لبتر يكرّم رائد الشريط المرسوم في الجزائر الراحل عرام
رسَم أحلام الجزائريّين وبقي وفيا لطفولته

- 939

استحضر الكاتب والإعلامي المعروف لزهاري لبتر، أوّل أمس، رائد الشريط المرسوم بالجزائر في محاضرة بعنوان "محمد عرام رسام متحرّك" ؛ حيث كشف في هذا اللقاء، لأوّل مرة، بعضا من أرشيف الراحل عرام؛ من رسومات، وصور، وكتابات، وتصريحات، تُعدّ تأريخا للفن التاسع ببلادنا، مطالبا بحماية هذا الإرث الفني، الذي يمثل جزءا من الذاكرة الوطنية للجزائر المستقلة.
قال لبتر إنّ أجيال اليوم لا تعرف هذا الفنان والمناضل. أما هو فقد عرفه وزاره في ورشته ببيته بحي حسين داي بالعاصمة، علما أنه أجرى معه حوارا صحفيا في الستينيات، مؤكّدا أنه أول من رسم الشريط المرسوم في الجزائر، وقدّم شخصية "نعار" (وتعني المدافع)، وربطه في بدايته، بحوريات البحر الآتيات من بعيد؛ للبحث عن الطعام في الجزائر، فرصدهن وصدهن، وكان ذلك إيحاء بصدّ المستعمر الفرنسي من سواحل سيدي فرج.
وقدّم المتحدث صورا للراحل، وهو تلميذ بالابتدائي، ثم بمدرسة الرسم التي التحق بها سنة 1947. كما عرض رسوماته التي تعود لسنة 1953، وكلّها من علبة أرشيف ابنته أمينة، المكلفة بحماية ذاكرته وأعماله.
وقال إن الراحل قدّم شخصية "جحا" كنوع من المقاومة الثقافية، وصولا إلى "نعار" ، الذي ظهر قبل "سوبرمان" بكل خصوصيته الجزائرية رغم تأثير الشخصيات الغربية، التي كانت الحاضر الوحيد في هذا الفن الرائج. ومن الصور أيضا صورة للراحل في الخمسينيات أمام الشاحنة التي كان يوزَّع فيها لحم دكان والده الجزار وعليها الكثير من رسوماته.
ومع حلول سنة 1963 التفتَ عرّام للرسوم المتحرّكة، وأنجزها بوسائل بسيطة صنعها. وهنا تمنى لبتر أن تعرض تلك الأعمال على الشاشة، وأن تُحفظ في متحف خاص بمسيرة عرام. وفي 1964 التحق الراحل بالمركز الوطني للسينما، وترأّس قسم الرسوم المتحركة بالتعاون مع 8 مخرجين وبكاميرا. وهنا تعزّز التكوين في هذا المجال، لينجز 16 فيلما قصيرا. بعدها التحق بالراحل سليم ومحمد مزاري. ثم في 1969 جاءت تجربة مجلة "مقيدش" بإشراف الراحل عبد الرحمن مضوي، والتي نُشرت، أيضا، في إيطاليا وإسبانيا، وكانت تنفذ أعدادها كلها.
وقال لبتر، كذلك، إنّ الراحل قال في حوار لصحيفة أجنبية، إنه كلّف ابنته بجمع تراثه والمحافظة عليه، وذلك بعد أن تقدم به العمر، مشيرا إلى أنّ السيدة أمينة عرام ستصدر ألبوم أبيها الذي تأخّر بـ57 سنة.
واستعرض المحاضر بعض أعمال الراحل عرام الرائدة؛ منها مجلة "قنيفد"، علما أنه كان، أيضا، فنانا تشكيليا، وقدّم عدّة شخصيات؛ منها أدرار بن التاسيلي، وفرحان، وشرشور، وزيرام، وحشيشة، وكذلك الرسوم المتحركة لجنريك "الحديقة الساحرة". كما قدّم "المعركة" بـ 4 قصص عن الثورة التحريرية؛ حيث كان مناضلا ملتزما. ونال الجائزة الأولى في مهرجان الشريط المرسوم العالمية بـ"ألما أتا" بكازاخستان.
ولقي الراحل، حسب لبتر، عدّة مضايقات، لكنّه ظل يقول: "أطفالنا يحلمون بأحلام الغير. وسنكسب الرهان عندما يحلمون بأبطالنا". وبقي الراحل وفيا لطفولته حتى رحيله سنة 2020 وكان في 88 من عمره.
للإشارة، تدخّلت السيدة أمينة ابنة الراحل في المناقشة، متحدثة عن والدها الذي كان الفنان والمربي، والذي سخّر فنه لخدمة الجزائر وأبنائها.