الموسم الثقافي 2025–2026 بعنابة
ربيعة جلطي توّقع الانطلاقة

- 141

انطلقت بعنابة، أمس السبت، فعاليات الموسم الثقافي 2025-2026 بشعار "فن يولد وإبداع يتجدّد"، حيث احتضنت المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية هذا الحدث الذي يعدّ محطة مهمة على خارطة المشهد الثقافي الجزائري، بتنظيم تظاهرة غنية ومتنوعة استضافت فيها الكاتبة والروائية الجزائرية ربيعة جلطي كضيف شرف.
يأتي هذا الاختيار كتقدير لمسيرة إبداعية طويلة تميّزت بالغزارة الفكرية والعمق الأدبي، حيث استطاعت جلطي عبر أعمالها أن تفتح نوافذ جديدة في الكتابة النسوية، وتعيد تشكيل الهوية الثقافية بأسلوب شعري وروائي راقٍ يزاوج بين التقاليد والانفتاح.
عرفت التظاهرة برنامجا حافلا بدأ بتدشين معرض ثقافي يضم جناحًا مخصّصًا للكتاب، تتوفّر فيه مؤلفات ربيعة جلطي، مع تنظيم جلسات بيع بالتوقيع، ما أتاح للجمهور فرصة اللقاء المباشر مع الكاتبة والتفاعل مع نصوصها.
كما شهد الحدث حضورًا للفن التشكيلي من خلال جناح شاركت فيه المدرسة الجهوية للفنون التشكيلية، حيث نُظّمت مسابقة "توأمة الفنون" التي تجمع بين الأدب والفن في تجربة بصرية مبتكرة، تُجسد خلالها إحدى قصائد ربيعة جلطي في لوحة فنية تعبّر عن تداخل الأجناس الإبداعية ووحدة الحس الفني.
حرص المنظّمون على إضفاء طابع حداثي على التظاهرة من خلال إدراج عرض فيديو يوثّق المسار الفني والأدبي لربيعة جلطي، باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، ما يعكس التوجه نحو دمج التكنولوجيا في خدمة الثقافة، ويبرز التحولات التي يعرفها المشهد الثقافي في العصر الرقمي. وتواصلت الفعالية بجلسة أدبية قدّمت خلالها الروائية مداخلة فكرية حول تجربتها، تتخللها قراءة شعرية لمقاطع مختارة من أعمالها، وهي لحظة انتظرها المهتمون بالأدب لما تحمله من شحنة وجدانية وعمق لغوي يعكس أسلوب الكاتبة المعروف بعذوبته وكثافته الرمزية.
وكُرّمت ضيفة الشرف ربيعة جلطي اعترافًا بإسهاماتها في إثراء الأدب الجزائري والعربي، إضافة إلى تكريم مجموعة من الفنانين المحليين الذين كان لهم دور في تنشيط الحياة الثقافية في الولاية، في مبادرة تعكس إيمان القائمين على التظاهرة بأهمية تثمين الجهود الإبداعية على جميع المستويات.
يتجاوز هذا الحدث طبيعته الاحتفالية ليحمل دلالات رمزية تعكس حرص المجتمع المحلي على أن تبقى الثقافة جزءًا حيًا من واقعه، ورسالة تؤكد أن عنابة، كما كانت دائمًا، مدينة منفتحة على الكلمة واللون، على الفكر والفن، على الإبداع المتجدد الذي ينهل من التراث ويتطلع إلى المستقبل. وحضور ربيعة جلطي في هذا السياق لا يمثل فقط تكريمًا لشخصها، بل هو تكريم لجيل من الأدباء الذين ساهموا في ترسيخ صوت أدبي جزائري أصيل، نسوي الهوية وإنساني النزعة. وهي بذلك تمثل نموذجًا للمثقف الملتزم، الذي يرى في الكتابة فعلاً وجوديًا، وفي الأدب وسيلة لفهم العالم وإعادة صياغته. من عنابة، يُعلن الموسم الثقافي الجديد بدايته، مؤكّدًا أن الفن لا يعرف التوقف، وأن الكلمة، حين تكون صادقة، تملك القدرة على إعادة تشكيل العالم.