الأديبة نسيمة بن سالم لـ"المساء":

جل الكتابات النسوية شكوى مفرطة من قساوة الرجل

جل الكتابات النسوية شكوى مفرطة من قساوة الرجل
الأديبة نسيمة بن سالم
  • 953
حاورها: عبد السلام بزاعي حاورها: عبد السلام بزاعي

ولدت من رحم القصة القصيرة، مولعة بكتابتها منذ نعومة أظافرها، كأنها ولدت من رحم الحكي، بحثت عن نفسها قصصيا في المرآة، ثم عكفت على تنويع قراءاتها سياسيا وأدبيا، فضلا عن هضمها تقنيات القص.. إنها ضيفة "المساء" الكاتبة نسيمة بن سالم، التي التقتها على هامش إصدارها مدونتها القصصية "زوجة الرئيس"، وكان لها معها هذه المواجهة الأدبية، ففتحت صدرها للقراء.

* كيف تقدم نسيمة بن سالم نفسها  للقارئ؟

** الكاتبة الجزائرية نسيمة بن سالم، نائب رئيس جمعية "الضاد" للأدب الواعد، ورئيسة نادي "فكر بلا حدود"، كاتبة شعر وقصة ومقال ومشروع روائية.

* حديثنا عن بدايتكِ في عالم الكتابة؟

** بدايتي كانت في مقاعد الدراسة، عندما درست عند واحدة من أحسن أستاذة اللغة العربية، السيدة فطيمة عقون، بمتوسطة "طارق بن زياد" في باتنة، حيث عاقبتني كي أكتب بصدق واحترم اللغة، وأنصاع لقوانين الإبداع والتمرد على البساطة في التعبير والركاكة في السرد، نعم هذه الأستاذة صنعتني، فأصبح نصي يحلل ويدرس في كل أسبوع، كدرس قائم بكل أركانه، ألف تحية وتقدير لها ولأمثالها من الأساتذة المحترمين. منذ ذلك الوقت، تعوّد قلمي السخاء، وفكري البحث، وأصبحت الكتابة هي الحضن والنبض.

* بمن تأثرت الكاتبة بن سالم في بداية مشوارها في عالم الكتابة؟

** لقد تأثرت في بدايتي بعدة كتاب، منهم فاضل السباعي والمنفلوطي، فيكتور هيغو، بالإضافة إلى كاتبة القصة البوليسية أغاثا كريستي، التي بفضل حبكتها ودهائها الفكري، أتقنت بدوري حياكة لغز الجريمة في قصة "زوجة الرئيس"، وتحليله بطريقة احترافية وحصرية في القصة. ورائد التنمية البشرية الكاتب ديل كارنيجي، الذي جعل من التنمية البشرية التي يدعو إليها، تنمية فكرية، واتخذ الهدوء والحكمة لتسيير أحداث القصص، وجعل شخصياتها في منتهي الرقي والتحضر مهما كانت الوقائع والأحداث. أضف إلى ذلك، الكاتب الجزائري بوفتاح سبقاق، الذي فتح عيني على الجرأة في الطرح والانسلاخ  والتجرد من التقليد، وإعادة مواضيع تلاشى وقعها وزمانها.

* حدثينا باختصار، عن مشاركتك في الملتقيات الثقافية وصالونات الكتاب، وهل واجهتك مصاعب تذكر؟

** كان لمشاركاتي في الملتقيات الثقافية وصالونات الكتاب، سواء كاتبة ومنظمة أو منشطة، الأثر الإيجابي على مسيرتي الأدبية، لقائي مع أكبر الكتاب الجزائريين والمهاجرين، خاصة في ملتقى أدب المهجر وأدباء المدينة المنظم في ولاية عنابة، ومشاركتي التي كانت فريدة في مهرجان الربيع الثقافي العنابي، وبرامج أخرى زاخرة بكبار المبدعين والمثقفين.. لم أواجه مصاعب تذكر، لأنني قررت التعلم من التجارب، وقبول الدعوات للملتقيات كمتعلمة قبل أن أكون مشاركة.

* أين تتموقع صورة الرجل في كتاباتكِ؟

** في كتاباتي وجود قوي للرجل، بصفته السند والقوة التي تحتاجها المرأة، أيضا المضحي والضحية في معظم القصص، كقصة "أخي والذئب"، كما أدرجت خصاله وأخلاقة في قصتي "زهرة البابونج" و«قهوة العاشرة"، بالإضافة إلى قسوته واستغلال ضعف المرأة في بعض الحالات في قصة "شقائق النعمان" وبعض من "زوجة الرئيس".

لكن على العموم، أردت أن أعطي للرجل حقه وأوازن بينه وبين المرأة في كل الأحداث، بما أن معظم الكتابات النسوية الحديثة، فيها نوع من الشكوى المفرطة من قساوة الرجل وتسلطه، لكن في الحقيقة ووجهة نظري في هذا العصر، أرى أن الرجل أيضا يعاني من العنف والتهميش وتسلط المرأة التي اقتحمت جميع مجالاته، وزاحمته في حقوقه وسلطت أضواء الاتهام عليه، ولغت الكثير من أدواره في المجتمع، لكن لا تستطيع أن تأخذ محله في مهام صعبة، مثل الأمن الذي يبقى حكرا عليه، فلا نستطيع مثلا بعث النساء لإطفاء الحرائق أو المرابطة على الحدود. نعم فالرجل في كتاباتي هو الأمان والاحتواء.

* ما نوع الدعم الذي يحتاجه المبدع المثقف في الوقت الراهن؟

** يحتاج المثقف والمبدع في الوقت الراهن، إلى تثمين ما يقدمه من إبداع وفكر حديث، ذلك الاحتراق الذي ينتج رصيدا هائلا، يساعد على تهذيب وتثقيف وتوعية الأجيال، يجب أن يخرج من رفوف المكتبات إلى الواقع الملموس، بالترويج والدعم المادي والمعنوي.

* من الذي شجعك على خوض مجال الكتابة القصصية؟

** كتابة القصة هي أولى كتاباتي السابقة قبل القصيدة، والذي شجعني أكثر هو الواقع والأحداث الراهنة، التي تسمح بفتح مواضيع مغايرة، يسهل على كاتب القصة أن يبدع فيها أكثر.

* دعينا نتحدث عن مستوى الكتابة العربية بجميع فروعها، وهل من ترويج لها، وهل تعتقدين أنها أدركت العالمية؟

** مستوى الكتابة العربية، رغم قوة مواضيعها وطرحها، إلا أن الترويج لها يبقى العائق الذي يطفئ وهجها، فهذا الحق مستحيل بالنسبة لأغلب الكتاب، رغم هذا، أنا أشجع الإصدارات التي تكون تأشيرة نحو كل العالم، لا تستثني أو تستبعد أي موضوع، العالم مفتوح والإنسان أصبح عالميا والمفكر أيضا، فقط الحرص على جودة الترجمة، حتى لا تقضي على المعنى والفكرة المرجوة.

* هل تعتقدين أن الكتابة تندرج تحت مسمى الهواية أم الموهبة؟

** سؤال في الصميم، يجرنا إلى الحديث عن الكتابة، باعتبارها موهبة تولد مع الإنسان، مع الوقت يهذبها ويؤطرها ويتخذ منها واجبا وحقا له لابد من احترامها وتقديسها.

* بالعودة لقصتك "زوجة الرئيس"، ما هو مدلول الرسالة التي تحاولين إيصالها للقارئ؟

** الرسالة الموجهة للقارئ، من خلال "زوجة الرئيس"، أن الكتابة ليست فقط متعة وسردا، بل رأي وفكر ووجهات نظر، قد تكون بابا وستارا يفتح لأول مرة، لا بد له من الاطلاع عليه.

* كيف تقييمين الواقع الثقافي بباتنة؟

** مادام يوجد إقبال على معارض الكتاب والملتقيات الفكرية من طرف الشباب، فثمة شعور حقيقي بانتعاش الحقل الثقافي بباتنة، في وجود طاقات شابة مبدعة، والواقع الثقافي في باتنة في تحسن مستمر.

* ماذا تقول بن سالم في ملخص عن "زوجة الرئيس"؟

** "زوجة الرئيس" مجموعة قصصية صدرت لي عن دار "سيفار" للطباعة والنشر والتوزيع، في 150 صفحة، تضم 15 قصة، 14 منها اجتماعية، أحداثها حصرية موجهة لجميع الفئات العمرية، مهذبة تنقل أخلاق مجتمع تتصارع فيه القيم بين الماضي والحاضر، والانكسارات التي تجبرها الحكمة اللاهية والصبر، بالإضافة إلى بعض مشاهد الطفولة التي اتسمت بالنضج. والقصة الرئيسية "زوجة الرئيس" لها حصة الأسد في المجموعة، هي نوع آخر من الفكر.. جديد لم يسبق لأحد أن كتب في هذا الموضوع، أراء حول المسكوت عنهم في طبقة المسؤولين والحكام، بين النزاهة والفساد وبين ردود فعل الشعوب والحكومات. للقصة طابع عالمي ووجهات نظر في مواضيع اجتماعية واقتصادية وإنسانية، موجه للفئة الراشدة.

* كلمة أخيرة لقراء "المساء".

** أشكر جريدة "المساء"، التي خصتني بهذا الحوار، وضربت لي موعدا مع قرائها الكرام.. كما أشكر القائمين على الصفحة الثقافية للجريدة.