في ذكرى رحيله 28
سيراط بومدين يعود إلى مسرح وهران

- 802

تكريما لسيراط بومدين الشخصية الفنية التي تُعد قامة في فن التمثيل في الجزائر، نظمت الجمعية الثقافية "الآمال" لوهران من 12 إلى 20 أوت الجاري، الأيام المسرحية لسيراط بومدين، والتي ضمت سلسلة من العروض المسرحية من أداء شباب، فضلا عن تخرج الدفعة 33 من مدرسة التكوين التابعة لها، والتي تحمل اسم هذا الفنان المتميز.
يرى العديد من الشباب الممارسين للفن الرابع، الممثل المسرحي الراحل سيراط بومدين، مصدر إلهامهم في الأداء التمثيلي؛ كونه شخصية فنية، تتميز بكاريزما أثرت في المشهد المسرحي وعلى المتلقي؛ سواء فوق الخشبة، أو أمام الشاشة على الرغم من مرور 28 سنة على رحيله.
نموذج فريد في تقمّص الشخصيات
سيراط الذي توفي يوم 20 أوت 1995 والذي كان يمتلك فيضا من القدرة على جذب الجمهور، نموذجا فريدا في تقمص الشخصيات التي لاتزال راسخة في أذهان هواة الفن الرابع؛ منها الدرويش في "القراب والصالحين" لولد عبد الرحمان كاكي، وجلول الفهايمي في "الأجواد" لعبد القادر علولة، و«البلعوط" لبوعلام حجوطي، وأخرى في السلسلتين المشهورتين "عايش بالهف" و«شعيب لخديم".
وكان هذا الفنان البارع الذي وُلد في 1947 بوهران والمعروف عند رفاق دربه باسم "ديدن"، يحلق عاليا فوق الخشبة؛ حيث كان يمثل بعقله وبقلبه لجلب الجمهور لمتابعة صولاته فوق الركح أو حركاته أمام الشاشة؛ مما جعل أداءه التمثيلي تجربة فنية مميزة، انجذب لها العديد من الممثلين الشباب الذين شاهدوا أعماله عبر مواقع الأنترنت ولم يسعفهم الحظ لمشاهدتها فوق خشبة المسرح.
أداء قوي وحضور كاريزمي
وتحمل الشخصيات التي أداها هذا النجم في المسرح الجزائري، نزعة تمثيلية ليست في متناول الجميع، أثرت في العديد من الممثلين الشباب؛ سواء الذين تلقوا تكوينا أكاديميا في الجامعة، أو العصاميين، حسب ما أكد الممثل والمخرج المسرحي زينو بن حمو، الذي أشار إلى أن "سيراط اجتهد في صناعة شخصيات فنية، جعلها تتحرك وتصول وتجول فوق الركح بفضل أدائه القوي البعيد عن قاعات المسرح الكلاسيكي".
ومن جهته، قال الممثل المسرحي عماد براهيمي، عضو بفرقة مسرح الشارع التابعة للمسرح الجهوي "عبد القادر علولة" لوهران، إن سيراط تميز بكاريزما في الأداء المسرحي، خاصة في لون الكوميديا السوداء؛ حيث استطاع أن يحقق نجاحات باهرة؛ سواء في المسرح العمومي، أو مسرح القلعة التابع للقطاع الخاص بفضل هذا الحماس الكبير في التمثيل الذي أهله لأن يكون بطلا في المدرسة الواقعية النفسية في الأداء التمثيلي.
مدرسة في فن القوال
كما يُعد الفقيد مدرسة في فن "القوال". وكانت له طاقة كبيرة في الارتجال، وفي نبرة صوته القوية. ويرى المتحدث أنه "كان مبدعا في دور (جلول الفهايمي) على الرغم من أنها شخصية متعبة جدا، لكنها كانت ممتعة. وقد استلهمتُ عدة عناصر من هذه الشخصية، التي ساعدتني في تجسيد الدور الذي أديته في العمل المسرحي (عطيل الغيار) للمخرج سمير بوعناني".
وعلاوة على موهبته الفنية، فإن عفوية سيراط بومدين في التمثيل جعلته "ظاهرة فنية لا تتكرر"، على حد تعبير المخرج المسرحي فارس عبد الكريم، الأمين العام للجمعية الثقافية "قطار الفن" بوهران، والذي اعتمد كثيرا على تجربة هذا الفنان في إنجاز مسرحية "الخيش والخياشة"، التي تحصلت على عدة جوائز داخل وخارج الوطن.
كما إن خفة روحه ومرحه وكذا اعتماده على تعابير الوجه في أداء الدور، أهّلته لأن يكون له حضور كبير سواء فوق الخشبة، أو أمام الشاشة؛ إذ كان يعطي بعدا لشخصياته، ولا يخرج من الدور الذي جسده بعد سنتين من الأداء، وكان يتقمصها بكل سماتها وخصائصها ومميزاتها، حسب ما ذكر الناقد المسرحي محمد الأمين بن محمد من مستغانم. وكانت لعروضه نكهة خاصة في الأداء التمثيلي؛ مما جعله مميزا عند كثير من الشباب الذين يمارسون المسرح أو السينما، والذين يقتفون آثار أعماله وأداءه، والتي يجب أن تُدرس في مناهج التدريس الأكاديمي الجامعي؛ لأن التكوين هو قوة تطوير الفن الرابع في الجزائر، وفق ذات الناقد الذي له عدة مشاركات في أعمال مسرحية.