إحياء ذكرى الراحل الشيخ حمادة 

حامي الهوية وأب الشهداء

حامي الهوية وأب الشهداء
الراحل الشيخ حمادة 
  • القراءات: 810
مريم. ن مريم. ن

 أحيا التلفزيون الجزائري، من خلال حصة "سيني سينما" لأمير نباش، ذكرى الشيخ حمادة، عميد الطرب البدوي، حيث عُرض فيلم وثائقي يضم الكثير من المشاهد التمثيلية، أنجز منذ سنوات طويلة من طرف حاج أحمد منصوري، كما يحوي شهادات أصدقاء الشيخ ومن عرفوه، ويوثق نضال هذا الرجل من أجل الهوية الجزائرية وصدامه الدائم مع الكولون، واستشهاد ولديه الاثنين إبان الثورة التحريرية.

استقبل منشط الحصة، قبل عرض الفيلم، الأستاذ عبد القادر بن دعماش، الذي أعطى تفاصيل مهمة عن هذه الشخصية التي عرفها، وتم بالمناسبة، التطرق إلى تراث الشعر الملحون الذي هو جزء من الهوية الثقافية الجزائرية، والذي ظل الراحل حمادة متمسكا به ومدافعا عنه، وقام بأداء أمهات قصائد الشيوخ، منهم بن عبد الله بن كريو وبن خلوف وبن مسايب وبن سهلة وغيرهم، عرض الفيلم التسجيلي شهادات من عرفوه عن قرب، منهم الراحل ولد عبد الرحمن كاكي، الذي نهل منه القصائد والتراث الشعبي، ليوظفه في روائعه المسرحية، وكذلك الحال مع المطرب معزوز بوعجاج الذي عرف الشيخ في الخمسينيات، ورافقه، وكان الراحل يصحح له القصائد ولا يبخل عنه في شيء، ثم الفنان الجيلالي عين تادلس.

تم الحديث أيضا، عن ارتباط الشعر الشعبي والثقافة الشعبية عموما، بالمقاومة ضد الاحتلال الفرنسي، الذي سعى بكل الطرق إلى طمسها، واستبدالها بثقافة المستعمر، على اعتبار أن هذا الشعب لا ثقافة ولا جذور له، بالتالي حرص الشيخ حمادة على النبش في هذا التراث وأدائه لربط الشعب به، وتمرير رسائل ضد هذا المستعمر كنوع من التوعية، علما أنه كان دوما ضد الكولون، خاصة بمنطقة الطواهرية بمستغانم. نظرا لوطنية وتمرد الشيخ حمادة ضد المستعمر، فقد سار أبناؤه على دربه ومبادئه الوطنية، منهم الراحل شارف أحد أبنائه الذي التحق بالحركة الوطنية والنضال فيها، ثم أخويه الشهيدين أحدهما عبد القادر استشهد سنة 1955، والثاني استشهد سنة 1959. وبالمناسبة، حيا السيد بن دعماش ابن الشيخ حمادة، الذي لا زال حيا، وهو السيد عبد الله، مذكرا أن أحياء وشوارع بمستغانم سميت بأسماء أبناء الشيخ حمادة الشهداء، رحمهم الله.

مثلما ثمن الشيخ حمادة نصوص التراث الشفوية وأحياها في أغانيه، فإنه أيضا مثل الثقافة والشعب الجزائري في الخارج، مؤكدا أن للجزائر شخصيتها التي تختلف تماما عن فرنسا، ومن ذلك، حفلاته في أوروبا، خاصة بفرنسا وألمانيا، وكذا لقاءاته مع الفنانين العرب، وعلى رأسهم محمد عبد الوهاب رحمه الله. استطاع الراحل حمادة أن يطوع كل الطبوع والقصائد، ليؤديها بطبع البدوي الوهراني، كما كانت له علاقات وصلات صداقة وعمل مع العديد من الفنانين الجزائريين، منهم محي الدين بشطارزي والعنقى ومحمد الطاهر فرقاني، الذي كان يؤدي مثله بالبدوي رائعة "ظالمة"، ومع عبد الحميد عبابسة وغيرهم. ظل الراحل متمسكا بأصالته ولباسه البدوي، رغم ثقافته وإتقانه للغات أجنبية، واستطاع أن يبقى رائد الأغنية البدوية بلا منازع، كما ظل تلامذته والمتأثرون بفنه على دربه. للتذكير، فإن الشيخ حمادة من مواليد سنة 1889، وتوفي في أفريل 1968، ومن أشهر ما قدم "يوم العيد" و"الوشام" و"ناس الغرام" و"قمر الليل" كما برز في المديح.