المخرجة ياسمين شويخ ضيفة السينماتيك:

"سيدي بن خلوف" في المونتاج و"سي الحواس" توقّف

"سيدي بن خلوف" في المونتاج و"سي الحواس" توقّف
المخرجة ياسمين شويخ
  • 252
مريم. ن مريم. ن

أكّدت المخرجة ياسمين شويخ خلال استضافتها، أوّل أمس بقاعة السينماتيك ضمن "ندوة -تيك" ، أنّ فيلمها "سيدي لخضر بن خلوف" دخل قاعة المونتاج، وسيرى النور قريبا، بينما فيلمها الآخر "سي الحواس" توقّف تصويره، متمنية إعادة بعثه من جديد كي يرى النور، مثل ما كانت الحال مع أفلام ثورية أخرى تناولت شخصيات وطنية.

عن فيلمها "سيدي لخضر بن خلوف" قالت شويخ إنّه اكتمل، وهو الآن في مرحلة المونتاج، مشيرة إلى أنّ النص والسيناريو كتبه والدها المخرج محمد شويخ ابن منطقة مستغانم، الذي وصفته بالمهووس بالتاريخ، علما أنّ هذا المشروع تعطّل بسبب وفاة والدتها المخرجة أمينة شويخ.

وأكّدت المتحدثة أنّ الفيلم ليس سيرة ذاتية لبن خلوف، ولا هو فيلم وثائقي، بل روائي، يتناول حياة هذه الشخصية منذ معركة مزغران الشهيرة سنة 1558. ويَبرز ابن خلوف كشاعر، وكرحالة، ومقاتل، وكجامع للقبائل لمحاربة الإسبان مع استعمال اللهجة المستغانمية القديمة، بينما يتحدّث الإسبان في الفيلم بالعربية الفصحى، والأتراك بلكنة خاصة.

وبالنسبة لفيلمها الثاني "سي الحواس" قالت ياسمين شويخ: "كان التصوير انطلق بمنطقة مشونش ببسكرة. ثم توقّف نتيجة سوء التسيير. كما إنّ العاملين والمشاركين في الفيلم منهم أنا، لم نتحصّل على مستحقاتنا المالية. وأتأسف وكلّ فريق العمل على ذلك، خاصة أنّ الفيلم وصل إلى 70 ٪ من التصوير، فيما لم يصوّر أيّ مشهد للمعارك نتيجة انعدام الوسائل والخبراء. وأمام كل ذلك أجد نفسي مصدومة؛ لأنني أحسّ بمسؤولية تاريخية تجاه شهدائنا، الذين دون تضحياتهم ما كنا لنُخرج أفلاما، ونصبح على ما نحن عليه اليوم".

تجربة مشروع "هي" السينمائي

تحدّثت المخرجة خلال اللقاء، عن إشرافها على مشروع "هي" السينمائي (حاملات المشاريــع السينمائيـة)، لتأطير المواهب النسائية الصاعدة في مجال كتابة السيناريو، والإخراج؛ بهدف تمكينهن من إنتاج أفلام روائية قصيرة، مؤكّدة أنّها ركّزت في تكوينها لهن، على أبجديات الفيلم القصير (13 دقيقة) مع الاعتماد على السيناريو كأهم جانب في التكوين؛ فأي سينمائي غير متحكّم فيه سيتعثر، وأيّ سينمائي غير متحكّم في السيناريو لا يستطيع التفاوض مع المنتجين.

كما أوضحت المخرجة شويخ أنّها أطّرت خلال هذه الطبعة الأولى من المشروع، خمس مترشحات من ولايات مختلفة. وتابعتهن طيلة مشوار استمر سنة. وأعطتهن عصارة خبرتها. كما استفادت، بدورها، من النقاش معهن. وقالت إنّها تجنّبت الصرامة وفرض الرأي عليهن، تاركة لهن حرية الاختيار والأفكار، متمنية أن تجسد مشاريعهن أفلاما في سنة 2026 من قبل وزارة الثقافة والفنون، التي اهتمت بهن، وبالتجربة عموما. وقد تكون هناك في الطبعات القادمة للمشروع ورشات عن "الاتصال والترويج"، و "إدارة الإنتاج" ، و"الإخراج".

مسار سينمائي متعدّد الأوجه

قالت ياسمين شويخ خلال هذا اللقاء، إنّها من أسرة فنية شجّعتها منذ صغرها، على موهبة الكتابة التي مارستها حتى وهي تلعب مع بنات الجيران. كما مثّلت في فيلم والدها "القلعة" ولم تتجاوز 5 سنوات. وعندما حصلت على البكالوريا تمنت الالتحاق بمعهد للسينما معروف في فرنسا. ولكي تلتحق به درست أولا بالجامعة هنا بالجزائر، واختارت علم النفس الذي استفادت منه كثيرا بعدها؛ لبناء عمق شخصيات أفلامها؛ من ذلك فيلمها السينمائي الناجح "إلى آخر الزمان".

وعن والدها المخرج محمد شويخ قالت إنّه شجّعها على الكتابة؛ فهي تمارسها في مكتبه الخاص، لكنه يتجنّب أن يفرض عليها رؤية أو أسلوبا أو فكرة ما، بل يلتزم، فقط، بتعليمها هيكل السيناريو؛ مثل تقطيعه في مشاهد وغيرها.

وعن "آخر الزمان" أشارت إلى أنّه محطّة مهمّة في مشوارها، فهذا الفيلم حقّق الانتشار والإعجاب داخل الجزائر وخارجها. وقد حاولت فيه الإفلات من أيّ استنساخ، يعيد ما قدّمه مخرجون آخرون معها أو قبلها، خاصة في ما تعلّق ببناء الشخصيات، لتعتمد، مثلا، على اختلاف السلوكات، وطريقة الكلام، واللغة وغيرها، فلكلّ شخصية معالمها الخاصة مع إعطاء كلّ دور حقه في الظهور والتعبير، وتجنّب تحقير أي شخصية أو التعامل معها بأحكام مسبقة حتى ولو كانت ضدّ ولا تمثّل قناعات المخرج أو الكاتب؛ قصد إعطاء مصداقية للعمل، ولإقناع الجمهور. وأوضحت، أيضا، أنّ شخصيات العمل تعيش معها حتى وهي خارج البلاتو.

فيلم "آخر الزمان" به 6 شخصيات، والمقبرة، حسبها، هي الشخصية السابعة. ورغم أنّها مكان للموتى لكنّها تعجّ بالحياة، وبالشخوص المختلفة.

وقالت شويخ إنّها حضرت العديد من عروض الفيلم بالجزائر وبالخارج. وعبّر لها، ذات مرة، جمهور أغلبه من المسنين حضروا العرض بإحدى الدول الأوروبية، عن أملهم في أن يُدفنوا بمقبرة جزائرية. كما انبهر الجمهور المكسيكي بالفيلم قائلا إنّ قصته "تشبهنا"، فيما قال أحدهم من دولة خليجية: "أتمنى أن أعيش في الجزائر".

وعن الجوائز التي تحصّلت عليها قالت: "تلك التي نلتها هي الأفضل عندي. وهذه ليست ديماغوجية، بل حقيقة؛ فجائزتي في مهرجان عنابة السينمائي، بعثت الأمل عندي في ظروف مهنية كنت أعاني منها. ثم إنني لم أكن أنتظر هذه الجوائز؛ ما يحدث المفاجأة، ويزيد من قيمة السعادة"، مضيفة أنّ لكلّ جائزة طعمها الخاص.

وأكدت ياسمين شويخ أنّ على كاتب السيناريو أن يسجّل كلّ التفاصيل مكتوبة؛ لأنّها ستفيد كلّ طاقم العمل؛ فحينما يقول مثلا عن البطل "كان شاحبا يرتدي لباس النوم" ، فهذا يفيد المشرف على الماكياج، ومصمّم اللباس، وغير ذلك من التفاصيل، قائلة إنّ البعض يترك كل تلك التفاصيل للبلاتو، ما يعطّل العمل، ويُربك الفريق العامل. كما بدت رافضة لعدم الفصل بين المخرج والكاتب؛ كي لا يتّكل أحدهما على الآخر.

السينما محرّك للتنمية ومروّج لصورة الجزائر

تناولت ضيفة السينماتيك أيضا، مواضيع شتى عن دور السينما والسمعي البصري عموما، في التنمية، وفي الترويج للجزائر، والدفاع عنها، مستعرضة تجارب دول حقّقت التفوّق منها تركيا، ومطالبة بتكفّل الدولة ماديا؛ لترقية حضور الفيلم الجزائري بالمحافل السينمائية الدولية، خاصة بالأوسكار، وبالسوق الأمريكية.

للإشارة، نشّط اللقاء الدكتور عمار رويس، الذي أكّد أن هذا الموعد سيتجدد كل 15 يوما مع فاعلين سينمائيين آخرين. والهدف منه الالتقاء بالجمهور وبصناع الفن السابع على المباشر، مع فتح نقاشات، وتقديم اقتراحات تدخل في إطار الحوار الوطني الكبير حول السينما، ليصل إلى أعلى سلطة في البلاد، وهي رئيس الجمهورية.