إلى جانب مثقفين وكتاب عرب

زنار وأزراج يقرعان "أجراس الوباء"

زنار وأزراج يقرعان "أجراس الوباء"
  • القراءات: 762
 نوال جاوت نوال جاوت

شارك الفيلسوف حميد زنار، والكاتب عمر أزراج، في حوار فكري أخلاقي عميق بين مثقفين يستطلعون ما ستؤول إليه هذه اللحظة الإنسانية الكئيبة، جاء على شاكلة كتاب جماعي وسم بـ«أجراس الوباء"، وذيِّل بعنوان فرعي "الأناركية الاصطناعية وإعادة تكوين العالم"، وينحو إلى تطوير أسئلة وأفكار فرضها وضع إنساني كارثي، نجم عن انتشار وباء فتاك، تزامن ظهوره مع انهيار القيم الكبرى في عالم اليوم.

في هذا الصدد، دعا الأستاذ حميد زنار، إلى نشر الوعي الإيكولوجي في الكوكب بأسره، فيما يرى عمر أزراج أن "تمكن حَدَثُ كورونا من إرباك الذكاء العلمي، الذي كان الغرب يفخر بأنه، هو مَنْ يملك أسرار مفاتيحه".

و«أجراس الوباء ـ الأناركية الاصطناعية وإعادة تكوين العالم"، الصادر عن "منشورات المتوسط"، يحمل أسئلة تحاول الانطلاق من أرضية مشتركة، مولدة أفكارا تجرب أن تتجاوز حاجز النقد المتقوْقع على ذاته؛ بخلق حوارا فكريا ـ أخلاقيا عميقا، بين مثقفين يستطلعون ما ستؤول إليه هذه اللحظة الإنسانية الكئيبة، منتقدين الوضع الناجم عن السياسات النيوليبرالية والجشع الرأسمالي، وأنظمة الدول الشمولية والطغيان المشرقي والآسيوي.

الكتاب محاولة لن تتوقف عند هذا الحد، كونها تتضمن دعوة إلى ابتكار صيغ جديدة ومعاصرة لتواصل فكري متعدد المشارب والمرجعيات، إيمانا بأن التغيير الحقيقي في المسار البشري، لا يأتي إلا من دعاة التغيير الإنسانيين في العالم. كما أن إصلاح العطب الذي وضع إنسان العصر في أضيق زاوية، لا يتحقق إلا بتحويل المأساة إلى مجال حيوي وفعال، لتفكير تعددي يعبر عن حيوية النخب المثقفة ومسؤولياتها إزاء مجتمعاتها، والكتاب يطرح عليها سؤال: كيف يفكر المفكرون، بينما البشرية حبيسة البيوت، ووراء أقنعة "كوفيد"؟

في استهلال الكتاب، لفت نوري الجراح، إلى أن فكرة إصدار هذا الكتاب تبلورت في خضم نقاش مركز مع عدد من الصديقات والأصدقاء، الذين شارك بعضهم أولا في كتابة مقالات لمجلة "الجديد" الثقافية اللندنية، في إطار ملف استقطب عددا من الكاتبات والكتاب ممن جرت دعوتهم لتدوين انطباعات وتأملات وأفكار حول موضوع العزل الصحي، تحت عنوان "ماذا تفعل في البيت"؟. كان ذلك مع بدايات انتشار الفيروس، ولم يكن الانتباه إلى حجم الفاجعة قد ولد بعد. بينما كانت تلك الكتابات قيْد النشر في المجلة تحت عنوان "الكوكب الأسير- تأملات وأفكار ويوميات المعتزلين في البيت"، كان الوباء ينتشر بسرعة غير مسبوقة في كل ناحية من أنحاء الكوكب، ويحصد بمنْجله الأرواح. وقد بدأت معالم الفاجعة الكونية تظهر، وراح القلق ينمو في الوجوه والنظرات، قبل أن يختفي الجميع في البيوت، ولم نعد نظهر لبعضنا البعض إلا في صور تتحرك على شاشات الكومبيوتر وأجهزة الموبايل.

يضيف "ظروف الإقفال، والعزْل، والاضطراب في يوميات وبرامج ومواعيد الكاتبات والكتاب، الذي رافق التسارع في انتشار الوباء، جعل من الصعوبة بمكان، التحضير لإنجاز الكتاب بالصورة التي تخيلته عليها منذ البداية، أي بمشاركة أوروبية واسعة. كاتبان تركي وإيطالي فقط تمكنا من تلبية الدعوة في الموعد المحدد لها، وهو ما حتم عليّ الدفْع بالكتاب في صيغته الراهنة، ومواصلة العمل على نسخة ثانية لطبعة ثانية من الكتاب، لاسيما أن عددا من الكتاب الأوروبيين بدا متحمسا للفكرة، ولم تسعفْه ظروفه للمشاركة في هذه الطبعة".

يضم هذا الكتاب المتاح على منصة الكتب العربية الإلكترونية "أبجد"، مروحة من الأفكار، كما نجد في آخره دراسة الشاعر والأكاديمي الإيطالي إيمانويل بوتاتسي غريفوني، كونها توسعت في قراءة الظاهرة والتشاكل معها، انطلاقا من جملة حفريات ومقارنات وقراءات ابستمولوجية موازية، قصدت أن توسع من أفق الدلالة لما طابق أو نجم عن تصورات مسبقة لتاريخية فكرة الوباء.

نذكر أن كتاب "أجراس الوباء ـ الأناركية الاصطناعية وإعادة تكوين العالم"، صدر حديثا عن منشورات المتوسط -إيطاليا، بالتعاون مع منصة الكتب العربية الإلكترونية "أبجد"، وسيتاح مجانا للقراءة على منصة أبجد.

ساهم في إنجاز هذا الكتاب، مجموعة من المؤلفين العرب والأوروبيين، من سوريا، فلسطين، تونس، العراق، مصر، الجزائر، المغرب، تركيا وإيطاليا، وهم، حسب ورود مساهماتهم في الكتاب؛ نوري الجراح، أحمد برقاوي، أبوبكر العيادي، لطيفة الدليمي، إبراهيم الجبين، خلدون الشمعة، فخري صالح، نادية هناوي، محمد آيت ميهوب، مفيد نجم، نهلة راحيل، يوسف وقاص، محمد صابر عبيد، ممدوح فراج النابي، هيثم حسين، حميد زناز، المتوكل طه، فارس الذهبي، مخلص الصغير، حاتم الصكر، أزراج عمر، مصطفى الحداد، بلال سامبور، إيمانويل بوتاتسي غريفوني، عبدالرحمن بسيسو.