الملتقى الوطني عن "بوكحيل الهوية والصمود" بالجلفة

شاهد ممتد عبر التاريخ وصخرة كسرت الغزاة

شاهد ممتد عبر التاريخ وصخرة كسرت الغزاة
  • 289
مريم. ن      مريم. ن    

ينظّم مخبر الدراسات التاريخية والإنسانية بجامعة الجلفة بالتنسيق مع "المركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية وثورة أوّل نوفمبر 1954"، يومي الثاني والثالث من جويلية القادم، أشغال الملتقى الوطني الأوّل حول "بوكحيل الهوية والصمود"، ليقف عند منطقة لها امتدادها في التاريخ، وشاهد حي على أحداث دارت خلال حرب التحرير.

جاء هذا الملتقى ليضع منطقة جبل بوكحيل بتاريخها البعيد المتميّز وجغرافيتها في قلب الجزائر، وفق مقاربة جديدة، تتقاطع فيها مجموعة من العلوم الإنسانية والاجتماعية، مدعّمة بالبعد التاريخي من رحلات ومقاومات شعبية وثورة تحريرية، وكذا البعد الديني كصمام أمان للهوية الوطنية.

إنّ الغوص في ذاكرة جبل بوكحيل في هذا الملتقى، هو رغبة جامحة في إعادة كتابة التاريخ الجمعي؛ للكشف عن أصالة متجذّرة، ونفض الغبار عن هوية وطنية، وثوابت حضارية وثقافية، عارية بجذورها في فجر التاريخ.  

وأكد المنظمون أنّ القصد من هذا الملتقى هو وضع لبنة في كتابة التاريخ المحلي، وتوجيه الباحثين مستقبلا حول هذا التاريخ الذي يمثل رافدا من روافد التاريخ الوطني العام؛ باعتبار أن التأثير والتأثر سمة عامة عند كل الشعوب.

للإشارة، جبل بوكحيل من بين الآثار المادية التي تفاعل معها الإنسان عبر التاريخ تأثيرا وتأثرا. 

وقد فتح الملتقى بعض الأسئلة عن هذا التاريخ وجغرافيته؛ منها "ما الجغرافية الطوبوغرافية؟" ، و«ما هي صورته في كتابات الرحالة والمؤرخين؟" ، و«ما هي مظاهر الصوفية والعلمية والمقاومة الشعبية والثورة التحريرية ؟«.

آثار الرحّالة

يناقش الملتقى عدّة محاور، وهي "جغرافية وطبوغرافية جبل بوكحيل من خلال المصادر"، و«الآثار والرحلات ومشاهدات الرحالة لبوكحيل والحواضر المحيطة به"، و«المقاومات الشعبية التي احتضنها جبل بوكحيل والأقاليم المجاورة له"، و«الشخصيات الدينية والصوفية والعلمية التي احتضنها جبل بوكحيل"، وأخيرا "الثورة التحريرية ببوكحيل في قلب الولاية السادسة التاريخية".

كما جاء في ديباجة الملتقى أنّ الجبال تُعدّ من الشواهد والآثار الباقية، التي شهدت ملاحم مازالت آثارها منقوشة على صخورها، كسجلّ للأحداث التاريخية عبر العصور؛ لذلك أصبحت تلك الشواهد مصدرا هاما يحافظ على الذاكرة التاريخية الوطنية، ويعزّز مكانة البحث التاريخي.

ويُعد جبل بوكحيل الأشم أحد الشواهد الشامخة، يمتد جغرافيا ضمن سلسلة الأطلس الصحراوي. ويمثّل القسم الأكبر من جبال أولاد نايل. ويربط ثلاث ولايات؛ هي الجلفة والمسيلة وبسكرة، يبدأ من جبل عويمير ببلدية عين الريش، وينتهي بقمة الشنوفة ببلدية سلمانة. ويشمل سلسلة من الجبال التي مثلت الحماية الطبيعية للمقاومين والمجاهدين أثناء الثورة؛ منها جبال طولقة العروسين، وجبال القسوم، وجبل الكحيلة، ثم تمتد هذه إلى جبل الميمونة والنسيبية، وجبل قلب العرعار، وقرن الكبش، وجبل ثامر، وجبل الكراع المقابل لجبل امساعد.

بوكحيل.. حارس أمين

باعتباره مسرحا لأحداث تاريخية ومركزا للآثار والحواضر، فالبيئة الجبلية لبوكحيل قدّمت لساكنة المنطقة عبر العصور، الحماية، والأمان، والشموخ، فاستمد أبناؤه قوّتهم من قوّته وصموده، وبالتالي فمن الواجب العناية والاهتمام به، لكونه مصدرا تستمد منه الأمة هويتها الحضارية، وموروثها الثقافي، وتستمد منه الأجيال الاعتزاز بمآثر الأجداد؛ لتقوية الإحساس بالقيم الوطنية، وتجسيد وحدة الأمة، وسؤددها.

وكان ولايزال وسيبقى بوكحيل رمزا للهوية الوطنية والذاكرة بكلّ عناصرها، وأداة للصمود، وتحديا للغزاة المستدمرين؛ إذ كان مقبرة لهم عبر التاريخ، فالجبل ليس مظهرا تضاريسيا جامدا، بل هو مورد للتاريخ والذاكرة الجماعية كباقي جبال الوطن؛ مثل جبال الأوراس، وجرجرة، والجرف، والونشريس، والقعدة، وغيرها من قلاع الثورة والتاريخ.

ومن شروط المشاركة أن يكون موضوع المداخلة ذا صلة بمحاور الملتقى، وفي الإطار الزمني المحدد له، وأن يتّسم البحث بالمنهجية العلمية، وتتوافر فيه صفات البحث العلمي.