الشاب مامي يعود إلى جمهوره

رحلة الحنين من تونس إلى الجزائر

رحلة الحنين من تونس إلى الجزائر
  • 229
لطيفة داريب لطيفة داريب

ليست عودة عادية، تلك التي يطل بها الشاب مامي هذا الصيف. إنها عودة تحمل معها رائحة الزمن الجميل، في زمن طغت الضوضاء على النغمة. وبين نجاحه في مهرجان الحمامات وتطلعه للقاء جمهور الجزائر، يعود مامي وكأنه يقول: "ما زال في القلب متسع للأغنية الحقيقية".

على ركح المسرح المكشوف بمدينة الحمامات الساحلية، في شمال شرق تونس، وفي إطار مهرجانها الدولي العريق، وقف الشاب مامي شامخا، كأنه يلتقي جمهوره لأول مرة. كان الموعد مع عودة طال انتظارها، حيث غصت المقاعد بالجماهير، لتشهد لحظة استثنائية تجمع بين الحنين والحاضر.

أبحر "أسطورة الراي" بين أغانيه الخالدة، بصوت لم يتأثر بمرور السنين، وبأسلوب مسرحي يفيض صدقاً وحيوية. اختار مامي أن يعود إلى الركح، كما عرفه الجمهور في التسعينات: فرقة موسيقية كاملة، آلات حية، غناء مباشر، دون مؤثرات إلكترونية شبيهتها. هذه الخيارات الفنية لاقت ترحيبا واسعا من الجمهور والصحافة، على حد سواء، واعتُبرت رسالة واضحة بأن الأغنية الجميلة واللحن المتقن لا يشيخان.

وسائل الإعلام التونسية لم تخف إعجابها بأداء مامي. كتاب وصفوه بـ«مامي التسعينات"، وآخرون رأوا في حفله عودة إلى زمن الراي الأصيل، زمن الكلمة الراقية واللحن المبدع. البعض لم يتردد في الإشارة إلى أن الحفل كان "نظيفا"، خاليا من الاستعراض المبتذل أو المبالغة، مكتفيا بقوة الصوت وجمال الكلمات.

وكان مامي قد أفصح في حوار صحفي للوسائل الإعلامية التونسية، عن خوفه من الصعود على المنصة والغناء أمام الجمهور، نظرا لغبيته الطويلة، مضيفا أن عودته قدر لها أن تكون من الحمامات، معتبرا في السياق ذاته، أن الجزائر وتونس سيان.

نجاح حفل الحمامات لم يكن سوى بداية لسلسلة من المواعيد المرتقبة هذا الصيف. ففي 18 أوت الجاري، سيلتقي الشاب مامي جمهوره في الجزائر العاصمة، في حفل استثنائي بعنوان "بلدي هيا الجزائر"، يحتضنه فضاء الكازيف بسيدي فرج، وبعد أربعة أيام فقط، يوم 22 أوت، سيشد الرحال إلى وهران، ليحيي حفلاً آخر بفندق "الميريديان"، في موعد ينتظره جمهور الغرب الجزائري بشغف كبير.

الحفل المنتظر في العاصمة، سيكون أكثر من مجرد أمسية فنية، فهو تكريم للجزائر وشبابها وذاكرتها الجماعية، كما أكد الفنان في تصريحات سابقة. مامي وعد بأداء سخي، محاطاً بفريق موسيقي محترف، وببرنامج يقدم فيه أنجح أغانيه القديمة، في انتظار الجديد الذي وعد به الجمهور، خاصة تعاونه مع فنان دولي معروف، لم يشأ الافصاح عن هويته حاليا. 

مسيرة الشاب مامي، الممتدة لأكثر من أربعة عقود، أثبتت أن الفن الحقيقي لا يشيخ. أغانيه التي وُلدت في الثمانينيات والتسعينيات، لا تزال تحرك مشاعر جيل جديد، لم يعش زمن صدورها، لكنها وصلت إليه صافية، خالية من الضجيج، تحمل الحزن والفرح، الحب والفقد، في مزيج يليق بفنان احترف الصدق قبل الشهرة.