صدور "الآليات الاستعمارية الفرنسية لمصادرة الأراضي في الجزائر"

تفكيك للمنظومة القانونية والإدارية للاحتلال

تفكيك للمنظومة القانونية والإدارية للاحتلال
  • 363
مريم. ن مريم. ن

نشر الباحث  الدكتور حرمة عبد الكريم، مؤخرا، باكورة أعماله التأليفية، المتمثلة في كتاب "الآليات الاستعمارية الفرنسية لمصادرة الأراضي في الجزائر (1830–1900م): دراسة تاريخية تحليلية"، الصادر عن دار صوت الكتب للنشر والتوزيع بالعاصمة. ويسعى هذا البحث إلى تفكيك المنظومة القانونية والإدارية والسياسية التي اعتمدها الاحتلال الفرنسي للاستيلاء على الأراضي الجزائرية.

يُعد الكتاب دراسة علمية موثقة، سعى فيها الدكتور حرمة عبد الكريم إلى تفكيك المنظومة القانونية والإدارية والسياسية خلال الحقبة الاستعمارية للاستيلاء على الأراضي الجزائرية، مع إبراز آثارها العميقة في البنية الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع الجزائري خلال القرن التاسع عشر.  وقد استند هذا الكتاب إلى قراءة نقدية للوثائق الرسمية والمصادر التاريخية، في محاولة للإسهام في تعميق البحث الأكاديمي حول سياسات الاستعمار، وآليات الهيمنة، وإغناء المكتبة التاريخية بدراسة تقارب الموضوع من زاوية تحليلية موثقة.

ويفصّل الكتاب في جريمة كبرى من جرائم الاستعمار الفرنسي في الجزائر، وهي جريمة مصادرة الأرض التي لم تكن مجرد إجراء إداري عابر، بل كانت سياسة ممنهجة، وأداة اقتلاع للإنسان من جذوره، وكسر لبنية المجتمع، وتجفيف لمصادر العيش والكرامة، وبالتالي فكك هذا الكتاب الآليات القانونية والاقتصادية والعسكرية، التي سخّرت لشرعنة السلب، وكشف زيف الخطاب الاستعماري الذي توارى خلف شعارات التنظيم والتحديث. ويُعد هذا الكتاب مرجعا للباحثين والمهتمين لفهم واحدة من أخطر أدوات الاستعمار وأعمقها أثرا. وسيثري، بلا ريب، المكتبة التاريخية الجزائرية. ويساهم في تعميق الوعي بواحدة من أخطر قضايا الاستعمار، وأشدّها أثرا على بنية المجتمع والدولة.

للإشارة، فقد تحدّث المؤلف بإسهاب عن فرض القوانين التعسفية كأساس لإخضاع الشعب الجزائري. وناقش، أيضا، جهود الاحتلال لتشجيع الاستيطان الأوروبي، مستعرضا تأثير هذه السياسات على المجتمع الجزائري المسلم، بالإضافة إلى تداعياتها على الإدارة الاستعمارية والمستوطنين، من خلال استنزاف واستغلال الموارد الوطنية والثروات الاقتصادية للبلاد.

كما يقدّم الكتاب قراءة تحليلية شاملة للتداعيات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لهذه الإجراءات على بنية المجتمع الجزائري، وذاكرته الجماعية. الكتاب يعكس حرص المؤلف على استخدام منهجيات البحث، وتحليله للوثائق التاريخية، علما أن الدكتور حرمة عبد الكريم شارك في ندوات وملتقيات علمية وطنية ودولية، ونشر مقالات محكمة في مجلات متخصصة؛ ما عزز حضوره الأكاديمي، وإسهامه في الدراسات التاريخية، ناهيك عن امتلاكه خبرة في التعليم العالي من خلال تأطير الطلبة، وتنمية مهاراتهم في التفكير النقدي، والتحليل التاريخي. ومايزال مواصلا جهوده البحثية لتطوير مشاريع علمية تخدم المجتمع، وتوثق الذاكرة المحلية والوطنية، مسلطا الضوء على الرصيد التاريخي والثقافي والاجتماعي، خاصة بالصحراء منها منطقة أدرار  ضمن إطار منهجي أكاديمي رصين.