7 سنوات على ترجّل "الطائر المعدني"

جمال علام.. الحالم بالحرية الخالد في القلوب

جمال علام.. الحالم بالحرية الخالد في القلوب
  • 211
م. ص م. ص

قبل سبع سنوات؛ في 15 سبتمبر 2018، توفي المطرب جمال علام عن 71 عاما بعد صراع طويل مع المرض، بعد عشرات السنين التي كان فيها نجما وفنانا متعدد المواهب، وأحد أعمدة الأغنية الجزائرية. ويُعرف جمال علام بأغنيته الشهيرة "ماراديوغال" (عندما يعود). وقد ترك بعد رحيله كثيرا من الأغاني الرائعة ذات المحتوى الشعري الرفيع، التي مايزال الجمهور يتعطّش لها، بالإضافة إلى حبه "جوهرة" ؛ الجزائر التي غنى لها كثيرا.

تمكّن صاحب الألبومات الغنية والمتنوّعة في الأسلوب والمواضيع، ببراعة، من المزج بين مختلف الأساليب الموسيقية؛ التقليدية، والحديثة، والشعبية، والروك، والقناوي، والتكنو. وغنى بعدّة لغات؛ الأمازيغية، والعربية الشعبية، والفرنسية؛ للتعبير عن شغفه وإنسانيته. وكان جمال علام مؤلفا، وملحنا، ومغنيا، تقريبا، لجميع أغانيه.

وغنى جمال علام الجزائر، وتاريخها، وجمال مناظرها الطبيعية، وجبالها، وجاذبية مدنها، ولاستقلال وحرية الجزائر، وكذا للحب، والفرح، والمرأة، والنضال؛ من أجل عالم ومجتمع أكثر عدلا، ولكن غنى أيضا، آماله، وخيباته في الحياة. 

وتعبّر نصوصه الرفيعة والتي غناها بصوته العذب والشجي، عن آماله. ويطبعها سعيه الدائم للإنسانية، والمشاركة، والارتباط، ومناجاته المستمرة للعودة دائما إلى الأصل.

وكان الفنان يحب أن يروي أجزاء من حياته الخاصة، ويطلق النكات على المسرح؛ ليقترب أكثر من جمهوره، الذي كان يمازحه، ويضحكه ويجذبه برفق إلى عالمه الموسيقي الساحر.

ولقد اقتحم جمال علام بالإضافة إلى الموسيقى، مختلف الفنون الأخرى؛ من شعر، ومسرح، وسينما، ورسم؛ فلقد كان متعدد المواهب. ووصفه لأجل كل هذا الصحفي والكاتب الراحل، طاهر جاوت، بـ«الطائر المعدني" ؛ في إشارة إلى سعيه الحثيث من أجل الحرية، وإبداعه الفني الغزير. 

وقال المطرب لونيس آيت منقلات في أحد تصريحاته عن جمال علام، إنّ "إرثه سيبقى خالدا إلى الأبد".

المهجر.. أغنية "فافا إنوفا" والعالمية

وُلد جمال علام في 26 جويلية 1947 في آث واغليس، على مرتفعات سيدي عيش في ولاية بجاية. وترك المدرسة في سن مبكرة بعد الانتهاء من دراسته الابتدائية. 

وعند الاستقلال التحق بالمعهد الموسيقي المحلي في بجاية، حيث اكتشف الموسيقى الشعبية والأندلسية تحت إشراف أستاذه الصادق بجاوي.

وفي سنة 1969 غادر إلى فرنسا؛ حيث عمل كتقني في مسرح بمرسيليا. وفتحت له هذه الوظيفة أبواب مستقبله الفني، حيث سمحت له بلقاء كبار الأسماء في عالم الغناء والسينما الفرنسية آنذاك. وهكذا بدأت مغامرة جمال علام الفنية التي استمرت قرابة نصف قرن؛ كمغنّ، ومؤلّف مسرحي، وممثل، ومخرج أفلام، وملحن موسيقى سيمفونية، ورائد الأغنية الجزائرية الحديثة حتى أنه رسم بعض اللوحات الفنية.

وبعد عودته إلى الجزائر عمل كمقدم برامج في القناة الثالثة للإذاعة الوطنية. وظهر، لأوّل مرة، على المسرح في عام 1972 في الجزء الأول من عرض أرزقي وبريجيت فونتين في قاعة "الموقار" بالجزائر العاصمة. 

وفي عام 1974 أصدر جمال علام ألبومه الأول "أرجوث" (دعوني أَروِ) الذي تضمّن أغنيته "ماراديوغال" (عندما يعود) التي حققت نجاحا كبيرا. وأنتج بعد ذلك ألبومات أخرى مثل "أرغو" (أحلام الريح)، و "سي سليمان"، و "زغاريد الملائكة"، و "سمرقند"، و  " قوراية"، و "جبرلتار"، و "سليمو"...

في نفس الفترة كان المطرب إيدير (1949- 2020) أصدر ألبومه الأول الذي تضمّن أغنيته الشهيرة التي كتبها الشاعر بن محمد، "فافا إينوفا" التي نالت شهرة عالمية. وكشف إيدير أن هذه الأغنية كان من المفروض أن يؤديها جمال علام.

وقال المطرب إيدير في إحدى المقابلات الصحفية، إنّ جمال علام "كان الرائد"، معترفا: "لقد شجّعني على غناء فافا إينوفا عندما اقترحت عليه غناءها. وقال لي إنّ هذه الأغنية مِلك لك. وستأخذك بعيدا. وها أنا اليوم هنا بفضله".

ولقد سلك المطربان مصيرا متشابها تقريبا. وتألق كل منهما بطريقته الخاصة بالغناء في جميع أنحاء العالم، ودفع الأغنية الجزائرية الحديثة إلى العالمية.