غاب عنه النقد الساخر والذكي
"عاشور العاشر 3" ضاع في الخطاب المباشر وإعادة الأحداث

- 3457

عرضت أكثر من عشر حلقات من المسلسل "عاشور العاشر" في جزئه الثالث، الذي يبث على التلفزيون الجزائري، وقد أبان عن تفاوت لافت مقارنة بالجزأين السابقين، وليس القصد هنا الحديث عن استبدال صالح أوقروت بالممثل حكيم زلوم في دور السلطان عاشور، الذي أحدث ضجة كبيرة، قبل انطلاق السباق الرمضاني، بل أكثر من ذلك، فالأمر يتعلق بالكتابة الدرامية لهذا العمل الذي لم يحمل ميزة القراءة الاستشرافية للوقائع، كما عودنا عليه مخرجه جعفر قاسم.
في الجزأين الأولين لسلسلة "عاشور العاشر"، متع مخرجه جعفر قاسم بكتابة درامية تحمل من الذكاء ما تحمله، لقد صور أحداثا خيالية بجماليات فنية مدهشة، تنبأت بما واجهته البلاد من مشاكل سياسية واقتصادية واجتماعية كذلك، كما كانت لها إسقاطات منطقية عن الواقع الجزائري بشكل ساخر أثار إعجاب المشاهدين، فانتظروه في الجزء الثالث ليحمل معهم مجموعة أخرى من القراءات والتفسيرات. لكن هذا الأمر لم يحدث، لما غلب على العمل الخطاب المباشر، وإعادة بعض الأحداث السياسية التي عرفتها الجزائر والعالم حديثا، مستغنيا عن الرسالة النقدية للعمل الفني، فكان أشبه بإعادة استهلاك الوقائع ونقلها إلى الشاشة ضمن سياق درامي، لا يضمن التشويق، الذي طالما أحسن جعفر قاسم استعماله.
وربما النقل المباشر للأحداث جعل المسلسل يضيع أصالته، وانتبه عدد كبير من المتابعين والمهتمين لهذا الأمر، والأكثر من ذلك، أنهم لم يستحسنوه، ذلك أن المخرج هذه المرة، لم يدع الفرصة للمتلقي لاستحضار ذكائه واستخدام خياله، وفضل تقديم الحكاية كما هي، بمعنى كما يعرفها الجميع، باستثناء بعض النواحي الفنية. ويشبه سيناريو "عاشور العاشر 3" التعاليق التي تمر علينا على صفحات التواصل الاجتماعي بتغيرات بسيطة، كمن يقدم ويؤخر الجمل، وإذ لم يطعم باللغة التهكمية والساخرة التي تعودنا عليها في هذا العمل، وافتقدت بعض الحلقات لعنصر التشويق وتشابك الأحداث، التي من شأنها أن تجعل المتفرج مشدودا منتظرا للحلقة الموالية.
وهو ما يحيل للتفكير في شيء واحد، أن السيناريو كتب بطريقة غير جيدة، وربطت أحداثه برباط غير متماسك، كأنه كتب بسرعة واستعجال، دون مراجعة أو معالجة درامية دقيقة، من شأنها تحقيق تواصل شهرة "عاشور العاشر". وقد يعود الأمر أيضا إلى أن الكتابة المصورة للعمل احتملت توسعا في الشخصيات، بالتالي أحداثا أخرى لم يتمكن المخرج من زمام أمورها، فهزل هذا الجزء من المسلسل الذي يرتقب أن يكون له جزء رابع.