فيلم «لم نكن أبطالا» لنصر الدين قنيفي
جحيم النازية في بوغار

- 2345

يبدو أن الفيلم الروائي الطويل «لم نكن أبطالا» للمخرج نصر الدين قنيفي مستفزٌ من زاوية العنوان، لكنه يعبر عن شجاعة واعتدال في سرد وقائع أسرى من صفوف جيش التحرير بمحتشد موران في بوغار بولاية المدية، أثناء الفترة الاستعمارية، إذ يكشف العمل وحشية الاحتلال ويندد بالجنود النازيين في سابقة تعد الأولى.
نقلا عن رواية «المحتشد» لعبد الحميد بن زين، اشتغل المخرج في أولى تجربة سينمائية روائية له، على جعل العمل قريبا من القصة التي جرت وقائعها فعلا بمحتشد موران ببوغار ولاية المدية، إذ اقتضى الأمر إجراء التصوير في فضاء مغلق، مما أفرز نوعا من الضجر، ذلك أن قنيفي لم ينعشه بالتفاصيل الدقيقة والتعبير عن عمق الأسى وشدة العذاب، وهذا بالتمثيل وليس بالخطابات أو مثلما فعل. لم تخرج الكاميرا من المحتشد، إذ اقتصرت المشاهد على لوحات التعذيب والتنكيل وإهانة الأسرى الجزائريين، في جرعة زائدة عن اللازم، وأغفلت جانب شخصية عبد الحميد بن زين (أحمد رزاق) الصحفي والشيوعي المناضل من أجل الاستقلال، حيث أبرز المخرج هذه الشخصية في ثوب ضيق لا يعدو أن يكون مطالبا بحقوق أسرى الحرب التي أقرتها اتفاقيات جنيف.
وتدور أطوار القصة بين عامي 1961 و1962، اختزله الفيلم في زمن قدره 115 دقيقة، شابه في العديد من اللوحات لغة الخشب، أشبه بدروس وعظ، السينما في غنى عنها، كما أن الأجواء التي وفرها الفيلم لم تتطابق مع مضمونه، فمثلا مشهد لعبد الحميد بن زين في فصل الشتاء، لكنه يرتدي لباسا داخليا فقط، ثم أن المخرج لم ينتبه ليوحي للمطر أو رعد ليثق المشاهد أو المتلقي في زمن الأحداث، لكن العمل بالمجمل جيد مقارنة بعدد كبير من الأعمال التي أنتجت في الفترة الأخيرة.
ويعاب على العمل أيضا غياب الحركة، فمشاهد الاغتيال التي وجبت التصوير تم تجاوزها إلى مشاهد محتشمة، وحتى وإن أعاز المخرج لانعدام الوسائل، كانت أفكار أخرى أكثر ملائمة وأشد حماسا تعوّض النقص، وترفع من حماس المتلقي، خاصة مع عدد من الممثلين الجيدين الذين أظهروا صدقا في الأداء على غرار مجسد دور «معمر السنوسي»، وعدد من الممثلين الفرنسيين.
وأُنتج الفيلم ضمن مناسبة الاحتفال بالذكرى الخمسين للاستقلال، استغرق 5 سنوات لإتمامه، عرض صباح أمس بقاعة «ابن زيدون» بالجزائر العاصمة، لفائدة الصحافة، وأعيد عرضه مساء للجمهور العريض.