حيدر بن حسين يعرض جديد المسرح الوطني الجزائري
صديق الشعب.. عدوّه

- 874

استند المخرج حيدر بن حسين على رؤية إخراجية بسيطة قدّمها في مسرحيته "عدو الشعب" التي عرضت أول أمس، شرفيا بالمسرح الوطني محي الدين بشطارزي، ربما لتميّز النص لصاحبه النرويجي هنريك ابسن بالواقعية، معتمدا على أداء الممثلين في بث الفرجة ضمن جمل درامية متراصّة تترجم قصة كاملة في مكوناتها، تروي مأساة الدكتور توماس ستوكمان، الذي راح ضحية إخلاصه لوطنه لما أراد إنقاذ شعبه من خطر محدق لكنه هيهات أن يفعل. تسير أطوار مسرحية "عدو الشعب" في نسق درامي عال، إذ يُخيل للمتلقي أن خطبا ما موجود منذ البداية، إلا أن المفصل الأول للقصة يبدأ مع استلام الدكتور توماس ستوكمان (صفراني مصطفى) لتقرير يؤكد نتائج بحثه تتعلق بتلوث مياه الحمام المعدنية في مدينته. ثم تتطور الأمور لتصل للمفصل الثاني للقصة عندما يحاول إعلام الناس عن طريق الصحافة واقتراح إقامة أشغال تطهير في تقرير يرسله إلى لجنة الحمامات، ويقف أخوه بيتر ستوكمان، عمدة البلدة رافضا للمسعى بداعي توقف العوائد المالية للمدينة، فالأشغال ستمنع استقبال الناس والسياح، فالحمامات تعد المصدر الوحيد لمداخيلها.
يحاول الدكتور عبثا التنصل من حصار أخيه، الصحافة التي كانت في البداية تدعمه ومتحمسة في نشر مقالات بالخصوص، لم تلبث أن تواطأت مع العمدة لأسباب تتعلق بمصلحة الجريدة ومواردها المالية. ويبدو أن حيدر بن حسين وفق في اختيار هذا النص ذلك أنه يعكس بحق الواقع، ليس في الجزائر فقط بل في كل الدول التي تعتمد على ضرع البترول الذي يعتبر المصدر الأول للدخل القومي، وهو الأمر نفسه بالنسبة للحمامات المعدنية بالنسبة لبلدة الدكتور توماس. في فكرة أخرى يرى المخرج أن السلطة الرابعة المتمثلة في الصحافة ليست بتلك القيم والمبادئ التي تشتهر بها، فعندما يتعلق الأمر بأرباب المال ومصالحهم فالكل يخضع وإلا فإن مصير كل مقاوم ووطني ومحب لوطنه سيكون العداء، مثلما أضحى الدكتور عدواً للشعب، والقوة لمن له نفوذ والباقي مآله الهلاك ولا يهم ذلك، ويمكن تشبيه هذه الوقائع براهن العالم والشعوب الضعيفة التي تموت يوميا لعدة أسباب كلها مرتبطة بمصالح الأغنياء أصحاب القوة حتى وإن كانوا أقلية، فالأغلبية أمام نفوذهم لا تساوي شيئا. من الناحية الفنية فضّل المخرج أن يجعل من وسط الخشبة فضاء لأحداث المسرحية، غير أن السينوغرافيا التي أعدّها عبد الحليم رحموني، لم تدعم العرض، بل بالعكس أعاقه الديكور الذي غطى جانبا من الخشبة ولم يتمكن الجمهور من مشاهدة أداء الممثلين، غير أنه في الإضاءة فقد وفّق التقني موفق مختار، في خلق لوحات بديعة. أما أداء الممثلين فقد كان متراوحا في المستوى، وتميز بالحفظ أكثر من الأداء الدرامي، فالجمل الطويلة كانت مزعجة للمتلقي ومربكة على الممثلين، إضافة إلى بعض الأخطاء اللغوية التي ميّزت الحوار.