"تجليات شهر رمضان في الفنون" بجامعة وهران
دعوة للتكوين وتحسين البرامج التلفزيونية

- 676

اِختُتمت بجامعة وهران، أول أمس، فعاليات ملتقى "تجليات شهر رمضان في الفنون"، الذي قدّم فيه المشاركون طيلة يومين، محاضرات في شتى الفنون ، إضافة إلى الورشات العلمية، والمناقشات المفتوحة التي طرحت رؤى مختلفة.
نظمت هذا اللقاء العلمي "الأكاديمية الوهرانية للدراسات العلمية والتفاعل الثقافي" بالتنسيق مع "مخبر اللهجات ومعالجة الكلام" بجامعة وهران1، برئاسة الأستاذة الدكتورة سعاد بسناسي. وشهد حضورا نوعيا من ثلاث عشرة جامعة جزائرية بإحدى وعشرين مداخلة لأساتذة ودكاترة وطلبة دكتوراه، تم تقديمها خلال ثلاث جلسات علمية، متبوعة بمناقشات وافية.
وأشارت رئيسة الملتقى الدكتورة سعاد بسناسي، إلى أن اختيار هذه التيمة لتكون موضوعا لملتقى وطني، جاء انطلاقا من أن رمضان شهر الروحانيات بامتياز؛ فهو الأغنى روحيا وفنيا، وهو إضافة إلى القيم الدينية التي يتشجع الناس على تثمينها والتأكيد على ممارستها خلاله، فإنه تتبدى من خلاله الكثير من المظاهر الاجتماعية والإنسانية التي يمارسها الناس في ما يؤدونه من طقوس يومية.
وتظهر من خلال الفنون المختلفة برؤى متنوعة سينمائيا وتلفيزيونيا وتشكيليا، وكذا في الابتهالات والمدائح الدينية وغيرها، ولهذا كان من الجيد التباحث حول تمظهرات هذا الشهر الفضيل في الفنون المختلفة، ومناقشة مختلف الرؤى والاتجاهات التي تتعلق بهذا الموضوع من باب البحث في القضايا اليومية والمعيشية للإنسان الجزائري، والتطلع لتثمين الجيد فيها، والدعوة لإعادة النظر، وتحسين السيئ منها.
واشتمل الملتقى على المحاور الأربعة التالية، ابتداء بـ"حضور شهر رمضان وطقوسه في مختلف الفنون (سينما، وتلفزيون، ومسرح، ورسم وفنون تشكيلية… إلخ)، ثم محور خاص بـ«فنون التلاوة القرآنيّة والشعائر في شهر رمضان"، وبعدها محور "التغني بشهر رمضان في الأناشيد الدينية والابتهالات والأغاني من مختلف الطبوع (الغناء الشعبي، والحوزي، والأندلسي)، وصولا إلى المحور النهائي المعنون بـ"بين الفقه والأعمال الفنية خلال شهر رمضان: حدود التقبّل وأسباب الرفض".
واختُتم الملتقى بمجموعة من التوصيات التي تَقدم بها المشاركون؛ من أهمها تقديم الإبداع الفني المحلي على التقليد الأجنبي، وإعادة النظر في مختلف برامج التلفزيون الجزائري؛ من خلال فرض رقابة صارمة قبلية وبعدية، تساهم في بث النافع وتغييب الضار، وأن تعمل الجامعة الجزائرية على توجيه اهتمام الباحثين والطلبة نحو إنتاج البرامج الهادفة الموجهة للطفل، خاصة في شهر رمضان.
وهو مشروع قال عنه الناقد المسرحي والأستاذ الجامعي الدكتور ياسين سليماني لـ "المساء" ، أنه مبدئيا يعمل عليه مع طلبته في الدكتوراه، مضيفا: "لعلنا نتمكن من عمل متميز في مستقبل الأيام "، علما أن الدكتور سليماني أصدر، مؤخرا، كتابه بعنوان "الفن وإشكالات الراهن" (الهوية، الجائحة، الذكاء الاصطناعي)، الذي أكد فيه أنه لا يمكن أن تكون حياة إنسانية إلا بالفن، ولا تعبير حقيقي يشتمل على القيمة والجمال إلا بالفن. كما صدر لياسين سليماني العديد من الكتب، وهي "سؤال الدراما: من أنطولوجيا الفعل إلى إستيطيقا التلقي"، و"خطوط غير مستقيمة: مقاربات في الأدب والفن والناس"، وغيرهما من الكتب.
للإشارة، فقد أوصى الملتقى، أيضا، بنشر ثقافة تلقي اللوحة الفنية الخطية؛ من خلال التعريف بتاريخ الخط، ومدارسه، وأصوله، وضوابطه، ومصطلحاته ومفاهيمه، وارتقاء بالذائقة البصرية للمتلقي؛ حتى يتمكن من حل شفرات اللوحة، وسبر أغوارها، والمرور إلى الدلالات العميقة للوحة الفنية؛ حتى لا يكون تلقّيه مجرد تأمل انطباعي أصم، وإدراج الخط العربي ضمن مناهج اللغة العربية باحتساب علامات خاصة به؛ تعزيزا لمهارة الكتابة عند المتمدرسين، وحفاظا على قيمة الخط العربي.
وهناك أيضا طرح مبادرات ومسابقات نوعية، إلى جانب إنشاء مراكز متخصصة لتعليم فنون الخط العربي؛ لترقية خطوط الطلاب، وتنمية مهاراتهم التواصلية ، وتشجيع الباحثين على تقديم أعمال فنية تمثل وتبرز فضائل هذا الشهر؛ من خلال تقديم دورات وتكوينات خلال الشهر المبارك، و كذا الاطلاع على قدرات ومواهب الفنانين والخطاطين وتشجيعها.
وفي كلمتها الختامية عبّرت رئيسة الملتقى عن الاستمرار في دعم مثل هذه التظاهرات الهادفة إلى فتح الآفاق للباحثين؛ لطرح المزيد من القضايا الهامة، آملة أن يكون الملتقى القادم دوليا، خاصة بعد إبداء كثير من الباحثين رغبتهم في المشاركة في هذه الفعاليات.