفكير، والركح مرآة للواقع.

ومع اقتراب إسدال الستار على فعاليات عنابة فكاهة شو، يترقب الجمهور العرض الختامي الكبير الذي سيُقدَّم، مساء اليوم، تحت عنوان "كرنفال روماني"، من إنتاج مسرح قسنطينة الجهوي، والذي يُرتقب أن يكون ختامًا يليق بحجم التظاهرة التي أثبتت أن مدينة عنابة ما تزال وفية للفن والفرجة الراقية.

يُذكر أن التظاهرة، تُنظم في إطار برنامج "صيفنا لمة وأمان"، الذي يهدف إلى تنشيط الفضاءات العمومية، خلال فصل الصيف، وتحويل الثقافة والفن إلى مصدر للراحة والوعي في آن واحد.


المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية

مسرح الطفل من الورشة إلى الخشبة

تحتفي المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية لولاية عنابة، باليوم الوطني للطفل الجزائري، المصادف لـ15 جويلية الجاري، من خلال مبادرة ثقافية وتربوية متميزة، تستهدف فئة الأطفال وتُعزز مكانتهم داخل المشهد الثقافي المحلي، عبر برنامج منتظم ومتدرج يزاوج بين التعلم والمتعة، ويغرس في نفوسهم حب الفن الرابع.

تُخصص المكتبة، في هذا الإطار، ورشة أسبوعية لمسرح الطفل، تُقام كل يوم ثلاثاء عند الثانية زوالا، ويُشرف عليها مختصون في التربية المسرحية، ممن يمتلكون أدوات التعامل مع الطفل، ويدركون خصوصية ذائقته، وقدرته على التلقي والتفاعل. الورشة لا تكتفي بتعليم مبادئ التمثيل، بل تفتح أبواب الخيال أمام المشاركين، وتُشجعهم على التعبير عن أفكارهم، ومشاعرهم، وأحلامهم، من خلال ألعاب مسرحية، تمارين أدائية، وتقمصات تلقائية، تُنمي فيهم الجرأة والتفاعل والثقة بالنفس.

ويأتي ختام هذه السلسلة من الورشات في شكل معرض مسرحي، يُقدَّم على خشبة المسرح المحلي، ويُشكل محطة عرضٍ جماعي، يستعرض فيه الأطفال ما اكتسبوه من مهارات، منطلقين من نصوص بسيطة أو مشاهد مرتجلة، يُجسدون من خلالها شخصيات متنوعة، وينقلون رسائل ذات أبعاد تربوية وإنسانية. وهو حدث لا يُمثل فقط ثمرة لأسابيع من العمل المتواصل، بل يُعد تجربة مسرحية أولى لكثير منهم، وقد تكون بداية لعلاقة دائمة مع الخشبة والفن المسرحي عموما.

وتسعى مكتبة عنابة، من خلال هذا المسعى، إلى تنشيط الحياة الثقافية للطفل، وتمكينه من فضاء خاص به، يجد فيه ذاته، ويندمج ضمن مجموعة من أقرانه، ويتعلم التعاون، والانضباط، والاستماع، والتعبير، والتذوق الفني، بعيدا عن شاشات الهواتف والانغلاق الرقمي. كما تضع المؤسسة بذلك لبنة جديدة في مشروع أوسع، لتعميم الثقافة المسرحية في الأوساط التربوية والمجتمعية، انطلاقا من قناعة راسخة بأن المسرح يُربي كما يُمتع، ويُكون كما يُسلي.

إنها رحلة تبدأ بلعبة بريئة في قاعة صغيرة، وتنتهي بعرض مشهدي حقيقي أمام جمهور حقيقي، في تجربة تختزن في ذاكرة الطفل فرحة الإنجاز، ومتعة المشاركة، ولذة التصفيق. مسرح الطفل ليس مجرد نشاط ثانوي، بل هو مشروع تنموي ثقافي، يستحق الرعاية والاستمرارية، لما يحمله من أبعاد نفسية وتربوية، وما يغرسه في الطفولة من بذور الإبداع والانفتاح.