الدكتور حمزة جاب الله في ندوة بالمسرح الوطني

دعوة لتشكيل مقاربة سينوغرافية جزائرية بحتة

دعوة لتشكيل مقاربة سينوغرافية جزائرية بحتة
  • 154
لطيفة داريب لطيفة داريب

قال الدكتور السينوغراف حمزة جاب الله، إن السينوغرافيا تجاوزت المسرح، وأصبحت موجودة في فضاءات مختلفة؛ مثل الحدائق، والمدن، مضيفا في الندوة التي نشطها أمس بالمسرح الوطني الجزائري بمناسبة تنظيم المهرجان الوطني للمسرح المحترف، أن السينوغرافيا ركيزة أساسية ومحورية في صناعة العرض المسرحي، ولم تعد مجرد صورة وتشكيل، بل تحوّلت الى فكرة، وفلسفة، ومعنى.

أكد السينوغراف الدكتور حمزة جاب الله، أن السينوغرافيا حاليا تجاوزت المفهوم التقليدي لها من خلال تعاملها مع الخلفية الجمالية، الى مفهوم تعاملها مع الأداء الدرامي التفاعلي، ومن ثم إنتاجها للمعنى والجوهر للفعل المسرحي داخل العرض نفسه، مضيفا أن هذا الأمر فرضته التحولات في العالم التي تعنى بالصورة. ويرى المتحدث أن السينوغرافيا تعدت الخشبة الى مختلف مناحي الحياة العامة.

وقد تم الاعتراف بها بشكل صريح في المسرح الجزائري بعد أن كان يطلق على ممارسيه في السابق، عدة أسماء؛ مثل "زواقين" و"مختصين في الديكور" و"رسامين" رغم أن أول دفعة للسينوغرافيين كانت عام 1984. كما أكد المحاضر عدم وجود تعارض بين عمل المخرج والسينوغراف. ففي العمل المسرحي يكون الحديث عن الأفكار وليس عن الوظائف. كما إن الرؤية الإخراجية يشارك فيها كل عناصر العمل المسرحي، فالإبداع يتشارك فيه الجميع. والأفكار تعتمد على التوليد والتفاعل، وليس الاحتكار.

أما عن دوره في صناعة العرض المسرحي فقال السينوغراف إنه يتعامل، أولا، مع النص المسرحي؛ حيث يتحاور مع النص والشخصيات، ومن ثم يستنطق الإضاءة من خلال تخيل الجوّ العام الذي يُظهر له فيما بعد، البعد المكاني في ماديته، وتجريداته، والزمن، ومحتويات الفضاء. ثم ينتقل الى الجانب التقني، والأكسسوارات، ولمستها الجمالية. وفي الأخير يحب تجسيد الأشكال التي تعكس الروح، والعكس صحيح؛ للوصول الى صورة متزنة تُبلغ المتلقي المعنى.

ورفض جاب الله وجود صراع بين السينوغراف والمخرج، بل إن الصراع الذي يؤمن به هو الصراع الدرامي الذي يخدم العرض المسرحي، وأن النصر دائما يكون للجمال. ويرى أن أكبر مشكلة تواجه المسرح العربي، متعلقة بالمصطلحات؛ فهو لا يؤمن، مثلا، بمصطلح السينوغرافيا الذهنية وغيرها. كما تحسّر عن معضلة غياب التجهيزات الحديثة في المسارح، مطالبا السلطات الوصية بتوفيرها، ومعتبرا أن هذه الإشكالية غير مرتبطة بالميزانية، بل بالإرادة.

كما أنّها ليست من مسؤوليات المبدع. وأما عن موضوع استعمال الذكاء الاصطناعي في المسرح، فقال الدكتور إن كل مسرحي حر في العناصر التي يعتمد عليها في إنجاز العرض، لكن عليه أن يتقبل تأويل الملتقي لعمله، مضيفا: "يمكن أن يقصي المخرج الممثل وحتى الجمهور، وتعويضه بروبوت، لكنه سيقصي بهذه الفعلة، الإحساس الذي يربط بين العمل الفني والمتلقي".

وبالمقابل، تطرق جاب الله لمسيرته الأكاديمية من خلال التحاقه بمعهد برج الكيفان، وتخرجه في تخصص السينوغرافيا، ثم مواصلة دراسته بجامعة سيدي بلعباس، تخصص نقد سينمائي وسمعي بصري، ثم حصوله على دكتوراة حول موضوع السينوغرافيا الذي اشتغل عليه لمدة عشر سنوات، قبل أن يصدر في شكل كتاب موسوم بـ: “ السينوغرافيا والرؤية الإخراجية الأبعاد الجمالية بين التجريب والتحديث”، ليطالب المختصين بالمساهمة في تشكيل مقاربة سينوغرافية جزائرية بحتة. وعن تفاصيل كتابه قال الدكتور إنه تناول في الفصل الأول، الجانب التنظيري للسينوغرافيا، وبعض الآراء الفلسفية حول الموضوع. ثم تطرق للتطور التاريخي للسينوغرافيا من الإغريق، فالرومان، ثم المسرح الديني الى المسرح الإليزابيتي، فالمسرح الحديث. 

وفي الفصل الثاني تطرق للجدلية بين السينوغراف والمخرج، والتجارب العالمية لمخرجين سينوغرافيين، بينما كتب في الفصل الثالث عن التجربة الجزائرية في السينوغرافيا، وتحديدا تجربة أستاذه مكوّنه عبد الرحمن زعبوبي، الذي قال إنه يختلف معه في عدة نقاط، ومن بينها مسألة عدم وجود المخرج، إضافة الى حديثه في مؤلَّفه عن مسرحية "غبرة الفهامة" لمسرح سيدي بلعباس، التي أُنتجت عام 2007، وأحدثت ثورة في عالم السينوغرافيا بالجزائر.