معرض الفنان مقبض بالمركز الثقافي مصطفى كاتب

تجديد الإبداع والبحث عن فرص التكوين

تجديد الإبداع والبحث عن فرص التكوين
  • القراءات: 787
❊مريم .ن ❊مريم .ن

يحمل الفنان صالح مقبض، كعادته في كلّ معرض جديده ليهديه لجمهوره الواسع المولع بإبداعاته واكتشافاته، ثم يجلس مبتسما في وجوه الزائرين ليفصّل في كل لوحة، ويقرأها مباشرة للجمهور، ويعكس الدور ليستمع إلى ما يقوله الزائر عن كل عمل قدّمه، مؤكّدا أنّ هذا الدور لا يقلّ أهمية عن العرض كونه إثراء له، واحتراما لجمهوره.

أشار الفنان مقبض، خلال حديثه إلى "المساء" إلى أنّ معرضه "حروفيات" الذي تستمر فعالياته حتى نهاية الشهر يتضمن 33 لوحة، وأغلبها في الخط العربي المعاصر، موضّحا أنّه ملتزم بالتجديد في فن الحروفيات سواء من حيث الخط أو اللون أو الشكل أو الجمل المكتوبة والمنتقاة بعناية وإحساس، ومؤكدا في نفس الوقت أنّه لا يكرّر نفسه ويحاول أن يضيف ويغيّر في كلّ مرة، وهذا هو الإبداع ـ حسبه ـ كما أنّ الجديد يكون بمثابة احترام للجمهور.

وأكّد الفنان أنّه استعمل في هذا المعرض تقنيات جديدة منها البعد الثالث، حيث أصبح الحرف بارزا وخارج المساحة المسطحة للوحة، كما أوضح أنّ الحرف العربي أصبح يواكب كلّ الحركات الفنية، ويجاري كلّ الحركات ليثبت وجوده ويلفت الانتباه إليه أكثر.

قال الفنان مقبض، لـ«المساء" إنّ الجمهور الأجنبي الذي زار معارضه السابقة سواء في الجزائر أو في الخارج، أعجب بما قدّمه وارتبط كثيرا بالحرف العربي وانتقى العديد من لوحاته (فاق الـ200 لوحة) رغم أنّه لا يفهم العربية وحروفها لكنه أدرك جمالها قبل معناها، وهنا يؤكّد أنّ اللغة العربية أكبر من الفنان الذي لا يضيف سوى لمساته فقط، كما أنّ العربية لغة قديمة جديدة وتبقى حيّة على الدوام، وهي موجودة في أرشيف الدول الكبرى بكثافة، وفي الدورات التعليمية الدولية، وأصبح الأجانب اليوم يتعلّمونها وهذا ما وقف عليه حين كان يكوّن الأجانب في ورشات الخط حينما كان مقيما بالإمارات، حيث كانوا يجلسون على الأرض مستمتعين ليتعلموا، كما كان الأجانب هناك يقتنون لوحاته ويحملونها معهم خاصة إلى أمريكا واستراليا وأوروبا.

في الجزائر لا زالت هناك وعود ينتظر مقبض تحقيقها ليزاول التكوين بشكل دائم، علما أن تجاربه السابقة في تكوين المواهب أتت بأكلها، فلقد تخرج على يديه 30 فنانا خطاطا منهم 10 فنانين دخلوا مجال الاحتراف، وهنا يقول "إذا ما انتشرت مدارس التكوين في مجال الفن، وشاعت المنافسة، ارتقى المجتمع في سلوكه وذوقه".

من جهة أخرى، حثّ الفنان على الاهتمام بفن الخط في مدارسنا كما كان في السابق، بالنظر إلى تراجع الخط سواء عند التلاميذ وأحيانا أيضا عند الأساتذة، علما أنّ الخط مهم في التحصيل وكذا في أوراق الامتحانات، كما أبرز المتحدث أهمية الخط في المراسلات الرسمية (هيبة الدولة) وعلى أعلى مستوى علما أن رئاسة الجمهورية، عندنا عرفت ذلك وتعاملت مع خطاطين، وكذلك الحال مع دول أخرى مثل مصر مثلا حيث كان بعض رؤسائها يتقنون الرسم منهم الراحلين جمال عبد الناصر والسادات وكان معلمهما الخطاط الشهير غزلان.

للإشارة عرف المعرض إقبالا كبيرا من الجمهور خاصة بعد فتح باب إضافي يدخل مباشرة إليه، وكان من بين الزوار الذين صادفتهم "المساء" السيد عبد الرحمان عرعار، رئيس الشبكة الجزائرية للدفاع عن حقوق الطفل "ندى" الذي أعجبه المعرض وطلب من الفنان أن يقيم دورات تكوينية للأطفال في الخط العربي ووافق على ذلك.

أشار الفنان إلى أنّ انطباع الجمهور كان ايجابيا، وقال بعضهم إنّ اللوحات لا تسبّب الملل فيها روح فنية والكثير من الخبايا والجديد، كما أكّد الفنان مقبض، أنّ للجمهور قراءاته العجيبة الذي يستفيد هو منها سواء في الحرف أو الشكل ما يدلّ على غنى الحرف العربي بعناصر الجمال، وبالتالي سلّم هذا الحرف الذي يتبدل ويتشكّل لوحده، وما الفنان سوى موظّف عنده، ويكفيه جمالا أنّه جميل بحد ذاته، مضيفا أنه ينبهر بلوحته قبل جمهوره خاصة بعد أن يراها بعين متفرج.

الملاحظ في هذا المعرض التنوّع في اللوحات، حيث لا يمكن للعين أن تستقر على أسلوب واحد ولا على تقنيات بعينها، ما يعكس مدى التجريب والخبرة والتمكّن، والغوص إلى عوالم جديدة يكمن فيها الثمين المبهر.

واستعمل الفنان الأحبار الطبيعية والحبر الأسود الصيني على القماش وغيرها، وما يلاحظ أنّ كلّ لوحات هذا الفنان مدلّلة تظهر عليها ملامح العزّ والتحضّر وبالتالي استحقت منه الرعاية فكانت هي ومن كان قبلها من لوحات مقبض سفيرة للجزائر في الخارج واستقر بها الرحال في بريطانيا، والولايات المتحدة الأميركية والإمارات العربية المتحدة، وغيرها من بلدان العالم.

لوحات أخرى تحمل حروفا متطايرة، كما أنّه أحيانا يسقط من الحرف نقطته أو يجعلها الفنان في أسفل اللوحة أو باهتة ليدلّ بها على أنّ الوفاء أصبح غائبا أو كرمز للإنسان البعيد، أما كثرة الحروف في اللوحة فهي لا تزعج لأنها تشبه الأوركسترا التي تعزف على نوتة واحدة، وقد وصف مقبض الحرف على أنه الفنان البارع الذي يلعب الدور فوق الخشبة وهذه الأخيرة ماهي إلا اللوحة.